قِفا تريا حالًا تجلّ عَن الوصف
وَقوما اِنظرا شمسَ الضُحى وَهيَ في كَسفِ
وَجودا مَعي فَضلًا بفيض مَدامِعٍ
وَإِن كانَ دَمعُ العين يُشجي وَلا يشفي
وَلا تَعجَبا أَنّي أَموتُ تلهّفًا
بَلى إِن أَعِش من غير لَهفٍ فَيا لَهفي
إِلى اللَهِ إِنّا راجِعونَ وحسبنا
وَنِعمَ الوَكيلُ اللَهُ ذو المنّ وَاللُطفِ
بَكيتُ عَلى تلك الشَمائل غالَها
كَثيفُ الثرى بَعدَ التَنعّمِ وَاللُطفِ
بَكَيتُ على حلم وعلم وَعِفّةٍ
تقارنُ مع عِزّ الهُدى هزّةَ الطرفِ
بَكيت عَلى الغصن الَّذي اِجتُثَّ أَصلُهُ
وَلَم أَجنِ من أَزهارِهِ ثمرَ القَطفِ
بَكيت عَلى دينار وَجهٍ مَلَكتُهُ
فَعاجَلَني فيهِ التفرّقُ بِالصَرفِ
بَكيت عَلى البَدر المنقَّلِ لِلنَّوى
ولكنّه ما زال في القَلب وَالطرفِ
وَشمسٍ تَوارَت بِالحجاب من الثَرى
وَما الشَمسُ تأوي لِلتُراب من العُرفِ
وَجَوهَرَةٍ رُدَّت وَكانَت يَتيمةً
إِلى صدف من تُربِها طيّبِ العَرفِ
وَظَبيَةِ أُنسٍ نُفِّرَت وَاِلتفاتُها
لما خَلَّفَت عند التفرّقِ من خِشفِ
صغيرَينِ ذاقا فَجعةَ اليُتمِ بعدها
وَذلك حالٌ لَيسَ يَحتاجُ لِلكَشفِ
وَقيل تَصَبرَّ قلت هَيهات إِنَّها
غزَتني بِجَيش من هموميَ مصطَفِّ
ثبتُّ وَقَد لاقيتُ حربَ فراقها
فَيا ليت أَنّي قَد فررت من الزحفِ
تَقولُ وَقَد آن الرَحيلُ وَشاهدَت
دَواعي فِراقٍ لا تُدافَعُ بِالكَفِّ
أَتى أمرُ رَبّي مَرحَبًا بِقَضائِهِ
فَسُبحان مؤويها من الخلد في كهفِ
فَأَينَ اِصطِباري بَعدَها قَد فَقَدتُهُ
كَما أَنَّ قَلبي قَد تَولّى بِلا خُلفِ
أَسيّدةَ الركبِ الرَحيلَ رأَيتُهُ
فَهَل من سَبيل لِلقُفول ومن عطفِ
سَكَنتِ بجنّات النَعيم وَمُهجَتي
عَلى نار بُعدٍ منك لَيسَ لَها مَطفي
مضيتِ وَخلَّفتِ الدِيار وَأَهلها
بِمَضيَعَةٍ وَالحالُ أَفضَت إِلى خَلفِ
فَقَدتُ بك الأَهلينَ قُربى وَأُلفَةً
فَأقسمت ما لي بَعدَ بُعدِك مِن إِلفِ
وَراجعت سهدي وَالتأسّفَ وَالأَسى
وطلَّقَ لما أَن رَحَلتِ الكرى طَرفي
وَقَلبيَ لا ثَوبي عَلَيكَ شَقَقتُهُ
وَنادَيتُ يا أَجيالَ حلمي أَلا خِفّي
وَأَمّا أَنيني وَالتولُّهُ وَالبكا
يعيذُك طَرفي بَعضُ ما قَد جَرى يَكفي
تولُّهُ مَهجور وَأَنَّةُ مفردٍ
وَذِلَّةُ مَقهورٍ وَوحشةُ مُستَخفِ
وَإِنّي غَريبٌ لَو سَكَنتُ بِبَلدَتي
وَإِنّي وَحيدٌ لَو رَكَنتُ إِلى إِلفِ
سَلام وَرضوان وروح وَرَحمَةٌ
عَلَيكَ مِنَ الرَحمَن ذي الجود وَالعَطفِ
فَقَلبي من يَوم النَوى في تَغابُنٍ
إِلى أَن أَرى في الحشر شخصَك في صَفي
أَبعدَ حَياتي أَرتَجي راحَةَ البقا
فَيا تَعَبي إِن كانَ يُبطئُ بي حَتفي
إِلَهي تداركني بلطف فَإِنَّني
إِذا لَم تُغِثني يا قَويُّ لفي ضعفِ
إِلَهي حَسبي أَنتَ فاِرحم تَذَلُّلي
فَإِنّيَ فيما نابني بك أَستَكفي
وصلّ على خَيرِ الأَنام وَآله
وَأَصحابه ما اِشتاقَ ناءٍ إِلى إِلفِ
0 تعليقات