ما له في عظمِ الشأْنِ قريْ
كلُّ جبارٍ يدانيهِ مهينْ
سمةٌ ليس لها من غايةٍ
حسرتْ عنها عيونُ الناظرينْ
أَنا إِنْ أَوجستُ منه خيفةً
خافه قبلي أَميرُ المؤمنين
يملأُ العينَ فتغضي فَرَقًا
ويهولُ النفسَ حتى تستكينْ
ليستِ الأَرضُ له كفؤًا وهلْ
تستوي يومًا شمالٌ ويمينْ
جوفهُ مضطربُ الأَحياءِ إِذْ
جوفها مقبرةٌ للعالمينْ
ليس في قيعانِها غيرُ لظى
وبقاعِ البحرِ كم كنزٍ ثمينْ
السما منه استمدتْ غيثَها
فهو إِنْ يفخر بالجودِ قمينْ
كلُّ يومٍ تسجدُ الشمسُ له
فكأَنَّ الشمسَ بالبحرِ تدين
ترتمي في حضنهِ محمرَّةً
خجلًا كالرودِ في حضنِ خدين
كم تراءَتْ صورٌ خلاّبةٌ
ومعانٍ فوقه لا ينقضينْ
مرحُ الشبّانِ في شرخِ الصَبا
وجلالُ الشيبِ مع بردِ اليقينْ
وفسيحاتُ المنى مخضرّةٌ
وشديدُ البأْسِ والعزمِ المتينْ
زبدُ الموجِ عَلَى زرقتهِ
أَنجمٌ في حالكاتِ اللونِ جون
مع ما في صدرِهِ من سعةٍ
شرسُ الخلقِ أَخو حمْقٍ حرون
هل عراه طائفٌ من جنةٍ
ليتَ شعري أَم به مسُّ جنون
بينما التيارُ يعلو جبلًا
إِذْ به وادٍ يهولُ المبصرين
أَترى أَمواجَه أَنفاسَهُ
رُدِّدت بين شهيقٍ وأَنين
لم تكنْ إِلاّ كشعبٍ ثائرٍ
شنَّها حربًا عَلَى المستعمرين
جحفلٌ يركبُ منها جحفلًا
يتعادى كجنودٍ زاحفين
نَفَخَتْ في وجهه ريحُ الصَبا
فعلاه مثل تغضينِ الجبينْ
وتراءَى الموجُ فيه عُكَنًا
دغدغتها غمزاتُ العابثين
لَيِّنٌ ما فدحته قسوةٌ
ربَّ قاسٍ كان أَجدى منه لين
قلقُ الأَحشاءِ كالعاشقِ إِنْ
ثار في أَحشائِه وجدٌ دفين
قمتُ في عدوتهِ والفجرُ ما
زالَ في جوفِ الدجى بعد جنين
وطيورُ البحرِ في أَسرابِها
تتهادى كشراعاتِ السفين
قلتُ للسربِ وقدْ أَقبلَ من
أُفقٍ: قلبي به عان رهين
أَيها القاطعُ عرضَ البحرِ هلْ
لكَ عهدٌ بروابي قاسيون
ثمَّ مهوى القلب داراتُ الهوى
منزل الأَهلِ حمى المستضعفين
جيرةٌ جار عليها دهرها
ما عَلَى الجورِ لها قطُّ معين
هلْ درتْ أَن عَلَى النأْيِ فتى
كادَ يرديه إِلى الشام الحنين
فلقدْ ودَّ بجدعِ الأَنفِ لو
شامَ أُفقَ الشامِ أَو قطع الوتين
كمهيضٍ جنحه ودَّ لو أَنْ
طارَ للوكرِ ولكنْ لات حين
والذي ينجو مهيضًا جنحُهُ
بعدَ طولِ السجنِ ما زالَ سجين
بأَبي الشامَ وأُمي إِنها
كعبتُ الآمالِ والحصنُ الحصين
وأَمدَّ اللهُ قوامًا بذلوا
دونَها الأَرواحَ بالروحِ الأمين
0 تعليقات