عفت اليراع ساءمة وفرارا لـ يعقوب صروف

عفت اليراع ساءَمةً وفرارا
من بادراتٍ تلجم الأفكارا

وخرجت في ليل كأَن نجومهُ
احقاق فصفور أصابت نارا

جبتُ الجزيرة لا أرى لي مؤنسًا
والنيل حولي لا يزيل أوارا

حتى بدا نور الصباح فشمتهُ
نور الهدى فاتيثهُ محضارا

وطلبت عن هذا الوجود وسرهِ
كشفًا يزيح عن الوجود ستارا

فأجابني سرُّ الوجود صحيفة
طويت فقلتُ انشر امنت عثارا

فتشتُ عن سر الوجود وقصدهِ
وسأَلتُ عنهُ النطس والاحبارا

طالعتُ ما كتبوا فما من مقنع
وكتبت ما قالوا فلستُ أُمارى

أسماك هذا النيل لا تحصى وفي
تاريخها قد جازت الادهارا

عاشت وماتت بين حبٍّ أو قلىً
تحنو وتقسو لا هوىً لا ثارا

حربًا وسلمًا واعتداءً واحتكا
مًا لا ترى منها لها انصارا

وطوائف الأحياءِ يعي وصفها
قسَّ البيان وعدُّها المقدارا

من مثل مكروب حقير لا يرى
أو مثل تمساح طوى الأنهارا

والنيل قُل ما شئت في تعظيمهِ
نهر جرى كي يدرك الابحارا

لو الف نيل جُمّعت ما ماثلت
من اوقيانوس واحد معشارا

بحر خضمٌّ والخلائق ملئهُ
تبغي البقا والى الفنا تتبارى

كانت كذلك في العصور الغابرات
المبقيات على الصفا آثارا

منها تولَّدت الصخور وطالما
قلب غدا صخرًا وماءٌ غارا

والطيرُ في أنواعها وضروبها
سامت ذكاءَ تحلُّقًا ومطارا

أسرابها تغدوم وتقطع رُحَّلًا
خوف الردى والى الردى تتجارى

ونبات هذي الأرض من أرز إلى
زوفا يبيد وان يعش اعصارا

فعلام هذا الخلق إن كان
الفناءَ مصيرهُ والناس فيهِ توارى

فأجابني رِكز خفيٌّ قائلًا
اسمع وقل قولي امنتَ عثارا

هذي الخلائق كلهنّ دقائقٌ
والكون من مجموعها قد صارا

والفرد فيها ليس من مجموعها
الاَّ هباءً أو قذًى منهارا

ورقيُّ هذا الكون يستدعي
اندثار دقائق ونفايةً وبوارا

هذهِ تعاليم الفلاسفة الأولى
جعلوا دجى الليل البهيم نهارا

أنموت في سبل الرقيّ ضحيةً
ونصير من أجل الرقي غبارا

نورَ الخلائق مصدر النور الذي
يهدي الكواكب في السماء مدارا

إن لم تنر عقل ابن آدم لم يجد
نور الهدى بل زاد عنك نفارا

فاهدِ أيا نور البصائر معشرًا
تخذوا الحقيقة خلةً وشعارا

انضوا عوامل عقلهم فتثلمت
واستوقفوا المبغى فزاد فرارا

ظُلَمٌ ونور العقل قصَّر عن هدىً
وبغير نورك لا نشيم منارا

إرسال تعليق

0 تعليقات