لَو أَنَّ عُذَّالي لِوَجهِكَ أَسلَموا
لَرَجَوتُ أني في المَحَبةِ أسلَمُ
كَيفَ السَبيلُ لِكَتمِ أسرارِ الهَوى
وَلِسانُ دَمعي بِالغَرامِ يُترجمُ
لامَ العَواذِلُ كُلَّ صادٍ لِلّقا
وَمَلامُهُم عَينُ الخَطا إن يَعلَموا
لَم يَعلَموا بِمَن الهَوى لَكِنَّهُم
لاموا لعلمهمُ بِأني مُغرَمُ
لامُوا ولَمَّا يأتِهِم تأويلُ ما
لامُوا عَلَيهِ لأنهم لَم يَفهَموا
إِن أَبْرَموني بِالمَلامِ فَإنَّ لي
صَبرًا سَيَنقُضُ كُلَّ ما قَد أَبْرَمُوا
ما شاهَدُوا ذاكَ الجَمالَ وَقَد بَدَا
فَأنا الأَصَمُّ عَن المَلامِ وَهُم عَمُوا
وَلَئِن دَرَوا أني عَشِقتُ فَإنهُ
لِهَوى القُلوبِ سَريرَةٌ لا تُعلَمُ
وَالصَمتُ أَسلَمُ إِن لَحَوني في الهَوى
لَكِنَّ قَلبي بِالجَوى يَتَكَلَّمُ
وَلَقَد كَتَمتُ هَواكَ لَكِنْ مُقلَتي
شَوقًا إلى مَغناكَ ليسَتْ تكتمُ
أبكي عَقيقًا وهو دَمعي وَالغَضَا
وهو الذي بينَ الجَوانِحِ يُضْرَمُ
وَالدَمعُ في ربعِ الأحبةِ سائِلٌ
يا وَيحَهُ مِن سائِلٍ لا يُرحَمُ
وَحَديثُ وَجدِي في هَواكَ مُسَلسَلٌ
بِالأوليَّةِ مِن دُموعٍ تُسجمُ
يا عاذِلي إني جُنِنتُ بحُبّهم
وإلى سِوى أَوطانِهِم لا أعزِمُ
ولئن عَزَمتُ عَلى السُّلُوِّ فَلَيسَ لي
يومًا عَلى ذاكَ الجُنونِ مُعَزّمُ
وهمُ الأحِبَّةُ إِن جَفَوا أو واصلوا
وَالقَصدُ إِن أَشقَوا وَإِن هُمْ نَعَّمُوا
إِن واصَلوا فالليلُ أبيَضُ مُشرِقٌ
أَو قاطَعوا فالصُّبحُ أسودُ مُظلِمُ
واللَيلُ يَظلمني فيُظلِمُ بعدهم
لَكِن عُذولي في هواهُمْ أَظلَمُ
وَالصُبحُ يُشرِقني بِغربِ مَدامِعٍ
لَم تَحك نوءَ الفَيضِ مِنها الأَنجُمُ
أحبابَنا كَم لي عَلَيكُم وَقفَةً
وعليَّ وَصلُكُم الحَلالُ مُحَرَّمُ
يا هاجِري وحياة حُبِّكَ مِتُّ مِن
شَوقي إلَيك تَعيشُ أنتَ وَتَسلَمُ
جِسمي أخَفُّ مِن النَّسيم نَحافَةً
وثَقُلتُ بِالسُقمِ المُبَرِّحِ مِنكُمُ
إِن كانَ ذَنبي الإنقطاع فحُبُّكُم
باقٍ وَأنتُم في الحَقيقَةِ أنتُمُ
لَم يُنس أفكاري قَديمُ عُهودِكُم
إلا حَديثُ المُصطَفى المُستَغنَمُ
آثارُ خَير المُرسَلينَ بِها شِفا
داءِ الذُّنوبِ لِخائِفٍ يَتَوَهَّمُ
هوَ رحمَةٌ للناسِ مُهداةٌ فَيا
ويحَ المعانِدِ إنهُ لا يرحَمُ
نالَ الأمانَ المؤمِنونَ بِهِ إذا
شُبَّتْ وُقودًا للطُّغاة جَهَنَّمُ
اللَهُ أَيَّدَهُ فَليسَ عَن الهَوى
في أمرِهِ أو نَهيهِ يتَكَلَّمُ
فَليَحذَرِ المَرءُ المخالِفُ أمرَهُ
مِن فِتنَةٍ أو مِن عَذابٍ يُؤلِمُ
ذو المعجِزاتِ الباهِراتِ فَسَلْ بها
نُطقَ الحَصى وبهائمًا قَد كلّموا
حُفِظَتْ لِمَولِدِهِ السَّماءُ وبُشِّرَتْ
فالماردُونَ بِشُهْبِها قَد رُجِّمُوا
وَبِهِ الشَياطينُ اِرتَمَت واِستأيسَت
كُهّانُها مِن عِلمِ غيبٍ يَقدُمُ
إيوانُ كسرى اِنشقّ ثُمَّ تَساقَطَت
شُرفاتُهُ بَل قادَ رُعبًا يُهدَمُ
والماءُ غاضَ وَنارُ فارِسَ أُخمِدَت
مِن بَعدِ ما كانَت تُشَبُّ وَتُضرَمُ
هَذا وآمنةٌ رأت نارًا لَها
بُصرى أَضاءَت وَالدياجي تُظلَمُ
وَبليلَةِ الإِسراءِ سارَ بِجِسمِهِ
والروحُ جِبريلُ المطهَّرُ يخدِمُ
صَلّى بِأملاكِ السَما وَالأنبِيا
ولهُ عَليهم رِفعَةٌ وَتقدُّمُ
وعلا إِلى أن جازَ أَقصى غايَةٍ
للغَيرِ لا تُرجى وَلا تتوهَّمُ
ولقابِ قَوسَينِ اعتَلا لَمَّا دَنَا
أو كانَ أدنى وَالمهَيمنُ أعلَمُ
يا سَيّدَ الرُّسل الذي آياتُهُ
لا تَنقَضِي أبدًا ولا تتَصَرَّمُ
ماذا يَقولُ المادِحُونَ ومَدحُكُم
فَضلًا بهِ نَطَقَ الكِتاب المحكَمُ
المُعجِزُ الباقي وإِنْ طالَ المَدى
ولأِبلَغ البُلَغاءِ فهوَ المُفحِمُ
الأمرُ أعظَمُ مِن مقالَةِ قائلِ
إن رَقَّقَ الفُصَحاءُ أَو إِن فَخَّموا
مِن بَعضِ ما أُعطِيتَ خَمسُ خَصائِصٍ
لَم يُعطَها الرُّسلُ الذينَ تقَدَّمُوا
جُعِلَتْ لكَ الأرضُ البَسِيطَةُ مَسجِدًا
طُهرًا يُصَلِّي الناسُ أو يتَيَمَّمُوا
ونُصِرتَ بالرُّعبِ المرَوِّعِ قلبَ مَنْ
عاداكَ مِن شَهر فَأصبَحَ يُهزَمُ
وَأعيدَتِ الأنفالُ حِلًّا بعدَ أن
كانَتْ مُحَرَّمَةً فطابَ المَغْنَمُ
وبُعِْثتَ للثَّقَلَين تُرشِدُهم إِلى الد
دينِ القَويم وَسَيفُ دينِكَ قَيِّمُ
وخُصِصْتَ فَضْلًا بالشَّفاعَةِ في غَدٍ
فالمسلمونَ بفَضلِها قَد عُمِّمُوا
ومَقامُكَ المحمودُ في يَوم القَضَا
حَيثُ السَّعِيدُ مُنَاه نَفسٌ تَسلَمُ
يَحبوكَ رَبُّكَ مِن مَحامِدِهِ التي
تُعطَى بِها ما تَرتَجيهِ وتَغْنَمُ
ويَقول قُل تُسْمَع وسَل تُعْطَ المُنَى
واشفَعْ تُشَفَّعْ في العُصَاةِ لِيُرحَمُوا
فهُناك يَغبِطُكَ الوَرَى وَيُساءُ مَنْ
جَحَدَ النُّبُوَّةَ إذ يُسَرُّ المسلِمُ
يا مَنْ لَهُ سُنَنٌ وَآثارٌ إذَا
تُلِيَتْ يَرى الأَعمى ويَغْنَى الُمعدمُ
صَلّى عليكَ وَسَلَّمَ اللهُ الذي
أعلاكَ ما لَبَّى الحَجِيجُ وأحرَمُوا
وعلى قَرابَتِك المُقَرَّرِ فَضلُهُمْ
وعلى صَحابَتِكَ الَّذينَ هُمُ هُمُ
جادُوا عَلَوا ضاؤوا حَمَوا زانُوا هَدَوا
فَهُمُ على السِّتِّ الجِهاتِ الأَنجُمُ
نَصَروا الرسُولَ وجاهَدَوا مَعَهُ وفي
سُبلِ الهُدَى بَذَلُوا النُّفوسَ وأسلَمُوا
والتَّابِعِين لَهُم بإحسَانٍ فَهُمْ
نقَلَوُا لِمَا حَفِظُوهُ مِنهُمْ عَنهُمُ
وأَتَى على آثارِهِمْ أتباعُهُمْ
فتَفَقَّهُوا فيما رَوَوْا وتَفَهَّمُوا
هُمْ دَوَّنُوا السُّنَنَ الكِرامَ فنَوَّعُوا
أبوابَها لِلطَّالِبِينَ وقَسَّمُوا
وأَصَحُّ كُتْبِهُمُ على المَشهُورِ ما
جَمَعَ البُخارِي قال ذاكَ المُعْظَمُ
وتَلَاه مُسلِمٌ الذي خَضَعَتْ لَهُ
في الحِفظِ أعنَاقُ الرِّجال وسَلَّمُوا
فَهُما أَصَحُّ الكُتْبِ فيما يُحتَكى
إلا كِتاب اللهِ فَهْوَ مُقَدَّمُ
قُلْ لِلمُخالِفِ: لا تُعانِد إنَّهُ
ما شَكَّ في فَضلِ البُخارِي مُسلِمُ
رَسَمَ المُصَنَّفَ بالصَّحِيحِ وكُلُّ ذي
لُبٍّ غَدَا طَوعًا لِمَا هُوَ يَرسُمُ
هذا يَفُوقُ بِنَقدِهِ وبِفِقهِهِ
لا سِيَّما الأبواب حِينَ يُتَرْجِمُ
وأبو الحُسَينِ بِجَمعِهِ وبِسَردِهِ
فالجَمعُ بَينَهُما الطَّريقُ الأَقوَمُ
فجَزَاهُما اللهُ الكَرِيمُ بِفَضلِهِ
أجرًا بِنَاءُ ثَنَائِهِ لا يُهدَمُ
ثم الصَّلاةُ على النَّبيِّ فإنَّهُ
يُبدَا بِهِ الذِّكرُ الجَمِيلُ ويُختَمُ
يا أيُّها الرَّاجُونَ فَضلَ شَفَاعَةٍ
مِن أحمَدٍ صَلُّوا عليهِ وسَلِّمُوا
0 تعليقات