لقد آن إعراضي عن الغي جانبا لـ ابن الجزري

لقد آن إعراضي عن الغي جانبا
وأن أتصدى للهداية طالبا

وان اترك اللهو الذي ذم دائما
وازهد فيه للنُهى عنه راغبا

وابعد عني الزغف والبيض والقنا
وازجر عني المقربات السلاهبا

تفةت ارتداد الطرف سبقًا لغاية
كأن عليها آصفا كان راكبا

وتصحب في السير العواصف للمدا
فتمشي الصبا من خلفهن جنائبا

ضوامر أرمى الشأو عنها ضامر
ينال بأيديه الأهلة واثبا

ولم اصطحبها غارة اثر غارة
وان كنت فيها للمحامد كاسبا

مواكبها تبدي الأسنة في دجى
قتام الوغي فوق الرماح كواكبا

ولا اذكر الصهباء لا تشبها
لأشنب ثغر لا يمازج شاربا

ولم أدن أذني للأغاني ولا لغنى
يقرب مني الغانيات الكواعبا

ترى كل خود تطلع الخوط في نقا
بأعلاه بدر يستظل الذوائبا

ذا اسفرت بسامةً خلت بارقًا
يقشع عن بدر السماء السحائبا

وإن قطبت اقسمت ما قوس حاجب
بأقتل منها فيك لحظًا وحاجبا

واحمد للقلب الأبي سلوه
ويأبى ذمامي ان اذم الحبائبا

واصحبه الصبر المرير مذاقه
وربما يحلو لك الصبر صاحبا

واخلع اثواب الصبا وكأنني
لبست شبابي أشهب الرأس تائبا

واهجر الأفضل من ذيل فضاء
غدا فوق سحبان البلاغة ساحبا

فأني مذ وافيت ساحة داره
حمدتُ النوى فيها ورعت النوائبا

أجلا ولى العلياء نجل ابن قاسم
نجيب لداعيه أجبت النجائبا

إمام محامنا الضلالة رشدُه
كذلك ضوء الصبح يمحو الغياهبا

وفل جيوش الجهل عنا بعلمه
وما زال فضل العلم للجهل غالبا

وارسل من راحاته لعفاته
سحائب معروف سوار مركبا

له ذروة المجد المؤثل هامها
ينكس هامًا للسهى ومناكبا

وبيتٌ من العلياء اسسه التقى
وشيد أركانًا له وجوانبا

فياعلمًا في العلم والحلم راسيا
تخر له الأعلام طوعًا رواهبا

ويا بحر فضل يخجل البحر ما رأى
عجائبه والبحر يحوي العجائبا

اليس بذاك الدر يخفي ولفظك
البديع بدر الدر فينا مواهبا

ارتنا المعالي فيك كل غريبة
ولم تزل الأيام تدبي الغرائبا

حقايق علم في دقايق حكمة
تصور للأوهام ما كان غائبا

ورائق لفظ تحت صادق عزمة
نؤلف منها كتبنا والكتائبا

لك الخير في صدر العواصم غلةٌ
لبعدك عنها لا تسيغ المشاربا

لقد صحبت بعد الأعز اذلة
وقد خشيت حتى الصغار الأجانبا

ومن فقد الليث الهصور عوضت
به نقدًا كفاه خاف الثعالبا

ولو لم يكن في المكث عنها فضيلة
لو افيتها من قبل تطوى السباسبا

ولكن لمكث الدر في اليم رفعة
تبلغه بعد التراب الترائبا

بقيت بقاء الحمد فيك فأنه
يعمر والاعمار تمضي ذواهبا

ودمت دوام الفضل منك فما أرى
لمن يكتسي من فضلك الدهر سالبا

ولا زلت ابهى النيرات محاسنًا
وابهر منها في السماء مواكبا

محلك يسمو ان يضاهي محله
وعزمك يغدو للمصائب صائبا

يمينًا بمن حلاك جوهر علمه
النفيس ورقاك المعالي مراتبا

ليصدق فيك الظن من غير ريبة
واكثر ما تلقي الظنون كواذبا

إرسال تعليق

0 تعليقات