أمِنْ أُفْقِها ذاك السّنا وتألُّقُهْ
يُؤرِّقُنَا لو أنّ وَجْدًا يُؤرِّقُهْ
وما انفكَ مُجتازٌ من البرْقِ لامِعٌ
يُشَوِّقُنا تِلقاءَ مَن لا يُشَوِّقُهْ
وما إن خَبا حتى حسِبْتُ من الدّجى
على الأفْقِ زنجيًّا تكشَّفَ يَلمَقُه
تَخَلّلَ سِجْفَ الليلِ للّيلِ كالِئًا
يُراعِيهِ بالصُّبْحِ الجَلِيِّ ويَرمُقُه
ولم يكتحِلْ غُمْضًا فباتَ كأنّمَا
يروغُ إلى إلفٍ من المُزْنِ يَعشقه
فمِنْ حُرَقٍ قد باتَ وَهْنًا يَشُبُّهَا
بذكراكِ تُذكَى في الفؤادِ فتُحرِقه
عنى الوالِهَ المتبولَ منكِ ادِّكارُهُ
وأضناهُ طيْفُ من خَيالكِ يَطرُقُه
لأُبرِحْتُ من قلْبٍ إليكِ خُفُوقُهُ
نِزاعًا ومن دَمْعٍ عليكِ تَرَقرُقُه
وَحَشْوَ القِبابِ المستقِلّةِ غَادَةٌ
أُجَدِّدُ عَهدَ الوُدِّ منها وتُخلِقُه
غريرةُ دَلٍّ ضاقَ دِرْعٌ يزينُهَا
وأقلَقَ مستنَّ الوِشاحَينِ مُقْلِقُه
يَميلُ بها اللحظُ العَليلُ إلى الكرَى
إذا رَنّقَ التفتيرَ فيهِ مُرَنِّقه
تهادى بعِطْفَيْ ناعِمٍ جاذَبَ النَّقَا
مُنَطَّقُهُ حتى تَشَكّى مُقَرطَقُه
يُغالِبُهَا سُكْرُ الشبابِ فتنثَني
تَثَنّيَ غُصْنِ البانِ يَهتزُّ مُورِقُه
وما الوَجدُ ما يَعتادُ صَبًّا بذكرهَا
ولكنّهُ خَبْلُ التّصابي وأولَقُه
بوديَ لو حَيّا الربيعُ رُبوعَها
ونَمَّقَ وَشيَ الرّوضِ فيها منمِّقُه
تَقَضّتْ ليالينا بها ونَعيمُها
فكَرَّ على الشمل الجميعِ مُفرِّقه
أقولُ لسَبّاقٍ إلى أمَدِ العُلى
بحيْثُ ثَنى شأوَ المُرَهَّقِ مُرْهِقُه
لَسَعيُكَ أبطى عن لَحاق ابن جعفرٍ
وسَعيُ جَهْولٍ ظَنَّ أنّك تَلحقُه
لَعَلّكَ مُودٍ أن تقَاذَفَ شَأوُهُ
إلى أمَدٍ أعيا عليك تَعَلُّقُه
لهُ خُلُقٌ كالرّوضِ يُنْدي تبرُّعًا
إذا ما نَبا بالحُرِّ يومًا تَخَلُّقُه
وكالمَشرَفيِّ العَضْبِ يَفري غِرارُهُ
وكالعارضِ الوسميِّ يَنهَلُّ مُغدِقُه
وكالكوكبِ الدُّرّيِّ يُحمدَ في الوغى
تألُّقُ بِيضِ المُرهَفاتِ تألُّقُه
ويَعنُفُ في الهيجاءِ بالقِرْن رِفْقُهُ
وأعنَفُ ما يسطو به السيْفُ أرفَقُه
لهُ من جُذامٍ في الذّوائبِ مَحتِدٌ
زكا منبتًا في مَغرسِ المجدِ مُعرَقُه
رفيعُ بناءِ البيتِ فيهم مُشيدُهُ
مُطَنِّبُهُ بالمَأثُراتِ مُرَوِّقُه
هُمُ جوهرُ الأحساب وهو لُبابُهُ
وإفْرِندُهُ المُعْشي العيونَ ورَونقُه
إذا ما تجلّى من مَطالِعِ سَعْدِهِ
تجلّى عليك البدرُ يَلتاحُ مَشرِقُه
لَئِنْ مُلِئَتْ منهُ الجوانحُ رَهْبَةً
لقد راقَها من منظرِ العَينِ مُونِقُه
مُقَلَّصُ أثناءِ النّجادِ مُعَصَّبٌ
بتاج العُلى بين السماكينِ مَفْرَقُه
لهُ هاجِسٌ يَفْري الفَرِيَّ كأنّهُ
شَبَا مَشرَفّيٍ ليسَ ينبو مُذَلَّقُه
يُصيبُ بيانَ القوْل يُوفي بحَقّهِ
على باطِلِ الخَصْمِ الألَدِّ فيمحَقُه
أطاعَ له بَدءُ السَّماحِ وعَودُهُ
فكان غَمامًا لا يَغُبُّ تَدَفُّقُه
دَلوحًا إذا ما شِمتَهُ افتَرَّ وَبْلُهُ
وإرْهامُهُ سَحًّا عليكَ ورَيّقُه
إذا شاءَ قادَ الأعوَجِيّاتِ فيْلَقًا
ومنْ بينِ أيْديها الحِمامُ وفَيْلَقُه
وكنْتَ إذا ازوَرَّتْ لقَوْمٍ كتيبَةٌ
وعارَضَها من عارِضِ الطعن مُبرِقُه
وقُدْتَ بها قُبَّ الأياطِلِ شُزَّبًا
تُسابقُ وَقْدَ الرّيحِ عَدْوًا فتَسبقُه
تخَطّى إلى النّهْبِ الخميسَ ودونَهُ
سُرَادِقُ خَطّيّاتِهِ ومُسَرْدَقُه
إذا شارَفَتْهُ قلتَ سِربُ أجادِلٍ
يُشارِفُ هَضْبًا من ثَبيرٍ مُحلِّقُه
رعى اللّهُ إبراهيمَ مِنْ مِلكٍ حَنا
على المُلكِ حانِيهِ وأشفَقَ مُشفِقُه
وأورى بزند الأرقمِ الصِّلّ جعفَرٌ
ولم يُعْيِهِ فَتْقُ من الأرضِ يَرتقُهُ
إلى ذاك رأيُ الهِبْرِزِيِّ إذا ارتأى
وصِدْقُ ظنونِ الألَمعيِّ ومَصْدَقُه
على كُلِّ قُطْرٍ منه لَفْتَةُ ناظِرٍ
يُراعي بها الثّغْرَ القَصِيَّ ويَرمقُه
وأعيَا الحروريّينَ مُتَّقِدُ النُّهَى
مُظاهِرُ عِقدِ الحزْمِ بالحزْم موثِقُه
فكم فِيهِمِ من ذي غِرارَينِ قد نَبَا
ومِدْرَهِ قَومٍ قد تَلَجْلَجَ منطِقُه
يرونَ بإبراهيمَ سَهْمًا يَريشُهُ
لهم بالمَنَايا جعفرٌ ويُفَوِّقُه
مؤازِرُهُ في عُنفُوانِ شبابهِ
يُسَدِّدُهُ في هَدْيِهِ ويُوَفِّقُه
يَطيبُ نسيمُ الزّابِ من طِيبِ ذكره
كما فتّقَ المِسكَ الذكيَّ مُفتِّقُه
ويعبق ذاك الترب من أوجه الدجى
كما فاح من نثر الأجنة أعبقه
وقد عمَّ من في ذلك الثغرِ نائِلًا
كما افترقَتْ تَهمي من المُزْن فُرَّقُه
أإخبْاتُهُ أحْفَى بهم أم حَنَانُهُ
ورأفَتُهُ أم عَدْلُهُ وتَرَفُّقُه
ثَوَى بكَ عز المُلكِ فيهم ولم تَزَلْ
وأنتَ لهُ العِلْقُ النفيسُ ومَعْلَقُه
شَهِدْتُ فلا واللّهِ ما غابَ جَعفرٌ
ولا باتَ ذا وَجْدٍ إليك يُؤرِّقُه
وبالمغرب الأقصَى قَريعُ كتائبٍ
تخُبُّ بمَسراهُ فيرجُفُ مَشرِقُه
سيُرضيكَ منهُ بالإيابِ وسَعْدِهِ
ويجمَعُ شَملًا شادَ مجْدًا تَفَرُّقُه
ويَشفي مشوقًا منكَ بالقُربِ لوعَةً
وبَرْحَ غليلٍ في الجوانحِ يُقْلِقُه
ويُبْهِجُ أرضَ الزّاب بهجةَ سؤددٍ
وتُبْهِجُه أفوافُ زَهْرٍ وتُونِقُه
لك الخير قد طالَتْ يدايَ وقصّرَتْ
يدا زَمَنٍ ألْوى بنَحضي يمزِّقه
كفى بعضُ ما أوْليْتَ فأذَنْ لقِافلٍ
بفضلك زُمَّتْ للترَحُّلِ أينُقُه
أفَضْتَ عليه بالنّدى غيرَ سائِلٍ
بحارَكَ حتى ظنَّ أنّك تُغْرِقُه
سأشكركَ النُّعْمَى عليَّ وإنّني
بذاك لَواني الشّأوِ عنك مُرهَّقُه
وما كحميدِ القولِ ينمي مزيدُه
ولا كاليَدِ البيضاء عندي تحَقُّقُه
وما أنا أو مثلي وقولٌ يقوله
إذا لم أكُنْ أُلفي به مَن يُصَدِّقُه
0 تعليقات