إلى القوم الألى جمعوا الجموعا (غزوة ذات الرقاع) لـ أحمد محرم

إلى القومِ الأُلى جمعوا الجموعا
إلى نَجدٍ كفَى نجدًا هُجوعا

أبتْ شمسُ الهدى إلا طُلوعا
ففاضَ شُعاعُها يغشى الرُّبوعا

ويسطعُ في جوانِبها سُطوعا
إلى غطفانَ إنّهُمُ استعدُّوا

وظنَّ غُواتُهم أن لن يُهدُّوا
بَني غَطفانَ جِدُّوا ثم جِدُّوا

جَرى القَدرُ المُتاحُ فلا مردُّ
بني غطفانَ صَبرًا أو هلوعا

مشى جُندُ النبيِّ فأيُّ جندِ
وأين مضى الألى كانوا بِنَجْدِ

تولَّى القومُ حَشْدًا بعد حشدِ
حَذارَ البطشِ من جِنٍّ وأُسْدِ

ومن ذا يشتهِي الموتَ الفظيعا
نساءَ الحيِّ ما صنعَ الرجالُ

أمكتوبٌ عليكنَّ القتالُ
لَكُنَّ الأمنُ إن فزعوا فزالوا

أما ومحمدٌ وهو الثَمالُ
لقد نلتنَّهُ حِرزًا منيعا

إليهِ إليهِ إنّ بكنَّ ضعفا
وإنّ بهِ لمرحمةً وعطفا

وفيه من التُّقى ما ليس يَخفى
وما حاولتُ ترجمةً ووصفا

فلستُ لمثلِ ذلك مُستطيعا
نزيلَ الشِّعبِ من يحَمِي سواكا

ولكن قل تَبارَكَ من هداكا
أترقدُ هاهنا وهمو هناكا

أما مِن كالئٍ يُرجَى لذاكا
إلى أن يبعثَ اللهُ الصّديعا

ألا طُوبى لعبّادِ بن بشرِ
وعَمّارٍ كفايةِ كلِّ أمرِ

رسولَ اللهِ نحن لهم ويَجرِي
قضاءُ اللهِ إن طرقوا بِشرِّ

كعهدِكَ إذ جرى سمًّا نقيعا
وأجرَى الأمرَ عَبّادٌ سويّا

فقامَ ونامَ صاحبهُ مَلِيَّا
وكان بأن يُناصِفَه حَرِيّا

مُحافظةً على المثلى وبُقيا
قَرِيعُ شدائدٍ وافى قريعا

لِرَبِّكَ صلِّ يا عبّادُ فردا
وَزِدْ آلاءَهُ شُكرًا وحمدا

ومُحكَمُ ذكرهِ فاجعلْهُ وِردا
فإنّ له على الأكبادِ بَردا

وإنْ أذكى الجوانحَ والضُّلوعا
ولاح سوادهُ فرماهُ رامِ

أتى إثرَ الحليلةِ في الظلامِ
فَديتُكَ يا ابن بشرٍ من هُمامِ

أما تنفكُّ عن نزعِ السِّهامِ
تُحامِي عن صلاتِكَ ما تُحامِي

وجسمُك واهنُ الأعضاءِ دامِ
أمالكَ يا ابن بشرٍ في السَّلامِ

وقد جَرتِ الدِّماءُ على الرغامِ
ألا أيقِظْ أخاك من المنامِ

كفاكَ فقد بَلغتَ مدى التمامِ
وما تَدَعُ القُنوتَ ولا الخشوعا

رأى عمّارُ خَطبكَ حين هبَّا
فلم يرَ مِثلَهُ من قبلُ خطبا

يقولُ وَنفسُه تنهدُّ كربا
أيدعوني الحِفاظُ وأنت تأبى

لقد كُلّفتُ أمرًا منك صعبا
ولو أيقظتني لشَفيتَ قلبا

جرحتَ سوادَه جُرحًا وجيعا
وأبصرَ شخصَه الرامي الملحُّ

فزلزلَ قلبَهُ للرُّعبِ نَضْحُ
وأمسك منه تَهتانٌ وسحُّ

وما إن راعه سَيفٌ ورُمْحِ
ولكنْ مسّه خَبَلٌ فَرِيعا

تولَّى يخبط الظلماءَ ذُعرا
ويحسب دِرعَهُ كَفَنًا وقبرا

ألا أدبِرْ جزاك اللهَ شرّا
ظَفِرتَ بصابرٍ وأبيت صبرا

فآثرتَ الهزيمة والرجوعا
وجاء غُويرِثٌ يبغي الرسولا

ويطمَعُ أن يُغادِرَهُ قتيلا
كذلك قال يستهوِي القبيلا

غُوَيرِثُ رُمْتَ أمرًا مستحيلا
فهل لك أن تثوبَ وأن تريعا

أتيتَ مُحمدًا تُبدي السَّلاما
وتُخفِي الغيظَ يضطرمُ اضطراما

تقول مُخاتِلًا أرِني الحُسَاما
وتأخذُه فلا تَرعَى الذماما

أغدرًا يا له خُلُقًا وضيعا
تهمُّ به ولستَ بمستطيعِ

فأين مَضارِبُ السَّيفِ الصنيعِ
وكيف وَهَتْ قُوى البطلِ الضليعِ

تعالى اللَّهُ من مَلِكٍ رفيعِ
يُريك جلاله الصُّنعَ البديعا

سألتَ رسوله أفما تخافُ
وسيفُكَ في يَدِي موتٌ ذُعافُ

أراكَ من المواردِ ما يُعافُ
فلا فَرَقٌ عراكَ ولا ارتجافُ

فيا لكِ كَرّةً خسرتْ جميعا
فقال محمدٌ ربّي يقيني

ويَمنعُ مُهجتي ويصونُ ديني
وصارِمَه تَلَّقى باليمينِ

ألا بُوركتَ من هادٍ أمينِ
تَردُّ أناتهُ الحُلْمَ النزيعا

أخذتَ السّيفَ لو تبغِي القَصاصا
لما وَجَد المُسِيءُ إذًا مناصا

تقوله له بمن ترجو الخلاصا
إذا أنا لم أُرِدْ إلا اقتناصا

فلن تجد الوليَّ ولا الشفيعا
يقول غويرثٌ كن خيرَ مولى

وأنتَ أحقُّ بالحسنى وأولى
فقال له أتؤمِنُ قال كلاّ

ولكنّي أُعاهِدُ ثم ولَّى
ودينُ اللَّهِ يَطلبُه سريعا

وحدّثَ قَومَهُ يا قومِ إني
بخيرِ الناسِ قد أحسنتُ ظنّي

رأيتُ خِلالَه فرجعتُ أُثني
عليه وقد مضى الميثاقُ منّي

فلستُ لمن يُناوِئه تبيعا
أعزَّ اللّهُ شيخَ الأنبياء

وأيّدهُ بآياتٍ وضاءِ
ألم تخبره تَرجمةُ الرغاءِ

بما يَجِدُ البعيرُ من البلاءِ
تَوجَّعَ يشتكي سُوءَ الجزاءِ

وفُقدانَ المروءةِ والوفاءِ
أيذبحُه ذووه على العياءِ

وبعد الجِدِّ منه والمضاءِ
رثى لِشكاتِهِ حقَّ الرثاءِ

وراضَ ذويه من بعدِ الإباءِ
فَمُتِّعَ بالسّلامةِ والبقاءِ

وراحَ فأيَّ حمدٍ أو ثناءِ
يُؤدّي الحقَّ أو يَجزِي الصّنيعا

إرسال تعليق

0 تعليقات