أزرت ديار الحي أم لا تزورها لـ جرير

أَزُرتَ دِيارَ الحَيِّ أَم لا تَزورُها
وَأَنّى مِنَ الحَيِّ الجِمادُ فَدورُها

وَما تَنفَعُ الدارُ المُحيلَةُ ذا الهَوى
إِذا استَنَّ أَعرافًا عَلا الدارَ مورُها

كَأَنَّ دِيارَ الحَيِّ مِن قِدَمِ البِلى
قَراطيسُ رُهبانٍ أَحالَت سُطورُها

كَما ضَرَبَت في مِعصَمٍ حارِثِيَّةٌ
يَمانِيَّةٌ بِالوَشمِ باقٍ نُؤورُها

تَفوتُ الرُماةَ الوَحشُ وَهيَ غَريرَةٌ
وَتَخشى نَوارُ الوَحشَ ما لا يَضيرُها

لَئِن زَلَّ يَومًا بِالفَرَزدَقِ حِلمُهُ
وَكانَ لِقَيسٍ حاسِدًا لا يَضيرُها

مِنَ الحينِ سُقتَ الخورَ خورَ مُجاشِعٍ
إِلى حَربِ قَيسٍ وَهيَ حامٍ سَعيرُها

كَأَنَّكَ يا ابنَ القَينِ واهِبُ سَيفِهِ
لِأَعدائِهِ وَالحَربُ تَغلي قُدورُها

فَلا تَأمَنَنَّ الحَيَّ قَيسًا فَإِنَّهُم
بَنو مُحصَناتٍ لَم تُدَنَّس حُجورُها

مَيامينَ خَطّارونَ يَحمونَ نِسوَةً
مَناجيبُ تَغلو في قُرَيشٍ مُهورُها

أَلا إِنَّما قَيسٌ نُجومٌ مُضيأَةٌ
يَشُقُّ دُجى الظَلماءِ بِاللَيلِ نورُها

تُعَدُّ لِقَيسٍ مِن قَديمِ فِعالِهِم
بُيوتٌ أَواسيها طِوالٌ وَسورُها

فَوارِسُ قَيسٍ يَمنَعونَ حِماهُمُ
وَفيهُم جِبالُ العِزِّ صَعبٌ وُعورُها

وَقَيسٌ هُمُ قَيسُ الأَعِنَّةِ وَالقَنا
وَقَيسٌ حُماةُ الخَيلِ تَدمى نُحورُها

سُلَيمٌ وَذُبيانٌ وَعَبسٌ وَعامِرٌ
حُصونٌ إِلى عِزٍّ طِوالٌ عُمورُها

أَلَم تَرَ قَيسًا لا يُرامُ لَها حِمىً
وَيَقضي بِسُلطانٍ عَلَيكَ أَميرُها

مُلوكٌ وَأَخوالُ المُلوكِ وَفيهِمُ
غُيوثُ الحَيا يُحيِ البِلادَ مَطيرُها

فَإِنَّ جِبالَ العِزِّ مِن آلِ خِندِفٍ
لِقَيسٍ فَقَد عَزَّت وَعَزَّ نَصيرُها

أَلَم تَرَ قَيسًا حينَ خارَت مُجاشِعٌ
تُجيرُ وَلا تَلقى قَبيلًا يُجيرُها

بَني دارِمٍ مَن رَدَّ خَيلًا مُغيرَةً
غَداةَ الصَفا لَم يَنجُ إِلّا عُشورُها

وَرَدتُم عَلى قَيسٍ بِخورِ مُجاشِعٍ
فَبُؤتُم عَلى ساقٍ بَطيءٍ جُبورُها

كَأَنَّهُمُ بِالشِعبِ مالَت عَلَيهِمُ
نِضادٌ فَأَجبالُ السُتورِ فَنيرُها

لَقَد نَذَرَت جَدعَ الفَرَزدَقِ جَعفَرٌ
إِذا حُزَّ أَنفُ القَينِ حَلَّت نُذورُها

ذَوُو الحَجَراتِ الشُمِّ مِن آلِ جَعفَرٍ
يُسَلَّمُ جانيها وَيُعطى فَقيرُها

حَياتُهُمُ عِزٌّ وَتُبنى لِجَعفَرٍ
إِذا ذَكَرَت مَجدَ الحَياةِ قُبورُها

وَعَرَّدتُمُ عَن جَعفَرٍ يَومَ مَعبَدٍ
فَأَسلَمَ وَالقَلحاءُ عانٍ أَسيرُها

أَتَنسَونَ يَومَي رَحرَحانَ وَأُمُّكُم
جَنيبَةُ أَفراسٍ يَخُبُّ بَعيرُها

وَتَذكُرُ ما بَينَ الضِبابِ وَجَعفَرٍ
وَتَنسَونَ قَتلى لَم تُقَتَّل ثُؤورُها

لَقَد أَكرَهَت زُرقَ الأَسِنَّةِ فيكُمُ
ضُحىً سَمهَرِيّاتٌ قَليلٌ فُطورُها

فَقالَ غَناءً عَنكَ في حَربِ جَعفَرٍ
تُغَنّيكَ زَرّاعاتُها وَقُصورُها

إِذا لَم يَكُن إِلّا قُيونَ مُجاشِعٍ
حُماةٌ عَنِ الأَحسابِ ضاعَت ثُغورُها

أَلَم تَرَ أَنَّ اللَهَ أَخزى مُجاشِعًا
إِذا ذُكِرَت بَعدَ البَلاءِ أُمورُها

بِأَنَّهُمُ لا مَحرَمٌ يَتَّقونَهُ
وَأَن لا يَفي يَومًا لِجارٍ مُجيرُها

لَقَد بُنِيَت يَومًا بُيوتُ مُجاشِعٍ
عَلى الخُبثِ حَتّى قَد أُصِلَّت قُعورُها

فَكَم فيهِمُ مِن سَوأَةٍ ذاتِ أَفرُخٍ
تُعَدُّ وَأُخرى قَد أُتِمَّت شُهورُها

بَنو نَخَباتٍ لا يَفونَ بِذِمَّةٍ
وَلا جارَةٌ فيهِم تُهابُ سُتورُها

وَخَبَّثَ حَوضَ الخورِ خورِ مُجاشِعٍ
رَواحُ المَخازي نَحوَها وَبُكورُها

أَفَخرًا إِذا رابَت وَطابُ مُجاشِعٍ
وَجاءَت بِتَمرٍ مِن حُوارينَ عيرُها

بَنو عُشَرٍ لا نَبعَ فيهِ وَخَروَعٍ
وَزِنداهُمُ أَثلٌ تَناوَحَ خورُها

وَيَكفي خَزيرُ المِرجَلَينِ مُجاشِعًا
إِذا ما السَرايا حَسَّ رَكضًا مُغيرُها

لَقَد عَلِمَ الأَقوامُ أَنَّ مُجاشِعًا
إِذا عُرِفَت بِالخِزيِ قَلَّ نَكيرُها

وَلا يَعصِمُ الجيرانَ عَقدُ مُجاشِعٍ
إِذا الحَربُ لَم يَرجِع بِصُلحٍ سَفيرُها

وَفَقَّأَ عَينَي غالِبٍ عِندَ كيرِهِ
نَوازي شَرارِ القَينِ حينَ يُطيرُها

وَداوَيتُ مِن عَرِّ الفَرَزدَقِ نُقبَةً
بِنِفطٍ فَأَمسَت لا يُخافُ نُشورُها

وَأَنهَلتُهُ بِالسُمِّ ثُمَّ عَلَلتُهُ
بِكَأسٍ مِنَ الذَيفانِ مُرٌّ عَصيرُها

وَآبَ إِلى الأَقيانِ أَلأَمُ وافِدٍ
إِذا حُلَّ عَن ظَهرِ النَجيبَةِ كورُها

أَيَومًا لِماخورِ الفَرَزدَقِ خَزيَةٌ
وَيَومًا زَواني بابِلٍ وَخُمورُها

إِذا ما شَرِبتَ البابِلِيَّةَ لَم تُبَل
حَياءً وَلا يُسقى عَفيفًا عَصيرُها

وَما زِلتَ يا عِقدانُ بانِيَ سَوأَةٍ
تُناجي بِها نَفسًا لَئيمًا ضَميرُها

رَأَيتُكَ لَم تَعقِد حِفاظًا وَلا حِجىً
وَلَكِن مَواخيرًا تُؤَدّى أُجورُها

أَثَرتُ عَلَيكَ المُخزِياتِ وَلَم يَكُن
لِيَعدَمَ جاني سَوأَةٍ مَن يُثيرُها

لَقيتَ شُجاعًا لَم تَلِدهُ مُجاشِعٌ
وَأَخوَفُ حَيّاتِ الجِبالِ ذُكورُها

وَتَمدَحُ سَعدًا لا عَلَيتَ وَمِنقَرًا
لَدى حَومَلِ السيدانِ يَحبو عَقيرُها

وَدُرتَ عَلى عاسي العُروقِ وَلَم يَكُن
لِيَسقِيَ أَفواهَ العُروقِ دُرورُها

دَعَت أُمُّكَ العَمياءُ لَيلَةَ مِنقَرٍ
ثُبورًا لَقَد زَلَّت وَطالَ ثُبورُها

أَشاعَت بِنَجدٍ لِلفَرَزدَقِ خَزيَةً
وَغارَت جِبالُ الغَورِ في مَن يَغورُها

لَعَمرُكَ ما تُنسى فَتاةُ مُجاشِعٍ
وَلا ذِمَّةٌ غَرَّ الزُبَيرَ غَرورُها

يُلَجِّجُ أَصحابُ السَفينِ بِغَدرِكُم
وَخوصٌ عَلى مَرّانَ تَجري ضُفورُها

تَراغَيتُمُ يَومَ الزُبَيرِ كَأَنَّكُم
ضِباعٌ أُصِلَّت في مَغارٍ جُعورُها

وَلَو كُنتَ مِنّا ما تَقَسَّمَ جارَكُم
سِباعٌ وَطَيرٌ لَم تَجِد مَن يُطيرُها

وَلَو نَحنُ عاقَدنا الزُبَيرَ لَقيتَهُ
مَكانَ أُنوقٍ ما تُنالُ وُكورُها

تُدافِعُ قِدمًا عَن تَميمٍ فَوارِسي
إِذا الحَربُ أَبدى حَدَّ نابٍ هَريرُها

فَمَن مُبلِغٌ عَنّي تَميمًا رِسالَةً
عَلانِيَةً وَالنَفسُ نُصحٌ ضَميرُها

عَطَفتُ عَلَيكُم وُدَّ قَيسٍ فَلَم يَكُن
لَهُم بَدَلٌ أَقيانُ لَيلى وَكيرُها

إرسال تعليق

0 تعليقات