ذُو يَراعٍ يَرُوعُ كَالسَّيْفِ إمَّا
بصَليلٍ عِداهُ أَوْ بِصَرِيرِ
ما رَأَى الناسُ قَبْلَهُ مِنْ يَراعٍ
لِوَزِيرٍ صَريرُهُ كالزَّئيرِ
فإذا سَطَّرَ الكتابَ أَرانا
بَحْرَ فضلٍ أمواجُهُ مِنْ سُطورِ
وإذا استخرجوهُ يَسْتَخْرجُ الدُّر
رَ نَفِيسًا مِنْ بَحْرِهِ المَسْجورِ
نَظَرَتْ مُقْلَتِي إليهِ كأنّي
ناظِرٌ في بَدِيعِ زَهْرٍ نَضِيرِ
ثم شَرَّفْتُ مسْمَعِي بِتُؤَامٍ
وَفُرادَى مِنْ دُرِّهِ المَنثُورِ
لا تُطاوِلْهُ في الفخارِ فما غا
دَرَ في الفَخْرِ مُرْتَقَىً لِفَخُورِ
ذِكْرُهُ لَذَّةُ المَسامِعِ فاسْتَمْ
تِع به مِنْ لِسانِ كلِّ ذَكُورِ
ثَمَّ مَعْنىً وصورَةً فَهْوَ في الحا
لَيْنِ مِلْءُ العُيونِ مِلءُ الصُّدورِ
زُرْتُ أَبْوَابَهُ التي أَسْعَدَ الل
هُ بها كلَّ زائرٍ ومَزُورِ
كلُّ مَنْ زارَها يَعُودُ كما عُدْ
تُ بِفَضْلٍ مِنها وَأَجْرٍ كثيرِ
وَكَفانيَ سَعْيِي إليها لأُهْدَى
مِنه بالرُّشْدِ في جميع الأُمورِ
إنَّ مَنْ دَبَّرَ المَمالِكَ لا يَعْ
زُبُ عَنْ حُسْنِ رَأْيهِ تَدْبيرِي
كانَ رِزْقِي مِنْ جَدِّهِ وأبيه
أَيَّ رِزْقٍ مُيَسَّرٍ مَوْفورِ
وَإذا كانَ مِثْلُ ذَاك على الوا
رِثِ إنيَ عَبْدٌ لِعَبْدِ الشَّكُورِ
فارِسِ الخَيلِ العالِمِ العامِلِ ال
حبرِ الهمامِ الحُلاحِلِ النِّحْرِيرِ
لَمْ يَزَلْ مِنْ عُلومِهِ وَتُقاهُ
بين تاجٍ مِنْ سُؤدُدٍ وسَريرِ
أبَدًا بِالصَّوابِ يَنْظُرُ في المل
كِ وَفي بَيتِ مالِهِ المَعْمُورِ
فَغَدا الجُنْدُ والرَّعِيَّةُ والما
لُ بخيرٍ مِنْ سَعْيهِ المَشْكُورِ
فأقَلَّ الأجنادِ في مصرَ يُزْرِي
مِنْ بِلادِ العِدا بأَوْفَى أمِيرِ
قُلْ لِمَنْ خابَ قَصْدُهُ في جميعِ ال
نَاسِ مِنْ آمِرٍ وَمِنْ مَأْمُورِ
يَمِّمِ الصاحِبَ الذِي يُتَرَجَّى
فَتْحُ ثَغْرٍ بهِ وسَدُّ ثُغُورِ
وَبَعِيدُ الأُمورِ مِثْلُ قَرِيبٍ
عندهُ وَالعسيرُ مِثْلُ يَسيرِ
آه مِمَّا لَقِيتُ مِنْ غَيْبَتِي عَن
هُ ومِنْ نِسْبَتِي إِلى التَّقْصِيرِ
كَثُرَ الشَّاهِدُونَ لِي أَنَّني مت
تُ وفي البُعدِ عنه قَلَّ عَذِيرِي
مَنْ لِشَيْخٍ ذِي عِلَّةٍ وعِيالٍ
ثَقَّلَتْ ظَهْرَهُ بِغَيرِ ظَهيرِ
أَثْقَلُوهُ وَكَلَّفوهُ مَسيرًا
ومِنَ المُسْتَحيلِ سَيْرُ ثَبيرُ
فَهْوَ في قيدِهِمْ يُذادُ مِنَ السع
يِ لِتحصيلِ قُوتِهِمْ كالأَسيرِ
وعَتَتْ أُمُّهُمْ عليَّ وَلَجَّتْ
في عُتُوٍّ مِنْ كَبْرَتِي ونُفُورِ
وَدَعَتْ دونَهُمْ هَنالِكَ بِالوي
لِ لأَمْرٍ في نَفْسِها والثُّبورِ
حَسِبَتْ عِلَّتِي تَزُولُ فقالتْ
يا كَثِيرَ التَّهْوينِ وَالتَّهْوِيرِ
كُلُّ داءٍ لهُ دواءٌ فَعَجِّلْ
بَمُداوَاةِ داءِ عُضْوٍ خَطِيرِ
قُلْتُ مَهْلًا فما بِمِلحِ السَّقَنْقُو
رِ أُدَاوِي وَلا بِلَحْمِ الذُّرورِ
سَقَطَتْ قُوَّةُ المَرِيضِ التِي كا
نَتْ قديمًا تُزادُ بالكافُورِ
وعَصانِي نَظْمُ القَرِيضِ الذي جَر
رَ ذُيُولًا عَلَى قَرِيضِ جَرِيرِ
وَازْدَرَتنِي بعضُ الوُلاةِ وقدْ أَص
بَحَ شِعْرِي فيهمْ كَخُبْزِ الشَّعِيرِ
وغَسَلْتُ الذي جَمَعْتُ مِنَ الشع
رِ بِفَيْضٍ عليه غسْلَ صُخورِ
ونَهَتْنِي عَنِ المَسِيرِ إليهمْ
شِدَّةُ البَأْسِ مِنْ سَخًا في مَسِيرِ
وَهَجَرْتُ الكِرامَ حتى شَكانِي
منهمُ كلُّ عاشِقٍ مَهْجورِ
وَكَزُغْبِ القَطا وَرائِي فِراخ
مِنْ إناثٍ أعُولُهُمْ وذُكُورِ
يَتَعاوَوْنَ كالذِّئَابِ وَيَنْقَض
ضونَ مِنْ فَرْطِ جُوعِهِمْ كالنُّسُورِ
وَفَتاةٍ ما جُهِّزَتْ بِجهازٍ
خُطِبَتْ للِدُّخولِ بعدَ شُهورِ
وَاقْتَضَتْنِي الشِّوارَ بَغْيًا عَلَى مَنْ
بيتُهُ ليسَ فيهِ غير حَصِيرِ
هِذهِ السُّورَةُ التي أقْعَدَتْني
عنك آياتُها قُعُودَ حَسيرِ
أقْعَدَتْنِي بِقَريَةٍ أسْلَمَتْنِي
لِضَياعٍ مِنْ فاقَتِي وكُفُورِ
كلُّ يَوْمٍ مُنَغَّصٌ بٍطَعامٍ
أوْ رَفِيقٍ مُنَغِّصٍ بشُرُورِ
ورِفاقِي فِي خِدْمَةٍ طُولَ عُمْرِي
رِفْقَتي في الحِرانِ مثْلُ الحَميرِ
كلَّما رُمْتُ أُنْسَهُم ضَرَبُوا
مِنْ وَحْشَةٍ بينهُمْ وَبَيْنِي بِسُورِ
وأَبَوْا أنْ يُساعِدُونِي عَلَى قُو
تِ عِيالِي بُخْلًا بِكَيْلِ بَعِيرِ
فَسَيُغْنِيني الإلهِ عنهمِ بِجَدْوَى
خيْرِ مَولىً لَنا وخيرِ نَصِيرِ
صاحِبٌ يَبْلُغُ المُؤَمِّلُ منهُ
كلَّ ما رامَهُ بِغَيرِ سَفِيرِ
مِنْ أُناسٍ سادوا بَنِي الدِّينِ والدُّن
يا فما في الوَرَى لهُمْ مِنْ نَظِيرِ
سَرَّتِ الناظِرِينَ منهم وجوهٌ
وُصِفَتْ بالجَمالِ وَصْفَ البُدُورِ
وَرِثُوا الأرضَ مثلَ ما كَتَبَ الل
هُ تعالَى في الذِّكْرِ بعد الزَّبورِ
فَهُمُ القائمونَ في الزَّمَنِ الأو
وَلِ بالقِسْطِ وَالزَّمانِ الأخِيرِ
وَهُم المُؤْمِنُونَ والوارِثُوا الفِرْ
دوسِ والمُفْلِحُونَ في التفسيرِ
عَبَدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لهُ الدّي
نَ لِما في قلوبِهِمْ مِنْ نورِ
وأَحَبُّوا آلَ النبيِّ فكانوا
معهم في مَغِيبِهِمْ وَالحُضورِ
في مَقامٍ منَ الصَّلاحِ وَأمْنٍ
وَمقامٍ مِنَ النَّعِيمِ وَثيرِ
أَهْلُ بيتٍ مُطَهَّرينَ مِنَ الرِّجْ
سِ وَهُمْ أَغْنِيا عنِ التَّطْهِيرِ
حُجِبُوا بالأثاثِ عَنَّا وبالزي
يِ وأَخْفَوْا جَمَالَهمْ بالخُدُورِ
لَبِسُوا الزِّيَّ بالقلوبِ وَأَغْنَوْا
صِدْقَهُم عَنْ لِباسِ ثَوبَي زُورِ
وَأرَوْنا أهلَ التُّقَى في الزَّوايا
سَلَّمُوا في البَقا لأَهْلِ القُصُورِ
وأَتَوْا كلُّهُمْ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ
وأَتَى غيرُهمْ بِثَوْبٍ نَقيرِ
وحَكَتهُم ذُرِّيَّةٌ كالدَّرَارِي
مِنْ بُطُونٍ زَكِيَّةٍ وظُهورِ
يُطْعِمُونَ الطَّعامَ لا لِجَزاءٍ
يَتَرَجَّوْنَهُ وَلا لِشُكورِ
عَلِمَ اللَّهُ منهم ما جَهِلْنا
وَكَفَاهمْ شُكْرُ العليم الخَبِيرِ
0 تعليقات