عللوا قلبي بتذكار اللقاء لـ ابن الجزري

عللوا قلبي بتذكار اللقاء
وانقذوا طرفي من فيض بكائي

واذكروا الحسنى من القرب فقد
يبرأ الداء بأوصاف الدواء

لا تظنوا بي صبرا إنما
غلب اليأس على حكم الرجاء

فالهوى يلعب بالقلب كما
لتعب الذرة في قلب الهواء

ولولوا الحب يرى أسعدهم
مسلب اللب بأسباب الشقاء

وارحموا صبًا إذا جن الدجا
حن مشتاقًا لري ودواء

قد خفا رسمًا فلو هب الصبا
ترك الصب خفاءً كالهباء

وأحال الدمع عن رؤيته
لدمي السفح بسفح من دماء

كيف يسطيع سلوًا دنف
رهن آمال التداني والتنائي

لا يرى إتلافه إلا رفًا
وعلى هذا مضى أهل الوفاء

خص بالصبر على الحب كما
خص بالفضل كريم الكرماء

الإمام المنتمي يوم الندى
والهمام المنتمي عند النداء

ورد الشهباء يومًا والردى
سالك ما بين عطف ورداء

ومدى الأعمار من آمالنا
في تناهٍ والرزايا في ابتداء

وخطوب الدهر لا أحسبها
غير غارات أسود بظباء

فلوى عن لمسها أبدى العدا
وأخو البأساء منصور اللواء

أخرج الطاغين منها عنوة
وهم بين عناد وعناء

فحلت بالعدل منه بعد ما
جُرع الرائي لها ميما براء

من أولى مجد وجد قد سموا
بمعاليهم على أهل السماء

خلقوا برءًا لعلات الورى
ولولوا الرحمة برؤ الضعفاء

وأتوا الدنيا ملوكًا وهم
مع غنى أنفسهم كالفقراء

يا ابن من طيب أرجا طيبة
وثراها فهي ترجى كالثراء

من يساويك بقاض في العلا
قد أطال الفكر في رد القضاء

وسها الراجي قياسًا بالسهى
قمر الظلماء أو شمس الضحاء

كلهم خير ولكن أين من
أحد الخلق سليل الأنبياء

فابق يا فرعا زكى من أصله
وذكى خاطره نار الذكاء

واسلم الدهر فما يشكى الصدى
ومرائيك تجلت عن صداء

وبه يفديك من قد خصني
بثناء طال عن طول ثنائي

جامد الكفين يندي وجهه
خجلًا عند مديحي لا هجائي

لا برحت الدهر يا كهف الندى
ورد الأعدا وحبر العلماء

تترقي رتبًا من دونها
رتب العز بعز الارتقاء

فالورى وجه به أنت حيًا
وحياة الوجه إبقاء الحياء

وله لا يضر الكريم قلة مال
لا ولا باللئيم يجدي الثراء

فتبا مرهف الجبان كليل
وبصنديدها تقد العضاء

إرسال تعليق

0 تعليقات