عيدٌ بأسعدِ نجمٍ طالعٍ طَلعًا
فأَطلَعَ الصنعَ والبشرى عليك معا
عادت به عادةُ الحسنى وأقدمَه
سعدٌ تأَنق في الصنع الَّذي صنعا
تقبَّل اللهُ محمودَ الدعاءِ لكم
مِمَّنْ غدا ساجدًا فيه ومن ركعا
يومٌ تضاعفتِ النعماءُ فيه لنا
وأَصبحَ الحسن بالإِحسانِ قد شُفعا
تبادرَ النَّاسُ فيه لثمَ خيرِ يدٍ
ماءُ الحياة بها حيث الحيا نَبعا
وأَلمعَ الدَّهرُ بالبشرى فأسعده
وميض بشركَ في الآفاق ملتمعا
وكلُّ عينٍ إلى العلياءِ ساميةٌ
وكلُّ لحظٍ إلى مرآك قد رُفعا
والطرفُ ما ازداد ريًّا منه زاد صدى
فكلَّما ظلّ عنه صادرًا شرعا
رادوا مراتعَ من نعماك مخصبةً
وحبَّذا مرتعُ النعمى لِمَنْ رتعا
خليفةَ الله أوليْتَ الورى مِنَنًا
فما استقلَّ بها شكرٌ ولا اضطلعا
أَنْتَ الَّذي حاطتِ الدُّنيا إِيالَتُهُ
واستنزلتْ خوفُ ظباكَ الأَزلم الجذعا
أشبّ جودُك آمال الورى ولقد
أشاب خوفُ ظباك الأزلم الجذعا
فانبثَّ ما ابيضَّ من خيط الصَّباح بكم
وانبتَّ مسودّ خيطِ اللَّيلِ وانقطعا
وطار منه غراب من مغاربه
أَخْنى عليه غرابُ السَّيف إذ وقعا
وقائِعٌ لك في الأَعداء قد وعَظتْ
من كانَ بالقلب لا بالسمع مستمعا
نبّهْنَ من نومِهِ من كانَ ذا سِنَةٍ
ونامَ من ظلَّ بالأَمثال مُنْخَدِعا
ورُبَّ ذي سِنَةٍ نبَّهته فغدا
مستيقظًا ولكم ذِي شَقوةٍ هجعا
وكانَ ذو الحلم قد أوصى مُنَبِّهه
فكان للرُّشد يَهديه إذا فزعا
وكلُّ من ليسَ وعظُ العقلِ نافِعَه
لم تلقه عند سمع الوعظ منتفعا
ومن يُباريك أو ينوي منازعةً
يومًا فقد ظلَّ منه الرُّشدُ منتزَعا
واعٍ أصاخَ لما قال الزَّمانُ له
وعَى من النصح ما قلبُ المطيع وعى
قد أعلنَ الدَّهرُ إذ نادى بحيَّ على
إمامةِ أبي حفص الرضا ودعا
يلوحُ للمجد نورٌ من إمارتهِ
للجدِّ والأب في العلياء منتزعا
جلا مفارقهُ تاجُ العلا نسبٌ
سما إلى عمرَ الفاروقِ وارتفعا
أَصلٌ غدا كلُّ أَصلٍ دونَه ولهُ
فرْعٌ علا كلَّ فرعٍ باسقٍ فرَعَا
جاز الخليقةَ يَحْيى ابنُ الهمام أبي
محمد بن أبي حفص العلا جمعا
قد أوسعَ العِلمَ صدرًا منه مُنْفَسِحًا
يضيقُ رحبُ العلا عن بعض ما وسعا
لم يَعْدُ بالنفس جودًا في شجاعته
وفي مذاهبه لم يعدُ أن شجعا
أعطى الَّذي حاتمٌ لو كانَ يُسألهُ
لظلَّ من بعضه مستشعرًا جزعا
من الوسيلةِ أن لا يبتغي أحدٌ
وسيلةً لنداءٍ كلَّما سَمعا
وكمْ غدا شافعًا نعمى بثانيةٍ
وكم إلى نفسه في مُعتفٍ شفعا
أعدى على الضَّبُعِ الشهباءِ عافِيَهُ
جُودًا وأعدى على أعدائه الضّبعا
فكمْ صدىً قدْ سقَتْ ريًّا ذَوابلُهُ
وكمْ صدىً نقَعَتْ مِنْ صارخٍ نقعا
وكمْ أزارَ أسودَ الغاب زائرةً
أرضَ العدا ذرعًا دين الهُدى ورعا
جيشٌ ترجِّلُ فرعَ النقع ذُبَّلُهُ
وتستفيدُ به هامُ الربا فَرعا
مِن كلِّ متَّصل يوم الوغى يده
بصارمٍ لا ترى في متنه طَبَعا
يثنيه ضربًا ولا يرضى بذلك لو
يثني المضاربَ منه والظُّبا قطعا
ويترك الروح فردًا نظمُ صنعته
فسَمِّهِ في معاني النَّظم مبتدعا
أَضحَتْ له الحربُ إذ لذَّتْ على أَلمٍ
تشعشعُ العسلَ الماذيَّ والسلعا
كأَنَّه هاصرُ من رُمْحه فَننًا
ومن صدا درعِهِ مستنشقٌ فَنَعا
وكلُّ مقْصَدِ أحداقٍ وأفئدةٍ
بأسهُمٍ لسنَ أنكاسًا ولا هُزعا
تبدي نزاعًا وحدثانًا حنيّتُه
إلى النفوس إذا عن قوسه نزعا
تودي بمستودَع الأَضلاع إن عطفت
حتَّى تخيلها في عطفها طلعا
لمْ يُجْمَعِ الفضلُ إلاَّ في إمام هُدىً
به تآلَف شملُ الخلقِ واجتمعا
أَعْلى تواضعُهُ للهِ رُتْبَته
فظَلَّ عن مرتقاه النجْمُ مُتّضعا
فلو رأَتْ مُلكَهُ الأَذواءُ من يَمَنٍ
ما كانَ تُبعهُمُ إلاَّ له تَبَعَا
فلا تقيسنَّ أملاكًا به سلَفَتْ
مِنْ كلِّ من خمَّس الأَفعال أو ربعا
وانظرْ عِيانًا إلى العليا فليسَ كمنْ
رأى الحقيقة رأي العين مَنْ سَمِعا
فكلُّ مَنْ قد أقلَّ التَّاجَ قل لهُ
ومَنْ تعَمَّم فوق التَّاج أو وضعا
فابلغْ بجهدك ما في الوسعِ من مِدحٍ
فقد وجدتَ مكان القول متسِعَا
مآثرٌ لا يحدّ الوصفُ أَيْسَرَها
وإنَّما أنا منها ذاكِرٌ لمعَا
فكمْ بها قد شدا مِن ساجع ولكمْ
قِدْمًا أشادَ بها مِن كاهِنٍ سَجَعا
كم خاطرٍ غرّه أدنى مداركها
فلم ينَلها ولا نَيْلِها طَمِعَا
وكيفَ لا تُعْجِز الأَفكارَ غايتُها
وقدْ غدا عنْ مَداها الوهمُ منقطعا
أفادَ شَخْصك معنى النوع خالِقُهُ
يا مَنْ رأى واحدًا فيهِ الورى جُمِعا
حباك خَلقًا وخُلقًا إذ يراك كما
تَهْوى مطيعًا على ما شئت منطبعا
إنَّ الأَقاليم ترجو منك سَبْعَتُها
أمْنًا به الشَّاةُ لا تستنكرُ السَّبُعَا
قد آنَ أنْ ينجز اللهُ العَدَاةَ لكم
في فتحِ ما قد دنَا مِنها وما شَسعا
فاجعلْ ظُباك مفاتيحَ الفتوح لها
وحُقَّ بالفتح بابٌ بالظُّبا قُرعا
ولا تزلْ لبَني الآمال غيثَ ندىً
وبَدرَ تِمٍّ بأُفقِ المُلكِ مطلعَا
إن أخلفت أَزْمنٌ طابت لها مُتَعٌ
أَخْلفتْ أحسنَ منها دائبًا مُتعَا
0 تعليقات