إليك أبا سُفيانَ لا الوعدُ صادقٌ
ولا أنت ذو جِدٍّ ولا القومُ أبطالُ
أتاك ابنُ مسعودٍ بأنباءِ يثربٍ
فما تنقضي منكم همومٌ وأوجال
لكم عند بدرٍ في لواء محمدٍ
خطوبٌ تَرامَى بالنّفوسِ وأهوال
هنالك قومٌ يا ابن حربٍ كأنّهم
إذا عَصفتْ ريحُ الكريهةِ أغوال
جُنودٌ عليها من عليٍّ مُظَّفرٌ
لدى الرَّوْعِ جيّاش على الهَوْلِ جَوّالُ
دَع المرءَ يذهبْ بالأباطيلِ مُرجِفًا
وَعِدْهُ جزاء الإفكِ لا حبّذا المال
تَردّدَ يخشى منك شِيمَة مُخلِفٍ
يقولُ فلا وَعدٌ وَفِيٌّ ولا قال
تمسَّك من قولِ ابن عمروٍ بمَوْثِقٍ
وطارت به في الجو هوجاء مجفال
مضى يصف الكفار وصف مهول
يقولُ جموعٌ ما تُعَدُّ وأرسال
فما وجفت تلك القلوبُ ولم تكن
كأخرى لها من هَدَّةِ الرُّعبِ زلزال
رِجالٌ رسا الإيمانُ مِلءَ نُفوسهم
فلا الجبنُ مَنجاةٌ ولا البأسُ قَتَّال
ولا الموتُ مكروهٌ على العزِّ وِردُه
ولا العيشُ مورودٌ إذا خِيفَ إذلال
تَداعَوْا فقالوا حسبُنا اللهُ إنّه
لِما شاءَ من نصرِ الهُداةِ لَفعّال
وأرسلها الصِّدِّيقُ دِيمةَ حِكمةٍ
لها من فمِ الفاروقِ سَحٌّ وتَهطال
محمدُ إنّ اللّهَ ناصرُ دينِهِ
ومُظهِرهُ والحقُّ أقطعُ فَصّال
لهم مَوعِدٌ لا بدّ منه ومَورِدٌ
من الحتفِ تغشاهُ نفوسٌ وآجال
عَزيزٌ علينا أن تكونَ مَقالةً
يُردّدُها قومٌ مَهاذيرُ جُهَّالُ
يقولون لولا الخوفُ منّا لأقبلوا
وإنَّا لإقدامٌ حثيثٌ وإقبال
وخفَّ أبو سُفيانَ يكذبُ نفسَهُ
ويُشهِدُها من خيفةٍ كيف يحتال
يقول وقد وافى الرجالُ مَجنَّةً
أيا قومنا مهلًا فإنّا لَضُلّال
أيا قومنا إنّا نرى العامَ مُجدِبًا
وشرُّ عَتادِ الحربِ حَدبُ وإمحال
فعودوا إلى عامٍ من الخصبِ صالحٍ
ولا تقربوا الهيجاءَ فالقومُ أصلال
تَقّدمَ جيشُ اللّهِ وارتدَّ جيشُهم
وما فيه أكفاءٌ تُهابُ وأمثال
وأين من الصّيدِ المصاليتِ معشرٌ
لهم من مواليهم لدى البأسِ خُذّالُ
لبئس الموالي ما تَزالُ تغرّهم
ظنونٌ كأحلامِ النّيامِ وآمال
ألا إنَّها الدنيا أُعِيدَ بناؤها
وَصِيغَ لها رسمٌ جديدٌ وتمثال
فلا شأنُها الشأنُ الذي كان يرتضِي
بَنُوها الأُلى بادوا ولا حالُها الحال
عفا السّالفُ المغبَرُّ من سيِّئاتها
فتلك بقاياها قبورٌ وأطلال
أتبقى قلوبُ النّاسِ في ظُلماتها
تَظاهرُ أكنانٌ عليها وأقفال
هو النّورُ نورُ اللّهِ يملأُ أرضَه
فتلقَى الهُدى فيه عصورٌ وأجيال
أتى مطلقُ الأسرى يُحرِّرُ أنفسًا
لها من سجاياها قيودٌ وأغلال
0 تعليقات