سَإِمتُ مِنَ المُواصَلَةِ العِتابا
وَأَمسى الشَيبُ قَد وَرِثَ الشَبابا
غَدَت هوجُ الرِياحِ مُبَشِّراتٍ
إِلى بَينٍ نَزَلتِ بِهِ السَحابا
لَقَد أَقرَرتِ غَيبَتَنا لِواشٍ
وَكُنّا لا نُقِرُّ لَكَ اِغتِيابا
أَناةٌ لا النَمومُ لَها خَدينٌ
وَلا تُهدي لِجارَتِها السَبابا
تَطيبُ الأَرضُ إِن نَزَلَت بِأَرضٍ
وَتُسقى حينَ تَنزِلُها الرَبابا
كَأَنَّ المِسكَ خالَطَ طَعمَ فيها
بِماءِ المُزنِ يَطَّرِدُ الحَبابا
أَلا تَجزينَني وَهُمومُ نَفسي
بِذِكرِكِ قَد أُطيلُ لَها اِكتِئابا
سُقيتُ الغَيثَ حَيثُ نَئيتِ عَنّا
فَما نَهوى لِغَيرِكُمُ سِقابا
أَهَذا البُخلُ زادَكِ نَأيَ دارٍ
فَلَيتَ الحُبَّ زادَكُمُ اِقتِرابا
لَقَد نامَ الخَلِيُّ وَطالَ لَيلي
بِحُبِّكَ ما أَبيتُ لَهُ اِنتِحابا
أَرى الهِجرانَ يُحدِثُ كُلَّ يَومٍ
لِقَلبي حينَ أَهجُرُكُم عِتابا
وَكائِن بِالأَباطِحِ مِن صَديقٍ
يَراني لَو أُصِبتُ هُوَ المُصابا
وَمَسرورٍ بِأَوبَتِنا إِلَيهِ
وَآزِرَ لا يُحِبُّ لَنا إِيابا
دَعا الحَجّاجُ مِثلَ دُعاءِ نوحٍ
فَأَسمَعَ ذا المَعارِجِ فَاِستَجابا
صَبَرتَ النَفسَ يا اِبنَ أَبي عَقيلٍ
مُحافَظَةً فَكَيفَ تَرى الثَوابا
وَلَو لَم يَرضَ رَبُّكَ لَم يُنَزِّل
مَعَ النَصرِ المَلائِكَةَ الغِضابا
إِذا سَعَرَ الخَليفَةُ نارَ حَربِن
رَأى الحَجّاجَ أَثقَبَها شِهابا
تَرى نَصرَ الإِمامِ عَلَيكَ حَقًّا
إِذا لَبَسوا بِدينِهِمِ اِرتِيابا
تَشُدُّ فَلا تُكَذِّبُ يَومَ زَحفٍ
إِذا الغَمَراتُ زَعزَعَتِ العُقابا
عَفاريتُ العِراقِ شَفيتَ مِنهُم
فَأَمسَوا خاضِعينَ لَكَ الرِقابا
وَقالوا لَن يُجامِعَنا أَميرٌ
أَقامَ الحَدَّ وَاِتَّبعَ الكِتابا
إِذا أَخَذوا وَكَيدُهُمُ ضَعيفٌ
بِبابٍ يَمكِرونَ فَتَحتَ بابا
وَأَشمَطَ قَد تَرَدَّدَ في عَماهُ
جَعَلتَ لِشَيبِ لِحيَتِهِ خِضابا
إِذا عَلِقَت حِبالُكَ حَبلَ عاصٍ
رَأى العاصي مِنَ الأَجَلَ اِقتِرابا
بِأَنَّ السَيفَ لَيسَ لَهُ مَرَدٌّ
إِذا أَفرى عَنِ الرِّئَةِ الحِجابا
كَأَنَّكَ قَد رَأَيتَ مُقَدِّماتٍ
بِصينِ اِستانَ قَد رَفَعوا القِبابا
جَعَلتَ لِكُلِّ مُحتَرَسٍ مَخوفٍ
صُفوفًا دارِعينَ بِهِ وَغابا
0 تعليقات