تقدم فهذا مطلع الحق والهدى (حجاج بن علاط السلمي) لـ أحمد محرم

تَقَدَّمْ فهذا مَطلعُ الحقِّ والهُدَى
ألستَ تَرى النُّورَ الذي جَاوَزَ المدى

أتيتَ رَسُولَ اللهِ تَتبعُ دِينهُ
وتُؤثِرُ خيرَ الزَّادِ فيمن تَزَوَّدا

لكَ الله يا حجَّاجُ أَمْسَيْتَ مُشْرِكًا
وأصبحتَ تَدعوهُ تَقِيًَّا مُوَحِّدَا

سَيغفِرُ ما أسلفتَ من جَاهليَّةٍ
لَيالِيَ تأبَى أن يُطاعَ وَيُعْبَدَا

سألتَ رسولَ اللهِ ما لو سألتَهُ
سِواهُ لأعطاكَ الحُسَامَ المُهَنَّدَا

تقولُ له دَعْنِي أزوِّرْ مَقَالةً
تَسُوءُكَ إنّي أحذرُ المعشرَ العِدَى

بِمكَّةَ لي مالٌ كثيرٌ مُوزَّعٌ
أخافُ عليهِ أن يضيعَ وَيُفقدا

سأكتمُ إسلامِي وأُوذِيكَ إنّهم
هُمُ القومُ لا يُؤذونَ إلا مَنِ اهْتدَى

وَرُحْتُ تُحابِيهم وتَشْفِي صُدورَهم
بِخرقَاءَ تستهوي الغَبِيَّ المُبَلَّدَا

تقولُ لقد فازَ اليهودُ وأدركوا
على الفاتحينَ الغُرِّ نَصْرًا مُؤَيَّدا

أغاروا فَرَدُّوهُم وأمسى مُحَمّدٌ
أسيرًا لدى ساداتِهم ليس يُفتَدَى

أبَوْا أن يَذوقَ القتلَ إلا بمكةٍ
وإنّ له عمّا قريبٍ لَمَوْعِدَا

فَطاروا سُرورًا واستمرَّ غُواتُهم
يُذِيعُونَهُ زُورًا وإفكًا مُرَدَّدا

وَطَاشتْ عُقُولُ المسلِمينَ فأصبحوا
حَيَارَى يَرَوْنَ العيشَ أَغْبَرَ أَنْكَدَا

وأرضَى الألى ضَلُّوا السَّبيلَ بشيرُهم
لَدُنْ جَمَعوا مِن مالِهِ ما تَبَدَّدا

تَزَوَّدَ همًّا كلُّ من كانَ مُسلِمًا
وأَعْيَا على العبّاسِ أن يَتَجَلَّدَا

فَأَرْسَلَ ما هذا الذي أنتَ قائِلٌ
قُلِ الحقَّ يا حَجّاجُ وَانْقَعْ بِهِ الصَّدَى

تَبَارك ربِّي إنّه جَلَّ شأنُهُ
لَحَقٌّ عليهِ أنْ يُعِزَّ مُحَمَّدَا

فقال نَعَمْ عُدْ يا غلامُ وَقُلْ له
أبا الفضلِ أبْشِرْ وانتظِرْ مَقدمي غدا

فأَعتقَ من فَرَطِ السُّرورِ غُلامَهُ
وَرَاجَعهُ مِن أمرِهِ ما تَعَوَّدَا

ووافَاهُ حجّاجٌ بأنباءِ خَيْبَرٍ
فَأمسَى الذي أخفَى من الأمرِ قد بَدَا

وناشَدَهُ أن لا يُذيعَ حَدِيثَهُ
ثَلاثَةَ أيّامٍ حِذارًا مِنَ الرَّدَى

فَلَمّا انقضَتْ رَاعَ الرجالَ بِطَلعَةٍ
تَشُقُّ على الأعداءِ مَرْأَىً ومشهدا

تَدَفَّقَ بِشرًا وَجهُهُ وجَرَى السَّنا
على صَفْحَتَيْهِ سَاطِعًا فَتَوقَّدا

يقولونَ لا تحزَنْ فيا للأُلى عَمُوا
ويَا لكَ من حُزنٍ أقامَ وأَقْعَدَا

رماهم بأخبارِ الفُتوحِ فَغَاظَهُم
وَردَّ ذَلِيلًا كُلَّ عاتٍ تَمرَّدا

يَضِجُّونَ أينَ ابنُ العلاطِ أما لنا
إليهِ سَبيلٌ إنّه كان مُفْسِدا

لقد غَرَّنَا كَيْما يَفُوزُ بِمَالِهِ
فحاقَ بنا من إثمِهِ ما تَعَمَّدا

فواهًا لَهُ مِن ماكرٍ لو نُصِيبُه
إِذَنْ لَجَزَيْناهُ الجزاءَ المشَدَّدا

جَزاهُم إلهُ النَّاسِ ما ذنبُ مُسْلِمٍ
كَريمِ السَّجايا ما أَسَاءَ ولا اعْتَدَى

رَأى شَرَّهُمْ فاحتالَ يَحفظُ ماله
عليهِ ويَأْبَى أن يُغادِرَهُ سُدَى

إرسال تعليق

0 تعليقات