برزت بزينتها إليك الشام لـ خليل مردم بك

بَرَزَت بزينتِها إليكَ الشامُ
وافترَّ بشرًا ثغرُها البسّامُ

فتجاوبَ الأَطيارُ بين رياضِها
منها عليكَ تحيةٌ وَسلام

صوتُ النسيمُ أمامَ حاجبِ شمسِها
هذاك إيماءٌ وذاك كلام

شهدتْ بطلعتك (ابن ثابت) وافدًا
أتعودُ (بابن الحارثِ) الأحلام

يا شاعرًا والدهرُ بعضُ رواته
باتتْ عليك تَحاسَدُ الأقوام

للعبقرية في قريضِك طابعٌ
وعليه من آي النبوغِ وسام

لاحتْ عليه نفحةٌ قدسيةٌ
أدى إليها الوحيُ والإلهام

فكأنَّما المعنى رحيقُ مدامةٍ
واللفظُ شَفّافًا عليه جام

صوَّرتَ خائنةَ العيونِ لنا وما
تخفي الصدورُ وما تعيه إلهام

أُخذٌ من السحرِ الحلال نفثتَها
فكأنها عند النشيدِ مدام

أَدركتَ من غايِ الخلود مكانةً
بعدتْ فما طمعتْ بها (الأهرام)

واشتدَّ أَسرُ الشعرِ فيك وَطالما
كانت تساور جسمَه الأَسقام

تبني من الأبياتِ كلَّ ممردٍ
من شأْنِه التشييدُ والإِحكام

في كل بيتٍ غادةٌ تنويلها
ووصالُها إلا عليكَ حرام

فكأنها في البيتِ تشرق زهرة
وَكأنه من حولها أكمام

حَدَّثْتَ عن ذاتِ الإِله بكل ما
ليستْ تحيط بدركِه الأَفهام

وَكشفتَ سرَّ النفس وَهو مقنعٌ
ضلتْ محجةَ كنهِهِ الأَوهام

ذهنُ الرئيسِ (أبي علي) مرهفًا
عن دركه قَدْ عادَ وَهو كهام

بأَبي وَأُمي (مصرَ) ماذا أَنجبتْ
بكَ من إِمامٍ ما شاء إِمام

فاجمع مشتتَ شملها فلربما
قامتْ مقامَ سيوفِها الأَقلام

كم مِنْ مقامٍ كنت محمودًا به
في موقفٍ زَلَّتْ به الأَقدام

مصرُ العزيزةُ والشآم عَلَى الولا
إلفانِ ضمَّهما هوى وَغرام

والله ما نقضتْ لها عهدًا وَلم
يخْفرْ لمصرٍ في الشآم ذمام

من عهد عمرو لم تحلّ عظيمةٌ
في مصر إلاّ شاركتها الشام

انظر تجدْ (بدمشق) ما يعيا به
قلمُ البليغِ وَيبهتُ الرسّام

الغوطتانِ محيطةٌ كلتاهما
بدمشق تُخفى فيهما الآكام

زندانِ مدَّهما أخو شوقٍ إلى
مشتاقةٍ فدنتْ فتمَّ لزام

والغوطتانِ عَلَى محيَّا جلقٍ
من سندسٍ عند الشروقِ لثام

نسجتْ لها شمسُ الصباحِ خيوطَها
بردًا عليه طرائقٌ وَسهام

والبدرُ أَلبسها إِزارًا أبيضًا
من نورِه فكأَنه إِحرام

هل كان غصنٌ في خمائلِ (جلَّق)
نايٌ وَأنفاسُ النسيمِ زنام

هي صفوةُ اللهِ البديع بأرضه
فإِذا صبوتُ لها فكيف أُلام

طافَ الخليلُ بها وَبارك حولها
نوحٌ وَخار بها الإقامةَ (سامُ)

قد كان للمجدِ الموطدِ ركنُه
من (قاسيون) ذروَة وَسنام

قمْ واستلمْ دورَ الخلافةِ إِنها
أَمسى لها بيدِ الردى استسلام

طفْ في زواياها وَعظِّمْ شأْنها
من شأْنها التعظيم والإكرام

ماذا دهى الخضراءَ صوَّحَ غصنها
وَعلا محيّاها الوسيمَ قتام

فكأنها لم يأْتلقْ في أُفِقها
عمرُ الخلبفةُ والإِمامُ هشام

أَعززْ عَلى الخلفاءِ ذل بلادِهم
وَلو انهم تحتَ الترابِ رمام

قل للذي وَسعتْ سياستُه الورى
ضاقتْ سياستها بنا الأيام

واعطفْ لقبرِ أبي المظفر ساعيًا
أَفَلَمْ يعزَّ بسعيه الإِسلام؟

قل للذي غلب الحوادثَ بأْسُه
إِنّا بأَيدي الحادثات نضام

فجعتْ بفقدِ التاجِ (جِلَّقُ) وانطوتْ
من بعدِ نشرٍ تاكمُ الأَعلام

والبدرُ أَفجع ما يكون خسوفه
في ليلةٍ زهراءَ وَهو تمام

(شوقي) وَإِني مستجيرٌ عائذٌ
بك إِنْ مناني العيُّ والإِفحام

من ذا يقول وَأَنت منه بمشهد
أَفليس غايةَ أَمرِه الإِبهام

أقدمتَ حيث ارتاع كلُّ مفوَّهٍ
قد يركب الأَمرَ المخوفَ غلام

يا أيها الحفل المعظَّم قَدْرَ من
كانتْ تُعظَّمُ قبله الأصنام

وَلَوه وَجْهَكمُ وحيّوا قبلةً
كَرُمَتْ وأَنتمْ للسلام قيام

إرسال تعليق

0 تعليقات