متهلل والبدر فوق جبينه لـ ابن هانئ الأندلسي

مُتَهَلِّلٌ والبَدْرُ فوْقَ جَبِينهِ
يَلقاكَ بِشْرُ سَماحِهِ من دُونِهِ

والدّينُ والدّنْيا جَميعًا والنّدَى
والبأسُ طَوْعُ شمالِهِ ويمِينِهِ

كالمَشرَفيّ العَضْبِ شاعَ فِرِنْدُهُ
وجَلَتْ مضارِبَهُ أكُفُّ قُيونهِ

جَذْلانُ فالآدابُ في حَركاتِهِ
والحِلمُ في إطراقِهِ وسُكونهِ

بادي الرّضا وحَذارِ منه مُعاوِدًا
غَضَبًا يُريكَ الموتَ بين جُفونِه

ومُصَمِّمٌ لو يَنتحي بلِوائِهِ
رَيْبَ المَنونِ لكان رَيبَ مَنونه

لِينٌ تُساسُ بهِ الخُطوبُ وشِدّةٌ
والنّصْلُ شدّةُ بأسه في لِينه

ومُقارِبٌ فيما يرُومُ مُباعِدٌ
أعيا لبيبَ القَومِ جَمُّ فُنونهِ

يَجلو لهُ الغيبَ المستَّرَ هاجِسٌ
ثَقِفُ النّباهَةِ ظَنُّهُ كَيقينه

حُلْوُ الشمائلِ ما اكتَفَينَ بَراعَةً
بالحُسْنِ حتى زِدْنَ في تحسينِه

فإذا اشْرَأبّ إلى القَصِيدِ فدَرُّهُ
مكنونُ دُرٍّ ليس من مكنونهِ

غْيثُ العُفاةِ تَلُوذُ منه وفُودُهمْ
بأخي السّماحِ وخِلّهِ وخَدينِه

لو يستطيع هَدى الرّكابَ لقَصْدها
وأنارَ ليلَ الرَّكبِ ضوءُ جبينه

لا يَنُدبُ الآمالَ آمِلُهُ ولم
تَحْلَكْ لِنائبةٍ وجوهُ ظنونه

عَزّ النّدَى بك والرّجاءُ وأهلُهُ
وأهَنتَ وَفرَكَ فاستَعاذَ لِهُونه

لِتَدُمْ خُلودًا وليَدُمْ لكَ جَعفرٌ
في عِزّ سُؤدَدِهِ وفي تمكينهِ

لا يَبْعَدَنْ بادي الصّبابةِ مُغْرَمٌ
حَنّتْ كواكبُ ليلهِ لحَنينه

يَرعاكَ والأرضُ الأريضَةُ دونَهُ
من بِيدِهِ وسُهولِهِ وحُزونه

بَهِجٌ بتأييدِ الإلهِ ونَصرِهِ
صَبٌّ إليكَ مُوَلَّعٌ بشجونه

مَلِكٌ أعَزُّ يُلاثُ ثِنْيُ نجادِهِ
بجَديرِهِ في يَعْرُبٍ وقَمينهِ

بهِزَبْرِ هذا الناس وابنِ هِزَبرِهم
وأمينِ هذا الملك وابنِ أمينهِ

تلقاهُ بالإقدام مُدّرِعًا فمنْ
مسرودِ ماذِيٍّ ومن مَوضونِه

سائِلْ وُلاةَ النَّكثِ كيف قُفولُهُ
عنهم وكيفَ إيابُ أُسْدِ عَرينه

يَسري له لجِبٌ كأنّ زُهَاءهُ
آذِيُّ بحْرٍ يَرتَمي بسفِينِهِ

أنحَى لهمْ خَطّيَّةُ فتَهافَتَتْ
مُهَجاتُهُمْ تَستَنُّ من مَسنونه

وابتَزّ مالَهُمُ ومُلكَهُمُ وقدْ
لحظتْهُ خُزْرًا كالِئاتُ عُيونهِ

يا رُبّ بِكْرٍ من ليالي حَرْبِهِ
فيهم يُعَدُّ مِثالُها من عُونه

غَزْوٌ رَمَى صُمَّ الجِبالِ بعزمِهِ
حتى ألانَ متونَها بمُتونِهِ

يا أيّها المُوفي بغُرّةِ ماجِدٍ
تَسري بِغبِّ السّعدِ غبَّ دُجونه

أوْسَعْتَ عبدَك من أيادٍ شُكرُهَا
حظّانِ من دنيا الشَّكور ودينه

في حين لم يَعدِلْ نَداكَ ندَى يدٍ
لكِنْ صَبيرُ المُزْنِ جاء لحِينه

من وَبْلِهِ وسَكْوبهِ ومُلِثّهِ
وسَفُوحِهِ ودَلوحِهِ وهَتونه

لم يَشْفِ جَهْدُ القولِ منْهُ وإنّني
رَهْنٌ بهِ وكفيلُهُ كرهِينِهِ

حُزْتَ الكمالَ ففيكَ معنىً مُشكلٌ
يَنْبو بيانُ القوْلِ عن تَبيينه

أقسَمتُ بالبيتِ العتيقِ وما حوَتْ
بَطحاؤهُ من حِجرِهِ وحَجونِه

ما ذاكَ إلاّ أنَّ كونَكَ ناشِئًا
سَببٌ لهذا الخلقِ في تكوينِهِ

إرسال تعليق

0 تعليقات