الطُبولَ الطُبولَ إِنا انتصرنا
فأريحوا قنًا براها الطعانُ
صحَّ حُلمِي وعاد لي أمرُ قَومي
وليَ الصَولجانُ والسُلطانُ
قد ظَفِرنا دُقُّوا الطُبولَ وسيروا
مَوكِبًا ناظرًا اليه الزَمانُ
مَوكِبَ المُقسِمينَ أن يأخذوا الحَقَّ
بحدِّ السيوفِ أو يَتَفانوا
مَوكِبَ الظافرينَ ذا مَوكِبُ الحُبِّ
تُلاقيكُمُ عليه الحِسانُ
يا غَواني كلِّلنَ بالزَهرِ والعَطفِ
رجالًا في الحربِ لم يَتَوانوا
قبِّليني يا ربَّةَ الحُسنِ إِني
في وَغى الحُبِّ طائعٌ مِذعانُ
وأُوارُ الهوى يَزيدُ اضطرامًا
في ضُلوعي ويُسرِعُ الخَفَقانُ
ذاكَ سَهمُ الغرامِ أَصمى فؤادي
فسَرَت في صَميمه النِيرانُ
قبِّليني أيضًا كذا يَعذُبُ الحُبُّ
لقاءٌ فَقُبلةٌ واحتضانُ
قبِّليني لا لا كفى ويكِ ما هذا
أثَغرُ الحبيبِ أم ثُعبانُ
قُبُلاتٌ كأنها ألمُ الموتِ
وفي طَعمِها له ألوانُ
أبعِدي ثَغرَكِ المُلظّى لَحاكَ
اللَهُ ثَغرًا لم تَحوهِ الغِيلانُ
أنا وحدي ترى أهذا مَنامٌ
آهِ لا إنَّ ما أراهُ العِيانُ
ههنا ههنا لقد قبَّلَتني
ههنا الصَولجانُ لا بل سِنانُ
نافذٌ في الحَشا لقد أحكمَ المَرمى
عَدُوِّي وخانَني الأقرانُ
طَعنةٌ لو تَجِيئُني من أمامي
لهَوى من مَهابتي الطَعَّانُ
قد دُحِرنا وفرَّ صَحبي وزالَ
الحُلمُ عني وهُدَّتِ الأركانُ
ويلَ حُلمٍ صَدَّقتُه فإذا بالتاجِ
يَهوي وتُبرِزُ الأكفانُ
خاب ظَنِّي تعالَ يا موتُ أسرِع
لستُ أرضى الحياةَ فيها الهَوانُ
أقولُ وقد ناحت بِقُربي حَمامةٌ
ايا جارتا هل تشعُرين بحالي
معاذَ الهَوى لا ذُقتِ طارقةَ النَّوى
ولا خَطَرَت منك الهُمومُ بِبالِ
أيا جارتا ما أنصفَ الدَهرُ بيننا
تعالي أُقاسمكِ الهُمومَ تعالي
أَيضحَكُ مَقتول وتبكي طليقةٌ
ويَسكتُ محزونٌ ويندُبُ سالِ
لقد كنتُ أولى منكِ بالدَمع مُقلةً
ولكنَّ دَمعي في الحَوادثِ غالِ
تعالي تَرَى رُوحًا لَديَّ ضعيفةً
تَرَدَّدُ في جسمٍ يُعذَّبُ بالِ
ألا أيُّها النسرُ الذي جاء يبتغي
فريستَهُ أيَّ الولائمِ تنظُرُ
ألا اصبر قليلًا إِنَّ فيَّ بقيَّةً
يَمُدُّ اليها الموتُ كفًّا وتَعسُرُ
رُوَيدَكَ واعذُرني فإِنَّكَ جائعٌ
ومثلُكَ يا طَيَّارُ مَن كان يَعذُرُ
أتيتَ الينا تطلُبُ القُوتَ والقِرى
فأهلًا بضيفٍ جاءنا ليس يُزجَرُ
فدونَك شِلوي ذاك يا نَسرُ ما بَقِي
وأنتَ به يا جائعَ الجَوِّ أَجدَرُ
فمزَّق ولا ترحَم فما أنتَ واترٌ
لتَثأرَ مني حينَ حَلَّ المُقدَّرُ
لقد مزَّقَته الناسُ قبلك إخوتي
وأبناءُ عمِّي والعدوُّ المُكَشَّرُ
وأَطلِق فؤادًا ذابَ في أَسر أضلُعي
عليه سلامُ اللَهِ كم كان يَصبِرُ
رِفقًا مَلاكَ الموت رفقا
لو كنتَ ما ألقاهُ تلقى
لَلوَيتَ وجهَك عن صَريعٍ
في حِياض اليأس مُلقى
طالَ انتظارُكَ في الجِوارِ
تريدُ دَينًا مُستحِقَّا
مَن ذا يُماطِلُ أو يَسومُ
اذا تقاضى الموتُ حَقَّا
فإِليكَ رُوحي إِنَّها
لَوَدِيعةٌ ليست لِتَبقى
خُذها إلى الخَلاقِ داميةً
وقُل ما كان أشقَى
رُوحٌ تُحَشرِجُ ضمنَ جسمٍ
سامَها أسرًا ورِقَّا
يا رُوحُ لا تَستَعجِلي
فلأنتِ لي ما القلبُ دَقَّا
مَهلًا ملاكَ الموتِ لا
تَغضَب فإنَّ البَينَ شَقَّا
بَينٌ بلا أملِ اللِّقاءِ
وَسَفرَةٌ تَزدادُ سُحقا
دَعني فأروي بالوَداعِ
حُشاشَةً في الصَدرِ حَرقي
دَعني أُقلِّبُ ناظِري
ممتعًا غَربًا وشَرقا
وأُودِّعُ الأفُقَ البعيدَ
فلن أرى ما بَعدُ أُفقا
أينَ الأماني المُغرياتُ
المُحرِزاتُ الدَهرَ سَبقا
أينَ الفوارِسُ والكُماةُ
وكيفَ ذا فَرُّوا وأبقى
أوَّاهِ خانَتني الصِحابُ
وأَقسَموا الايمانَ صِدقا
أينَ الغَواني طالما
كاشَفنَني وَجدًا وعِشقا
أعرَضنَ عني بعدما
ذَلَّلنَ لي في الحبِّ عُنقا
وكَسَونني من بعدِ ثوبِ
الوَصلِ ثوبَ الغَدرِ خَلقا
صَه يا لسانًا مُظهِرًا
ضُعفِي ولا جاوَرتَ حَلقا
إِن أعرَضَت عني الحياةُ
فإِنَّ لي في الموتِ حَقَّا
أسرِع ملاكَ الموتِ لا
تَرفَق فلا أحتاجُ رِفقا
واقبِض فذا ثمنُ الحياةِ
أَفيكَهُ لأنالَ عِتقا
أبنيَّتي لا تَجزَعي
كلُّ الأنامِ إلى ذَهابِ
نُوحي عليَّ بحُرقةٍ
ما بين سِترِكِ والحِجابِ
قُولي اذا ناديتني
وعَجَزتُ عن رَدِّ الجَوابِ
زَينُ الشبابِ أبو فِراسٍ
لم يُمتَّع بالشبابِ
يا موتُ يا مَلِكَ الحياةِ
وأميرَ كلِّ الكائناتِ
يا ناثِرَ الشَملِ الجميع
وجامعًا كلَّ الشَتاتِ
أُبسُط يديكَ وحُلَّ أسرَ
الروحِ من هذا الرُفاتِ
خُذها اليك عَصيَّةً
سالت على حَدِّ الظُباتِ
ألمُ الحياةِ لذي الحياةِ
أَشدُّ من ألَمِ المَماتِ
هاتِ اعطِني حَقي الأخيرَ
فذاكَ من خَيرِ الهِباتِ
قد كنتُ في أسرٍ ولم
أُفقَه وقد حانت نَجاتي
إِنِّي أرى نُورَ الخُلودِ
يُضيءُ في كلِّ الجهاتِ
فاطفِئ سِراجي واسدُلِ
السترَ الأخيرَ على حَياتي
0 تعليقات