الطريق إلى السيدة لـ أحمد عبد المعطي حجازي

يا عمّ..
من أين الطريق؟
أين طريق 'السيدة'؟
­ أيمن قليلا، ثم أيسر يا بنَيٌ
قال.. ولم ينظر إليٌ
وسرت يا ليلَ المدينة
أرقرق الآهَ الحزينة
أَجرّ ساقي المجهدة
للسيدة
بلا نقودي، جائع حتي العياء
بلا رفيق
كأنني طفل رمته خاطئه
فلم يعره العابرون في الطريق
حتي الرثاء
إلي رفاقِ السيدة
أجرّ ساقي المجهدة
والنور حولي في فرح
قوس قزح
وأحرف مكتوبة من الضياء
'حاتي الجلاء'
وبعض ريحٍ هينِ، بدء خريف
تزيح ذَيَلَ عقصة مغيَمة
مهَوٌمه
علي كتف
من العقيقِ والصدف
تهفهف الثوبَ الشفيف
وفارس شدَّ قواما فارعا، كالمنتصِر
ذراعه، يرتاح في ذِراع أنثي، كالقمر
وفي ذراعي سلة، فيها ثياب
والناس يمضون سِراعا
لا يَحفلون
أشباحهم تمضي تباعا
لا ينظرون
حتي إذا مرٌ الترام
بين الزحام
لا يفزعون
لكنني أخشي الترام
كلّ غريب ههنا يخشي الترام
وأقبلت سيارة ٌ مجنحة
كأنها صدر القدر
تقل ناسا يضحكون في صفاء
أسنانهم بيضاء في لون الضياء
رؤوسهم مرنَّحة
وجوههم مجلوة مثل الزَّهر
كانت بعيدا، ثم مرت، واختفت
لعلها الآن أَمامَ السيدة
ولم أزل أجرّ ساقي المجهدة
والناس حولي ساهمون
لا يعرفون بعضَهم.. لا يعرفون
هذا الكئيب
لعله مثلي غريب
أليس يعرف الكلام؟
يقول لي.. حتي.. سلام
يا للصديق
يكاد يلعن الطريق
ما وجهته؟
ما قصته؟
لو كان في جيبي نقود
لا.. لن أعود
لا لن أعودَ ثانيا بلا نقود
يا قاهرة
أيا قبابا متخمات قاعدة
يا مئذنات ملحدة
يا كافرة
أنا هنا لا شيءَ، كالموتي، كرؤيا عابرة
أجرّ ساقي المجهدة
للسيدة
للسيدة

إرسال تعليق

0 تعليقات