قفا عَلِّلا قبلَ التفرقِ عانيا
فقربُ النَّوى سحق النَّوى قد عنانيا
بفيك البرى يا ناعبًا بفراقِنا
فما كنتَ إِلاّ للميّمِ ناعيا
تحمَّلتُ من حبي المليحة ما إذا
تحمَّله رأْسٌ تزعزعَ هاويا
فمنْ مدمعٍ خدَّ المحاجرَ هاميا
وَمِنْ حرِّ وَجدٍ صَدَّعَ القلبَ ذاكيا
لها اللهُ من مفتونةٍ بجمالها
فما موضعٌ من قلبها لي خاليا
وَلستُ بذي بذلٍ فتطمع بالندى
وَلا ذي جمالٍ يستبيها جماليا
ملوَّزةَ العينين معسولةُ اللمى
كأَنَّ بعينيها من السقمِ ما بيا
لها ساعدٌ غضٌ كطومارِ فضةٍ
وَآخر كالجُمّارِ أَمطرَ غاديا
سُحرتُ بعينيها وَلينِ حديثها
وَلم أَلف من سحريحما لي راقيا
وذي خطلٍ أَمسى يلوم عَلَى الهوى
ويزعمُ أَنْ لا عذرَ في جهاليا
مررتُ كما مرَّ الكريمُ بلغوةٍ
وعذت بحلمي أَن أُساجل لاغيا
وليس بحبّيها عليَّ غضاضةٌ
وقد عفَّ عن نيلِ الحرامِ ردائيا
وَليلٍ كأَنَّ الحشرَ آخر عمرِه
أَهاجَ بيَ الشوقَ المبرّحَ ساجيا
كأَنَّ اضطرابَ النجمِ والليلُ عيلمٌ
سفائنُ تزجيها الرِّياحُ سوافيا
قعدتُ إلى أنْ لاح للفجرِ نهدة
كأشمط في لجٍ يعالج طافيا
وَبرق بدا فيه كأَنَّ وميضَه
تأَججُ نيرانِ الهوى في فؤاديا
إذا اكتحلتْ عينُ المحبِّ به يبتْ
ومضجعه عنه إلى الفجرِ نابيا
تأَلَّقَ شرقيًا ففاض لِلَمْعِهِ
من الدمعِ غربٌ كاد يحكي السوانيا
ووُرْقٍ ورى قلبي نديُّ لحونِها
تغنتْ عَلَى فرعٍ فأجشهتُ باكيا
ظللنا تروّيني حديثَ شجونِها
وأَنشدها فيمنْ أَحب القوافيا
قوافي (حبيب) قَدْ تخذها حبيبةً
وعنها الرضيُّ الموسوي باتَ راضيا
لها عَلَقٌ بالنفسِ والقلب لوطةٌ
ودرك لحاجاتِ النفوسِ كماهيا
أَنارتْ معانيها وأَعربَ لفظُها
وقد متنتْ رصفًا وَرَقَّتْ حواشيا
أَبان بها عما يجمجمُ شاعرٌ
ترفَّعَ عن مدحٍ ولم يك هاجيا
وما الشعرُ إلا ما الهوى قاذفٌ به
ومن كذبٍ خلوًا وعوراءَ خاليا
أَما والَّذي ساطَ الهوى بجوانحي
وملَّكَ سكرى المقلتين جنانيا
وددتُ لو اني ميتٌ علَّ رحمةً
تخامرُ قلبًا من (نهيلة) قاسيا
كفى حزنًا أَني إذا لجَّ بي الهوى
وَصدَّع قلبي لم أجدْ لي مواسيا
وَإني لاخشى (المغربي) وَ (شيخه)
إذا بحتُ يومًا بالهوى زندقانيا
وَلولا أخٌ قَدْ نَفَّسَ الكربَ مرةً
لأمسيتُ قبل اليومِ في القبر ثاويا
رأى ما رأَى بي من تباريحِ حبِّها
فقام بما أَعيا الطبيب النطاسيا
فداءٌ (لداغستان) نفسي من اجله
فقد كان لي مِنْ فاتِك الهجر واقيا
وَيومٍ خلونا فيه من غير ريبة
تقطع ذكراه حنينا نياطيا
هوى صاحبي نحو الخدود مقبلا
وَأَحجمت كالمبهوتِ مما اعترانيا
وَرب قصيدٍ يبعثُ الوجدَ سحرُه
أَهاج بيَ الذكرى وَما كنت ناسيا
أَلان لمعناه المقالة ربه
فأَبقى به (شيخ المعرةِ) عاريا
رأيتُ به ما يعجز الوهمَ دركه
وَيرتدُّ عنه ناظرُ الفكرِ عاشيا
ففيه حياءُ الرودِ سيط بدلِّها
وَفيه دموعُ الصبِّ ينشج نائيا
وَتمتال وَجداناتِ كلِّ متيمٍ
يقصرُ عَنْ إِدراكها اللبُّ كابيا
فأَنشأْتُ أَذري الدمعَ لمَّا تلوته
وَأَذكرُ أَيامًا خَلَتْ ولياليا
ليالٍ وددنا لو تدومُ وأَنها
يزادُ بها من ناظريَّ سواديا
أقولُ وقَدْ طال الجفا وطغى الجوى
ولجَّ الهوى والشَّوق أَجهز عاتيا
خليليَّ شدا فوق قلبي فإِنَّه
تصوَّح للقيا وللقربِ صاديا
ولولا الَّذي لاقاه (قيس) ببيته
لردَّدته لمَّا رأَيت التجافيا
(قضاها لغيري وابتلاني بحبها
فهلاّ بشيءٍ غير (ليلى) ابتلانيا)
عَلَى مثلِ هذا بات تذهبُ نفسَه
فتاك شعاعًا فلتكنْ أَنت باقيا
0 تعليقات