قُلْ للمليكِ ابنِ الملوكِ الصِّيدِ
قوْلًا يسدُّ عليه عَرْضَ البيدِ
لَهفي عليكَ أما ترِقُّ على العُلى
أم بينَ جانِحتَيكَ قلبُ حديد
ما حَقُّ كفِّكَ أن تُمَدَّ لمِبضَعٍ
من بعد زَعزعةِ القَنا الأملود
ما كان ذاك جزاؤها بمجالِهَا
بينَ النَّدى والطعنةِ الأخدود
لو نابَ عنها فصدُ شيءٍ غيرِهَا
لوَقيْتُ مِعصَمَها بحبل وريدي
فارْدُدْ إليك نجيعَها المُهْراق إنْ
كان النجيعُ يُرَدُّ بعدَ جُمود
أو فاسقِنِيه فإنّني أولى به
من أن يُرَاقَ على ثَرىً وصَعيد
ولئِنْ جرى من فضَّةٍ في عسجدٍ
فبغَيرِ علم الفاصدِ الرِّعْديد
فصَدتْكَ كفّاهُ وما دَرَتَا ولو
يَدْري غَداةَ المشهد المشهود
أجْرى مباضِعَهُ على عاداتها
فجَرَتْ على نهجٍ من التّسديد
واعْتاقَهُ عن مَلكِها الجزَعُ الذي
يعتاقُ بطشةَ قِرنِكَ المِرّيد
قد قلتُ للآسي حنانَك عائِدًا
فلقَد قَرَعْتَ صَفاةَ كلِّ ودود
أوَما اتَّقَيْتَ اللّه في العضْوِ الذي
يَفديه أجمعُ مُهجةِ الصِّنديد
أوَما خشيتَ من الصّوارمِ حولَه
تهتزُّ من حَنَقٍ عليك شديد
أوَلم تُهَلْ من ساعدِ الأسَدِ الذي
فيه خِضابٌ من دماءِ أُسود
ولمَا اجترأتَ على مَجَسَّة كفِّه
إلاَّ وأنتَ من الكُماة الصِّيد
وعلامَ تفْصِدُ مَن جرَى من كفِّه
في الجود مثلُ البحرِ عامَ مُدود
فبحسبه ممّا أرادوا بذلَهُ
في المجدِ نفسُ المُتعَب المجهود
قالوا دَواءً نبتغي فأجبتُهُمْ
ليسَ السَّقامُ لمثلِهِ بعَقيدِ
لِمَ لا يُداوي نفسَه من جودهِ
مَن كان يمكنُه دواءُ الجود
ما داؤهُ شيءٌ سوى السرف الذي
يُمضي وما الإسرافُ بالمحمودِ
عَشِقَ السَّماحَ وذاك سيماهُ وما
يَخفى دليلُ متَيَّمٍ معمود
إنَّ السقيمَ زمانُهُ لا جسمُهُ
إذ لا يجيءُ لمثله بنديد
قَعَدَ الزّمانُ عن المكارم والعُلى
إنَّ الزّمان السَّوءَ غيرُ رشيد
حسبي مدى الآمال يحيَى إنّهُ
أمْنُ المَرُوعِ وعصْمةُ المنجود
لقد اغتدَى والمجدُ فوق سريره
والغيثُ تحت رِواقِهِ الممدود
أوحَشتَنا في صدرِ يوْمٍ واحِدٍ
وأطَلتَ شوقَ الصافناتِ القود
وأقلُّ منه ما يُضرِّمُ لوعتي
ويحولُ بين الصَّبرِ والمجلود
لِمَ لا وقد ألبَستَني النِّعَمَ التي
لم تُبقِ لي في الناس غيرَ حسود
حمّلتَني ما لا أنُوءُ بحَمْلِهِ
إلاّ بعَوْنِ اللّهِ والتَّأييد
لولا حياتُكَ ما اغتبطتُ بعيشةٍ
ولوَ انّني عُمِّرْتُ عُمْرَ لَبيد
أهدى السلامُ لك السلامَ وإنّما
عَيشُ الوَدود سلامَةُ المَودود
أوَما ترى الأعمارَ لو قُسمتْ على
قَدْرِ الكِرام لَفُزْتَ بالتَّخليد
أنتَ الذي ما دام حيًّا لم يكُنْ
في المُلكِ من أمْتٍ ولا تأويد
ما للسِّهامِ ولا الحِمامِ ولا لِمَا
تُمضيه في العزَماتِ من مرْدود
ولقد كفيتَ فكنتَ سيفًا ليس بال
نابي ورُكْنًا ليسَ بالمهدود
وإذا نظرتَ إلى الأسنّة نظرةً
ألقَتْ إليكَ الحرْبُ بالإقليد
وإذا ثنَيْتَ إلى الخلافة أصبعًا
وفّيتَ حقَّ النقض والتوكيد
وإذا تصَفَّحتَ الأمورَ تَدَبُّرًا
خُيّرْتَ في التوفيق والتسديد
وإذا تشاءُ بلغت بالتقريبِ ما
لا يبْلُغُ الحكماءُ بالتبعيد
وقبضتَ أرواحَ العِدى وبسَطْتَها
ما بينَ تَلْيينٍ إلى تَشْديد
ولقد بعُدْتَ عن الصِّفاتِ وكنهِها
ولقد قربتَ فكنتَ غيرَ بعيد
فكأنّكَ المقدارُ يعرفُه الورى
من غيرِ تكييفٍ ولا تحديد
كلُّ الشهادة ممكنٌ تكذيبُها
إلاّ ببأسِكَ والعُلى والجُود
كلُّ الرجاءِ ضلالةٌ ما لم يكن
في اللّهِ أو في رأيكَ المحمود
لا حكمةٌ مأثورةٌ ما لم تكُنْ
في الوحي أو في مدحك المسرود
لم يَدَّخرْ عنك المديحَ الجَزْلَ مَن
وَفّاكَ غايتَهُ من المجهود
ولما مدحْتُكَ كي أزيدك سوددًا
هل في كمالك موضعٌ لمزيد
ما لي وذلك والزّيادة عندهم
في الحدِّ نقصانٌ من المحدود
أُثني عليك شهادةً لك بالعُلى
كشهادتي للّه بالتّوحِيد
0 تعليقات