إن كان باليمن هذا اليوم قد سَنَحا
كم يوم شؤمٍ علينا بعده بَرَحا
ذكرى السرورِ إذا عادتك في حزنٍ
هاجتْ عَلَى قلبك الأشجانَ والترحا
دمعانِ لاءَمَ هذا اليومُ بينهما
لميّتٍ ولمولودٍ لَقَدْ سَفَحا
دمعٌ يفيض عَلَى ميْتِ الرجاءِ أَسى
وآخرٌ يوم ميلادِ النبي فرحا
تبسَّمَ الفجرُ عن ميلادِ مؤتمنٍ
لولاه فجرُ الهدى في الكونِ ما وضحا
لولا (محمدُ) ظلَّ الناسُ بعضهمُ
ربًّا لبعضٍ وما كان الهدى رجحا
سلوى بشرعتهِ ما بين أُمَّتِهِ
فأكرمُ الناسِ عند الحقِ مَنْ صلحا
(محمَّدٌ) وهو يدعو الرسلَ إِخوته
إلى المؤاخاةِ في الأديانِ قد طمحا
أَبْكى الطواغيتَ في ذاتِ الإِله وكم
من مدمعٍ ليتيمٍ بائسٍ مسحا
واسى اليتامى وعالَ المعدمين وكمْ
عمَّنْ أَساءَ وآذاه لقد صفحا
أدالَ للشرق ممنْ كان يرهقه
ذلًا شديدًا وظلمًا بيّنًا فدحا
ولو أضاءتْ بجوِّ الغربِ دعوته
لَدانَ بالرفقِ أَو عَنْ غيّه لصحا
ما الجاهليةُ مِنْ طبعي ولستُ كمنْ
طرق التعصب في دينِ النبيِّ نحا
لكنْ أَراني الحجى من بعد تبصرةٍ
بأَنه خيرُ هادٍ صادقٍ نصحا
لا فرق عنديَ في الأديانِ قاطبة
لكنَّ صدري لدينِ المصطفى انشرحا
لا دين مَنْ جعلوا أَركانَ دينهمُ
عمائمًا ومساويكًا وطول لحى
لم يفقه الدينَ مَنْ لاثوا عمائَمُهمْ
ولا الأُولى حملتْ أَيديهمُ السبحا
أَهاب في معشرٍ لا العلمُ ثقفَّهمْ
ولا الحضارة فيهمْ نورُها لُمحا
يخرّبون بأَيديهمْ بيوتَهمُ
زندُ التقاطعِ فيما بينهم قدحا
فأصبحوا بهداه يقتدى بهمُ
دينًا ودنيا فسبحانَ الذي منحا
آض الجفاءُ وآلتْ عنجهيتهمْ
إلى مكارمِ خلقٍ طاهرٍ سجحا
إن الأولى كانتِ (الحبشانُ) تحكمهمْ
وعاملُ الفرسِ يمشي بينهمْ مرحا
(هرقل) ذعرًا رمى بالصولجان لهم
وَتاجُ كسرى لديهمْ بات مطّرحا
خطوا عَلَى وَجه هذا الدهرِ منقبةً
آلتْ إلى خلفٍ مِنْ بعدهمُ فمحا
أعظمْ بهم سلفًا وَأعجبْ له خلفًا
للذل والهونِ من بعد العلى جنحا
أنىّ تسكعتِ الإسلامُ في ظُلَمٍ
وَكان دينُهمُ نورًا وما برحا
المسلمون وَما يحصى لهم عددٌ
دارتْ عَلَى جمعهمْ للنائبات رحى
لا سيَّما العُرب منهم إنَّ دهرَهمُ
أشاح عنهم بوجهٍ عابسٍ كلحا
مستضعفون عبيدٌ في ديارِهمُ
يدُ الشقاقِ أَدارتْ بينهمْ قدحا
على تقاسِمهمْ مِنْ دون غيرهمُ
يبيتُ مختلفُ الأقوامِ مصطلحا
ما مِنْ قبيلٍ ولا شعبٍ له خطرٌ
إلا ومن دمِهمْ أو مالهم نضحا
وكلُّ شعبٍ شريكٌ في دمائِهمُ
فعجهزٌ هَبَّ يعدو إِثرَ مَنْ جرحا
إذا شكوا ضرَّهمْ كانتْ شكايتُهمْ
شكوى الذبيح بعينيه لمن ذبحا
ما بال مَنْ منحوهمْ أَمسِ مملكةً
تمتدُّ مِنْ طَوْدِ (طوروس) إلى (رفحا)
ضنّوا عليهمْ (بعمان) ودمنتها
كأنَّ واعدهمْ في وعده مزحا
لا غرو إمّا لقوا عقبى تخاذلِهمْ
فكلُّ شعبٍ رهينٌ بالذي اجترحا
أعجبْ لسيِّد (نَجْدٍ) لا يني أبدًا
غير الجزيرة قطرًا مغلقًا فتحا
والله لو ربح البيتُ الحرامُ بهمْ
فإِنه خاسرٌ من حيث ما ربحا
إلى الملوكِ ملوك العربِ قارصة
تردُّ من غيّهمْ ما ندَّ أو جمحا
العربُ ما شقيَتْ إلاّ بمثلكمُ
وعن يديكمْ بها عادي الردى ضبحا
لمتُ (الخوارج) حينًا في تآمرهم
عَلَى اغتيال (عليٍّ) واللذين لحا
حتى رأيت شقاءَ العربِ عن يدكمْ
وددتُ لو بعث الله الذي اقترحا
أقولُ والعينُ لا تنفكُّ دامعةً
والقلبُ بالهمِّ والأحزان قد طفحا
يا منقذَ العربِ والإسلامِ إنهما
تحت اضطهادِ شعوبِ الأرض قد رزحا
0 تعليقات