أقبلوا أو فاتقوا سوء المرد (غزوة حمراء الأسد) لـ أحمد محرم

أَقبِلُوا أو فاتّقوا سُوءَ المردّ
ربض الموتُ بِحمراءَ الأسدْ

غاظكم أن لم تناولوا مأربًا
فتمادَى الغيظُ واشتدَّ الحَسدْ

كيف ينجو من رمَى من قومكم
كلَّ جبارٍ فأمسى قد هَمَدْ

لِمَ لا تُزْجَى السبايا فَتُرَى
مُرْدَفاتٍ تَشتَكِي مما تَجِدْ

لا تدعها يا ابنَ حربٍ جَذوةً
تتلظَّى من قريشٍ في الكَبِدْ

يا ابن حربٍ أطفئ النَّارَ التي
شَبَّها أبطالُ بَدرٍ وأُحُدْ

كلُّ حربٍ خمدَتْ نِيرَانُها
منذُ حِينٍ وَهْيَ حَرَّى تَتَّقِدْ

لا تطِعْ صَفوانَ وانبذ رأيه
لا تُطِعْهُ مُرشدًا يأبى الرَشَدْ

ارجعوا فاستأصلوا أعداءكم
تلك عِزُّ الدَّهر أو مجدُ الأَبَدْ

حارِبوا اللَّهَ وزِيدوا شَطَطًا
إنها فتنتُهُ في من جَحَدْ

حاربوه وانصروا أصنامكم
لا تبالوا من قُواهُ ما حَشَدْ

يا ابن عمروٍ هاتِ من أنبائهم
ما رأت عيناك من هزلٍ وَجدّ

لك أُذنٌ من رسولِ اللَّهِ في
حَدِّ عَضبٍ يتَّقيهِ كلُّ حَدّ

شاوَرَ الصِّديقَ فيهم ودعا
يسألُ الفاروقَ ما الرأيُ الأسدّ

إنّها الهيجاءُ يا خيرَ الورى
ما لنا منها ولا للقومِ بُدّ

ارفعِ الصّوتَ وأَذِّنْ بِالوغَى
يا بلالَ الخيرِ أذّنْ واقتصِدْ

اُدْعُ مَن خاضَ المنايا واصطَلى
جُذوةَ الأمسِ وأمسك لا تزِدْ

***
نفر القومُ خِفافًا ما ونى
مِنهُم الجرحَى ولا استعفى أحدْ

دعوةُ الحقِّ استفزَّتْ جابرًا
فاستفزَّتْ هِبْرِزِيًَّا ذا لُبَدْ

جاء يشكو كيف يُنْفَى دمه
وهو للَّهِ يُربَّى ويُعَدّ

لم أَغِبْ عن أُحُدٍ لولا أبي
يا رسولَ اللهِ والجَدِّ النَّكِدْ

فاز بالرضوانِ إذ خلَّفني
في قواريرَ كثيراتِ العَدَدْ

ومضَى قبلي شهيدًا فأنا
أبتغِي الزُّلْفَى لدى الفردِ الصَّمَدْ

أنعمَ اللَّهُ عليهِ فشفَى
ما يُعانِي من تباريحِ الكَمَدْ

سار في الجيشِ وَخَلَّى هَمَّهُ
يَصطَلِيهِ من تَوَلَّى وقَعَدْ

فُزتَ يا جابرُ فانعَمْ وابتهِجْ
أفلحَ الوالدُ واستعلَى الوَلَدْ

***
ذهب السكبُ حثيثًا فانجرَدْ
يحملُ البأسَ ترامَى فاطردْ

يحمل الويلَ لقومٍ غرَّهم
مِن ذويهم كلُّ شيطانٍ مَرَدْ

زعموا الحقَّ حديثًا يُفتَرَى
ورضوا بالشركِ دِينًا يُعتقَدْ

وتمارَوا في النطاسيِّ الذي
يُصلِحُ الأمرَ إذا الأمرُ فَسَدْ

ساحرٌ آنًا وآنًا شاعرٌ
ما رأوا من سحرِهِ ماذا قَصَدْ

سَطَعَ النُّورُ لمن يأبى العَمَى
فعلى عينيهِ يَجنِي من يَصِدْ

***
من رأى الضَّعفَ على الضَّعْفِ انطوَى
فإذا القوةُ والعزمُ الأشدّ

حمل الجُرحَ على الجرحِ فتىً
مُوجِعَ الكاهلِ مهدودُ الكَتدْ

إيه عبدَ اللَّهِ أشهِدْ رافعًا
غزوةَ الحمراءِ في القومِ الشُّهُدْ

ألقِهِ عن منكبٍ لو ماد مِن
هضْب رِضْوَى كلُّ عالٍ لم يَمِدْ

ما لحقِّ اللَّهِ إلا مُؤمِنٌ
لا يُبالِي غيرَهُ فيما اعتمدْ

إيهِ عبدَ اللَّهِ ما أصدَقَها
هِمَّة صَمَّاء تأبى أن تُهَدّ

يا أبا سُفيانَ أنصِتْ واستمِعْ
ثم أنصِتْ واتّئد ثم اتّئِدْ

إن تُردْ خيرًا فهذا مَعبدٌ
أوَ لم يُنْبِئكَ أنّ الأمرَ إِدّ

جمع الغازي لكم من صحبِهِ
وذويهِ كلَّ صِنديدٍ نَجِدْ

انظروا النِّيرانَ هل تحصونها
إنها شتى تراءى من بُعُدْ

واسألوها إنّها ألسنة
يا ابن حربٍ للمنايا الحمرِ لُدّ

لا تُريدوا من بريدٍ غيرها
إنها من قومكُمْ خير البُرُدْ

لا تظنوا أنكم أكفاؤهم
إنها منكم لأحلام شُرُدْ

اذكروا الأبطالَ تَهوِي واتّقوا
حاصِدَ الموتِ كفاكم ما حَصَدْ

***
أرأيتَ الرُّعبَ يغتالُ القُوَى
مُستبِدًّا بالعتيِّ المستبدّ

رجع القومُ سِراعًا وارعوى
عاصفُ الشَّرِّ فأمسى قد رَكَدْ

وتولّوا فتولّت أنفسٌ
تَتنزَّى وقلوبُ ترتعد

يقذف الوادي بهم قَذْفَ الحصى
تبلغُ الريحُ بهِ أقصى الأمدْ

غارةُ اللَّهِ على أعدائهِ
تتوالى مَدَدًا بعد مَدَدْ

سوّم الأحجارَ لو صُبّتْ على
ذلك الجمعِ المُوَلَّى لم يَعُدْ

***
يا أبا عزَّةَ ماذا تَتَّقِي
يا أبا عزّةَ أَقْبِلْ لا تَحِدْ

أين تمضي؟ كلُّ شيءٍ مَصرعٌ
كلُّ فجٍ من فجاجِ الأرضِ سَدّ

هل رعى السَّيفُ دمًا من عابثٍ
ناكثٍ من كل عهدٍ ما عقدْ؟

تطلب العفوَ وتهذِي ضارعًا
بِبُنَيَّاتٍ ضَعيفاتِ الجَلَدْ

أوَ لمْ يمنن عليك المرتجى
لذوي الضعف فأكثرت الفنَدْ؟

تَنظمُ الشعرَ مُلِحًّا حَرِدًا
وَيْكَ خُذها ضربةً تشفي الحَرَدْ

***
وثب العدلُ يُوالِي صَيْدَهُ
وهو ظُلمٌ فاتِكٌ إن لم يَصِدْ

أخذ الذئبينِ في أنيابِهِ
ما يُبالي منهما ما يزدرد

لا تعودوا من صريعي شقوةٍ
وليعد من كل حيٍّ من سعد

مُوغِلٌ في الشَّرِّ يسعى دائبًا
وحَقودٌ لو تَزكَّى ما حقد

جاهليٌّ زلَّ في إسلامهِ
فَهَوَى من بعد ما كان صعد

أخطأته خُطوةٌ كانت له
حُظوةَ السَّاعِي وفوزَ المجتهد

احذرِ العقبى فما يَدرِي الفتى
أيَّ وِردٍ إن دعا الداعي يَرِدْ

***
ابتدر يا سعدُ فالزّادُ نَفَدْ
واصطناعُ الخيْرِ أشهى ما تَودّ

إبعثِ التمرَ على العيرِ لها
من سجاياك العُلَى حادٍ غَرِدْ

تحمل التقوى وتمضي سمحةً
في سوِيٍّ ليس فيه من أَوَدْ

مُوقَرَاتٍ أقبلتْ في جُزُرٍ
تَطردُ العُسْرَ بِيُسْرٍ وَرَغَدْ

ردَّتِ الجوعَ وصانت أنفسًا
هِيَ للَّهِ سُيُوفٌ ما تُرَدّ

لك يا سعدُ لديهِ ولها
من جزاءٍ غيرِ نَزْرٍ ما وعد

إرسال تعليق

0 تعليقات