رأى البرق في جنح الدجى يتألق لـ خليل مردم بك

رأى البرقَ في جنحِ الدجى يتألقُ
فعلَّلَ قلبًا بالأَمانيِّ يخفِقُ

وَكاد وقد هَبَّتْ مِنَ الحيِّ نفحةٌ
بأَذيالِها من شوقِه يتعلَّق

تطيبُ بريّاها النفوسُ وَتنتشي
فمن دون ريّاها الرحيقُ المعتَّق

وَما زال هذا البرقُ يوري غليله
وَيُطمعه بالريَّ إِذْ باتَ يَبْرُق

فأمسى يُرجّي عند إِيماضه الحيا
فَجادَ وَلكنْ... بالصواعقِ تحرق

وَيا ربَّ ظمآن رأَى في مفازةٍ
عَلَى البعد وِردًا ماؤُه يترقرق

فهبَّ إليه والهواجرُ تلتظي
يجدُّ عَلَى الإِعياءِ سيرًا وَيعنق

فلمّا دنا أَلفى سرابًا بقيْعةٍ
فكاد من الإِخفاقِ وَاليأْسِ يصعق

أَلا أَيها الساري عَلَى غيرِ منهجٍ
قعودُكَ إنْ لم تسلكِ النهجَ أَوفق

إِذا لم تكنْ أُولى الخطى مستقيمةً
فويلٌ لأَقدام تضلّ وَتزلق

وَمن ينز في أرضٍ تسوخُ فإِنه
عَلَى قدرِ ما ينزو يغوصُ وَيغرق

وَإِنْ أَنتَ لم تملك من الأَمر غير ما
تضرِّبه فالعجزُ أَولى وَأخلق

فككتَ يدًا مغلولةً فقطعتها
حنانيك إنَّ الغلَّ أرجى وَأَرفق

وَما ينفع المأسورُ إِطلاقَ قيدِه
إذا كان بعد القيدِ للنطعِ يطلق

وَيا ناسجًا ثوبًا ليُلبس غيرَه
وَثوبُك لو أَبصرتَ بالٍ ممزق

إِذا ظنَّ عبدٌ نفسَه باتَ سيدًا
فلا عتقُه يُرجى وَلا هو يأْبق

وَمَنْ ضاقَ ذرعًا بالقريبِ فذرعُه
وَحيلتُه عَمَّنْ سواه لأَضيق

فكيف ترجّي جمعَ (قيس) و (يعرب)
وَشملُكَ يا هذا شتيتٌ مفرَّق

وَكيف ترجَّي (وَحدةً عربيةً)
وَمن دون (راشيًا) حدودٌ وَيبرق

وَهل بيدٍ من بعد ما بان كفُّها
يُوقع عهدٌ أَم يؤكد موثق

وَما نفعُ دارٍ لست تملكُ بابَها
هل السجنُ إلاّ بابُه حين يغلق

وَإِنَّ أَمرءًا أمسى يُغنِّي بمأْتمٍ
وَيرقصُ مفراحًا لسمجٌ محمَّق

إذا جدْ بين القوم أَضحك جدُّه
ومِن هزله تغثى النفوس وتزهق

ترفقْ بمن جرَّعته الصابَ إِنه
بوجهك ما جرَّعته الصابَ يبصق

لئن كنت فيما قد بدا منك (أَخطلا)
فهذا (جريرٌ) راصدٌ و (الفرزدق)

إرسال تعليق

0 تعليقات