ما يكسب المرءُ من إثمٍ ولا يَزَرُ
إلا أحاطَ به من ربِّه قَدَرُ
وليس للنَّفس إن خابت وإن خسرت
إلا عواقبُ ما تأتي وما تَذَرُ
جلبت يا ابنَ أُبيٍّ شرَّ ما جلبت
نَفسٌ على قومها لو كنتَ تَعتبِرُ
زوَّدت قومك خزيًا لم يَدَعْ أحدًا
إلا قلاك وأمسى صَدرهُ يَغِرُ
تتابع الوحيُ ترميهم قوارعُه
لمّا تتابعَ منك اللّغو والهَذرُ
قالوا استجر برسولِ اللهِ ملتمسًا
سُبلَ النجاةِ فما يُغنيك مُنتظَرُ
إن تُلفهِ حين ترجوه وتسأله
مُستغفِرًا لك لا يَعلَقْ بك الغَمَرُ
فقال يا ويلكم ما زلتُ أتبعكم
حتى هلكتُ فلا جاهٌ ولا خَطَرُ
لم يبقَ فيما أرى إلا السُّجودُ له
يُقضى له الحقُّ أو يُقضى به الوطر
أذلك الجدُّ منكم أم هو السَّخَرُ
دعوا اللّجاجَ فهذا مطلبٌ عَسِرُ
وصدَّ مُستكبرًا يلوِي لشقوتِه
رأسًا يغيظ الظُّبَى أن ليس يُهتَصَر
يزيده الجهلُ طُغيانًا ويصرفه
عنِ الهُدى من أفانينِ الهَوى سَكَر
قال الرسولُ ونارُ الغيظِ تلفحُهُم
ألم أقل لك لا تَقْتُلْهُ يا عمر
لو قُمْتَ يومئذٍ بالسّيفِ تأخذُه
بعثتَها غضبةً جأواءَ تستعر
تلك الأُنوفُ التي كنّا نُحاذِرُها
أمست سَلامًا فلا خوفٌ ولا حذر
لو قلتُ للقومِ جيئوني بهامتِه
رأيتَهم يفعلون اليومَ ما أُمرِوا
تبيَّن الرشدُ للفاروقِ وانحسرت
عن جانبيهِ غواشي الظنّ والسُّترُ
فقال بُوركتَ من هادٍ لأُمّتهِ
تعيا بحكمته الألبابُ والفِكَر
لسنا كمثلِكَ في علمٍ ومعرفةٍ
أنت الإمامُ وهذا النهجُ والأثر
تدري من الأمر ما تخفى ظواهرُه
وما لنا فيه إلا الرأيُ والنظر
في مُعجزاتِكَ للغاوين تبصرةٌ
وفي عُلومِكَ للجُهَّالِ مُزدَجر
صلَّى عليكَ الذي آتاك من شرفٍ
ما ليس يَبلغُه جِنٌّ ولا بشر
هذا ابنه جاءه غضبانَ يمسكه
دون المدينةِ للمختارِ ينتصر
يقول تلك دِيارٌ لستَ تدخلها
حتى تَفِيء وحتّى يُعلمَ الخبر
أنت الأذلُّ فَقُلْها غيرَ كاذبةٍ
إن كنتَ حُرًّا فبئس الكاذبُ الأشِرُ
فقالها مُرّةً حَرَّى وأرسلها
كأنّها روحُه من فِيهِ تَنحدِر
مشى أعزُّ بني الدنيا وأشرفُهم
قَدْرًا وأرفعهُم ذِكرًا إذا ذُكِروا
حلَّ المدينةَ منه لَيْثُ ملحمةٍ
لا النَّصرُ يُخطِئهُ فيها ولا الظَفَر
فليعرفِ الحقَّ قومٌ ضلَّ رائدُهم
وارتدَّ قائدُهم خَزيانَ يعتذر
0 تعليقات