تَظَلّمَ مِنّا الحِبٌّ والحُبُّ ظالِمُ
فهل بينَ ظَلاّمَينِ قاضٍ وحاكمُ
وفي البَينِ حَرْفٌ مُعجَمٌ قد قرأتُهُ
على خدّهَا لو أنّني منه سالم
وقد كانَ فيما أثّر المِسكُ فوقَهُ
دلِيلٌ ومن خَلْفِ الحِدادِ المآتم
لَياليَ لا آوي إلى غَيرِ ساجِعٍ
ببَينِكِ حتى كلُّ شيءٍ حَمائم
ولمّا التَقَتْ ألحاظُنا ووُشاتُنا
وأعلَنَ سِرُّ الوَشيِ ما الوَشيُ كاتم
تأوّهَ إنْسِيٌّ منَ الخِدْرِ ناشِجٌ
فأسْعَدَ وَحْشيٌّ من السِّدْرِ باغم
وقالت قَطًا سارٍ سمعتُ حَفيفَهُ
فقلتُ قلوبُ العاشِقينَ الحوائم
سَلُوا بانَةَ الوادي أأسماءُ بانَةٌ
بجَرعائِهِ أمْ عانِكٌ مُتَراكم
وما عَذُبَ المِسواكُ إلاّ لأنّهُ
يُقبّلُهَا دُوني وإنّي لَراغِم
وقلتُ له صِفْ لي جَنى رَشَفاتِها
فألثَمَني فاها بما هو زاعم
إذا خُلّةٌ بانَتْ لَهَوْنا بذِكْرِهَا
وإنْ أقفَرَتْ دارٌ كَفَتنا المَعالم
وقد يَستفِيقُ الشوْقُ بعد لَجاجِهِ
وتَعْدَى على البُهم العِتاقِ الرواسم
خليليّ هُبّا فانصُراها على الدّجى
كتائبَ حتى يَهزِمَ الليْلَ هازم
وحتى أرى الجَوزاءَ تنثُر عِقدَهَا
وتَسقُطُ من كفّ الثريّا الخواتم
وتغْدُو على يحيَى الوُفودُ ببابِهِ
كما ابْتَدَرَتْ أُمَّ الحَطيم المَواسم
فتى المُلْكِ يُغْنِيهِ عن السيْفِ رأيُهُ
ويَكفِيهِ من قَودِ الجيوش العَزائم
فلا جُودَ إلاّ بالجَزيلِ لآمِلٍ
ولا عَفْوَ إلاّ أن تَجِلّ الجَرائم
أخو الحْربِ وابنُ الحرْبِ جرّ نجادَه
إليها وما قُدّتْ عليه التّمائم
أُمَثّلُهُ في ناظِرٍ غَيرِ ناظِري
كأنّيَ فيما قد أرى منه حالم
وليس كما قالوا المنيّةُ كاسمِها
ولكنّها في كفّهِ اليومَ صارم
ويَعدِلُ في شَرْقِ البِلادِ وغَربها
على أنّهُ للبِيضِ والسُّمْرِ ظالم
تَشَكَّينَ أن لاقَينَ منه تَقَصُّدًا
فأينَ الذي يَلقَى الليوثُ الضراغم
ولو أنّ هذا الأخرسَ الحيَّ ناطِقٌ
لَصَلّتْ عليكَ المُقْرَباتُ الصَّلادم
وما تِلكَ أوضاحٌ عليها وإن بَدَتْ
ولكنّما حَيّتْكَ عنها المَباسم
تمشّتْ شموسٌ طَلْقَةٌ في جُلودهَا
وضَمّتْ على هُوجِ الرياح الشكائم
تُعرِّضُها للطّعْنِ حتى كأنّها
لها مِنْ عِداهَا أضلُعٌ وحَيازم
وتطعنهم لم تَعْدُ نحرًا ولَبّةً
كأنّكَ في عِقْدٍ من الدُّرّ ناظم
وكم جَحفلٍ مَجْرٍ قرعتَ صَفاتَهُ
بصاعقَةٍ يَصْلى بها وهي جاحم
أتَتْكَ به الآسادُ تُبْدي زئيرَهَا
فطارَتْ به عن جانبَيكَ القشاعم
أتَوكَ فما خَرّوا إلى البِيض سُجّدًا
ولكنّما كانَتْ تَخِرُّ الجماجم
ولو حاربتْكَ الشمسُ دونَ لقائِهم
لأعْجَلَها جُنْدٌ من اللّهِ هازم
سبقْتَ المَنَايا واقعًا بنفوسِهِم
كما وقعَتْ قبلَ الخوافي القوادم
تَقودُ الكُماةَ المُعْلِمينَ إلى الوَغَى
لهمْ فوقَ أصْواتِ الحديدِ هَماهم
غَدَوْا في الدّروعِ السابغاتِ كأنّما
تُديرُ عُيونًا فوقهُنّ الأراقم
فليسَ لهم إلاّ الدّماءَ مَشَارِبٌ
وليسَ لهمْ إلاّ النفوسَ مطاعم
يَوَدّونَ لوْ صِيغتْ لهم من حِفاظهمْ
وإقدامهم تلكَ السّيوفُ الصّوارِمُ
ولوْ طَعَنَتْ قبلَ الرّماحِ أكُفُّهُمْ
ولوْ سَبَقَتْ قبل الأكفّ المَعاصمُ
رأى بكَ ليثُ الغابِ كيفَ اختضابُه
من العَلَقِ المُحمَرِّ والنّقعُ قاتِمُ
وجرّأتَهُ شِبْلًا صغيرًا على الطُّلَى
فهل يشكرَنّ اليوْمَ وهوَ ضُبارِمُ
وعلّمتَهُ حتى إذا ما تمَهّرَتْ
بهِ السِّنُّ قلْتَ اذهبْ فإنّك عالم
ستَفخَرُ أنّ الدّهْرَ ممّنْ أجَرْتَهُ
وأنّ حَيَاةَ الخلْقِ ممّا تُسالم
وأنّكَ عن حَقّ الخلافةِ ذائدٌ
وأنّك عن ثَغْرِ الخلافَةِ باسم
وأنّكَ فُتَّ السابقينَ كأنّما
مَساعِيك في سُوقِ الرّجالِ أداهم
مَرَيْتَ سِجالًا من عِقابٍ ونائلٍ
كأنّكَ للأعمارِ والرّزقِ قاسم
وأمّنْتَ من سُبْلِ العُفاةِ فجدَّعتْ
إليك أُنوفَ البِيدِ وهي رواغم
وأدْنَيْتَها بالإذْنِ حتى كأنّمَا
تَخَطّتْ إليكَ السيْفَ والسيْفُ قائم
وتنْظُرُ عُلْوًا أينَ منكَ وُفودُها
كأنّكَ يومَ الركْبِ للبرقِ شائِم
فلا تَخذُلِ البَدْرَ المُنيرَ الّذي بهِ
سَرَوا فله حَقٌّ على الجودِ لازم
أيأخُذُ منه الفَجرُ والفَجرُ ساطِعٌ
ويثبُتُ فيهِ الليلُ والليلُ فاحم
علوتَ فلولا التاجُ فوقك شكَّكتْ
تميمُ بنُ مُرٍّ فيكَ أنّك دارم
وجُدْتَ فلوْلا أنْ تَشَرّفَ طَيّءٌ
لقد قال بعضُ القوم إنّكَ حاتم
لك البيتُ بيتُ الفخرِ أنْتَ عَمودُهُ
وليس له إلاّ الرّماحَ دعائِم
أنافَ به أنْ ليس فوقكَ بالِغٌ
وشيّدَهُ أنْ ليسَ خلفَكَ هادم
وما كانتِ الدّنْيا لتحمِلَ أهلَهَا
ولكنّكُم فيها البحورُ الخَضارم
فمَهْلًا فقد أخرستمُونَا كأنّما
صَنائعُكُمْ عُرْبٌ ونحنُ أعاجِم
فلا زالَ مُنهَلٌّ من المجدِ ساكبٌ
عليكَ ومُرفَضٌّ من العزّ ساجِمُ
فثَمّ زَمانٌ كالشّبيبَةِ مُذْهَبٌ
وثَمّ لَيالٍ كالقدودِ نواعِمُ
وللّهِ دَرُّ البَينِ لولا خليفَةٌ
تخلّفني عنكم وحَبْلٌ مُداوِمُ
ودَرُّ القُصورِ البِيضِ يَعمُرُ مُلكَها
ملوكُ بني الدّنيا وهنّ الكَرائِمُ
وأنتَ بها فارْدُدْ تحيّةَ بعضنا
إذا قَبّلتْ كَفّيكَ عنّا الغمائمُ
ولوْ أنّني في مُلْحَدٍ ودَعَوتَني
لقامَتْ تُفَدّيكَ العِظامُ الرمائم
تحَمّلْتَ بالآمالِ إذ أنتَ راحِلٌ
وأقْبَلْتَ بالآلاءِ إذ أنْتَ قادم
مَددتَ يدًا تَهمي على المُزنِ مِن عَلٍ
فهل لك بحرٌ فوقها مُتلاطِم
هو الحوضُ حوض اللّهِ من يكُ واردًا
لقد صَدَرتْ عنهُ الغيوثُ السّواجم
فإن كان هذا فِعْلُ كفّيكَ باللُّهى
لقد أصْبَحَتْ كَلاًّ عليكَ المكارم
0 تعليقات