مضوا يظلمون الليل لا يلبسونه لـ ابن عبدون

مَضَوا يَظلِمونَ اللَيلَ لا يَلبسونهُ
وَإِن كانَ مِسكِيّ الجَلابيبِ ضافِيا

يُؤمّونَ بيضًا في الأَكِنَّةِ لَم تَزَل
قُلوبُهُم حُبًّا عَلَيها أَداحِيا

وَأَغربَةُ الظَلماءِ تَنفُضُ بَينَهُم
قَوادِمَها مَبلَولَةً وَالخَوافِيا

إِذا مَرَقوا مِن بَطنِ لَيلٍ رَقَت بِهِم
إِلى ظهرِ يَومٍ عَزمَةٌ هِيَ ما هِيا

وَإِن زَعزَعَتهُم رَوعَةٌ زعزَعوا الدُجى
إِلَيها كُماةً وَالرِياح مَذاكِيا

وَلَو أَنَّها ضَلَّت لَكانَ أَمامَها
سَنا عمرٍ في فَحمَةِ اللَيلِ هادِيا

وَصَلَّت بِهِ الهَيجا عَلَيهِ وَسَلَّمَت
فَما ارتَضَيا حاشاهُ ساقًا وَساقِيا

هُمامٌ أَقامَ الحَربَ وَهيَ قَعيدَةٌ
وَرَوّى القَنا فيها وَكانَت صَوادِيا

شَريفُ المَطاوي تَحتَ خَتمِ ضُلوعِهِ
تَميمَةُ تَقوى رَدَّتِ الدَهرَ صاحِيا

إِذا قُرِئَت لا بِالنَواظِرِ طبّقت
سُرى أُختِها ذاتِ البُروجِ مَساعِيا

وَهَديٌ لَو استَشفى المُعَنّى بِرَوحِهِ
لَما كانَ بِالوَجدِ المُبَرِّحِ صالِيا

وَرِقَّةُ طَبعٍ لَو تَحَلّى بِها الهَوى
لأَعدى عَلى عَصرِ الشَبابِ البَواكِيا

إِلَيهِ أَكلتُ الأَرضَ بِالعيسِ ثائِرا
وَقَد أَكَلَت مِنها الذُرى وَالحَوامِيا

حَوافِيَ لا يُنعَلنَ وَالبُعدُ آذن
عَلى نَفسِهِ إِلّا الوَجى وَالدياجِيا

فَجاءَتهُ لَم تُبصِر سِوى البِشر هادِيًا
وَسَلهُ وَلَم يَسمَع سِوى الشُكرِ حادِيا

هَوادٍ عَلى أَعجازِها قيمُ النَدى
فَأَربح بِنا مَشرِيَّ حَمدٍ وَشارِيا

أَلِكني أَلِكني وَالسِيادَةُ بَينَنا
إِلى مولَعٍ بِالحَمدِ يَشريهِ غالِيا

إِلى آمِرٍ في الدَهرِ ناهٍ إِذا قَضى
عَلى كُلِّ مَن فيها أَطاعوهُ قاضِيا

وَحَيّوهُ لا راجينَ رَجعَ تَحِيَّةٍ
وَإِن كانَ جودًا لا يُخَيّبُ راجِيا

إِلَيكَ ابن سَيفي يَعرُبٍ زَفَّ خاطِري
عَقائِلَ لا تَرضى البُروجَ مَغانِيا

وَإِنّي لِأَستَحيي مِنَ المَجدِ أَن أَرى
عَلَيَّ لِمَأمولٍ سِواكَ أَيادِيا

وَأَنّي وقَد أسلَفتني قَبلَ وَقتِهِ
مِنَ البرِّ ما حازَت خُطاهُ الأَمانِيا

وَأَيقَظتَ مِن قَدري وَما كانَ نائِمًا
وَأَبعَدتَ مِن ذِكري وَما كانَ دانِيا

وَلَكِن نَبا مِن حُسنِ رَأيِكَ في يَدي
أَظُنُّ حُسامًا لَم يَجِدنِيَ تالِيا

وَلَو لَم يكُن ما خِفتُ لا خِفتَ لَم أَجِد
عَلى غَيرِ ما أَخدَمتنيهِ اللَيالِيا

إِلى مَن إِذا لَم تشكني أَنتَ وَالعُلا
أَكونُ بِما أَلقى من الدَهرَ شاكِيا

وَأَنتَ عَلى رَفعي وَوَضعِيَ حُجَّةٌ
فَكُن بي عَلى أولاهُما بِكَ جارِيا

وَما أَسَفي إِلّا عَلى فَوتِ رُتبَةٍ
عَهِدتُكَ فيها بادِيًا وَمُبادِيا

وَكَون مَكاني مِن سَمائِك عاطِلًا
وَلَولا مَكاني الدَهر ما كانَ حالِيا

وَإِنَّ كَسادي رَأسَ أَلف صِناعَةٍ
لَيَترُكُ وَسمًا في السِيادَةِ بادِيا

فَرَدَّ المُنى خضرًا تَرفّ غُصونها
بِمَبسوطَةٍ تَندى نَدىً وَعَوالِيا

عَوالٍ إِذا ما الطَعنُ هَزَّ جُذوعَها
تَساقَطَتِ الهَيجا عَلَيكَ مَعالِيا

وَعاوِن عَلى استِنجازِ طَبعٍ بِهَبَّةٍ
ترقّصُ في أَلفاظِهنَّ المَعانِيا

وَأَجعَلُ أَرضَ الرومِ تَجلو تِلاعُها
عَلَيكَ زَرودًا وَالحِمى وَالمَطالِيا

وَقَد نَشَرَت مِن ذي القُروحِ وَخالهُ
وَعَمرُو بن كُلثومٍ عِظامًا بَوالِيا

وَقيلَ لَهُم مَن ذا لَها فَتَخَيَّروا
أَخيرًا يَبُذُّ القائِلينَ الأَوالِيا

فَإِن نُسِقوا عَلى الوَلاءِ وَلَم يَكُن
بِذَلِكَ فَاجعَل مِنهُ ظِلَّكَ عارِيا

وَعَزَّ عَلى العَلياءِ أَن يُلقِيَ العَصا
مُقيمًا بِحَيثُ البَدر أَلقى المَراسِيا

وَمَن قامَ رَأيُ ابنِ المُظَفَّرِ بَينَهُ
وَبَينَ اللَيالي نامَ عَنهُنَّ لاهِيا

إرسال تعليق

0 تعليقات