أمده الدمع حتى غاض جائده لـ خليل مردم بك

أَمدَّه الدمعُ حتى غاضَ جائدُه
فمنْ بأَدمعِ عينيه يرافدُه

الروحُ والدمُ والأحداقُ وَدَّ لها
لو تستحيلُ إلى دمعٍ يناجده

مشرّد النومِ ما قَرَّتْ مضاجعُه
وَهلْ تقرُّ بموتورٍ وَسائده

باتتْ دمشقُ عَلَى طوفان من لهبٍ
يا ديْن قلبيَ من خطبٍ تكابده

موجٌ من النارِ لا تهدا زواخرُه
يمدّه آخرٌ ما ارتدَّ وافده

وَبْلُ القذائفِ هطَّالًا له مددٌ
والنارُ والنفطُ والتهديمُ رافده

ترى القبابَ به غرقى فتحسبها
سفنًا تهاوى ببحرٍ ثار راعده

في ذمةِ اللهِ والتاريخ ما لقيتْ
وَفي سبيلِ الأماني ما تصامده

أمسى الذي كان في جنَّاتِها بَهِجًا
بمارجٍ مِنْ سعيرٍ فار واقده

النارُ من فوقه والنارُ دائرةٌ
به فإنْ فَرَّ أردته رواصده

في كلِّ زاويةٍ رامٍ وَمن نفروا
شيبًا وَحورًا وَأطفالًا طرائده

وَربَّ مكنونةٍ كالدرِّ ضنّ به
عَلى العيونِ فصانته نواضده

تخطَّتِ النارَ ليلًا وَهي حاملةٌ
طفلًا قضى برصاصِ القومِ والده

فما تناءتْ به حتى أُتيحَ له
شظيّةٌ بانَ منها عنه ساعده

ضمّتْ إلى صدرِها شلْوًا يسيلُ دمًا
كالطيرِ هاض جناحًا منه صائد

يا هول ذلك من مرآى شهدتُ وَفدْ
وَددتُ لو كنت أعمى لا أشاهده

قفْ في الخرائبِ وابكِ المجدَ معتبطًا
فإنها يا لأحزاني مراقده

الذكرياتُ من التاريخِ قد دُرستْ
وَطارفُ المجدِ موؤُدٌ وَتالده

يا آسيَ الجرحِ بادرْ ضمدَ سائله
إذا تريَّثتَ لم تنجعْ ضمائده

إن الذين تولوا كبرَ نكبتنا
أخطاهُم من قويمِ الرأي أرشده

لو يفعلُ اللهُ جلّ اللهُ ما فعلوا
بأهلِ جلّق لم يعبده عابده

بَلَتْ دمشقُ بنيها يومَ محنتِها
فلمْ تجدْ غير مَنْ صحّتْ عقائده

ترى الحنيفيَّ يومَ الروعِ مبتدرًا
إلى المسيحيِّ في البلوى يساعده

خلَّى حماه ليحمي عِرْضَ صاحبِه
وَصالَ خشيةَ أن تؤتى موارده

أما سريرهُ من خانوا فقد فُضحت
وَانماز عن ثابتِ الإيمانِ فاسده

الحمدُ لله أنَّي في حمى وَطنٍ
تحمي كنائسَه فيه مساجدُه

فكيف يغمطُ حقًا في قضيته
واللهُ وَهو الشهيدُ العدلُ شاهدُه

بقيةَ السيفِ والنيرانِ إنَّ لكم
شأْنًا تراءَتْ عَلَى قربٍ شواهده

لكمْ وَإِنْ مسّكم قرحٌ وَطولُ أذى
من طيّبِ الذكرِ بعد اليومِ خالده

لله يومكمُ يومًا فإنَّ له
ما بعده وَإِن اشتدتْ شدائده

لله معقلكمْ من معقلٍ أشبٍ
عَلَى الوئامِ لقد شيدتْ قواعده

عالي البروج تعالى فوقه علمٌ
الحقُ رافعهُ والحقُ عاقده

فتى دمشق اصطبرْ للخطب تجبهه
إنَّ العروبةَ جيشٌ أنت قائده

لا عذر في اليأس مما كان ممتنعًا
إذا تقصيّت أمرًا أنت واجده

أما دمشقُ فلا ترجو لنجدتِها
سوى فتاها الذي شاعت محامده

بلَوعةِ الثكلِ تدعوه لينصرها
وَبالجراح التي تدمي تناشده

إرسال تعليق

0 تعليقات