قُولا لمُعتقِلِ الرُّمحِ الرُّدَينيِّ
والمُرْتَدي بالرّداءِ الهِنْدُوانيِّ
ضَعِ السّلاحَ فهل حُدّثتَ عن رَشَإٍ
في مَشْرَفيٍّ صَقيلٍ أو رُدَينيّ
ما حالُ جِسْمٍ تحمّلْتَ السلاح بهِ
وأنتَ تَضْعُفُ عن حمل القُباطيّ
لأعرِفَنّ الأديمَ السّابِرِيَّ إذا
ما راحَ في سابرِيّ النسجِ ماذِيّ
هيهاتَ من دونهِ خَلعُ النفوس وتك
ذيبُ الظّنون وتَضْليلُ الأمانيّ
هَبْني اجْتَرَأتُ عليه حينَ غِرَّتِهِ
في العَبْقَرِيّ أو العَصْبِ اليمانيّ
فمن لمثلي به في الدّرعِ سابِغَةً
تَموجُ فوقَ القَباءِ الخُسرُوانيّ
إذًا أفِرُّ ويُخْزِي الأزْدَ شاعِرُهَا
فلا تَظُنَّ الجُلَندَى كلَّ أزديّ
ولسْتُ من ظُلمِهِ أخْشَى بَوادِرَهُ
فرُبّ وِتْرٍ لديهِ غير مَنسيّ
أهواهُ والصَّعْدَةُ السمراءُ تعذُلُني
والقلبُ يُدْلي بعذرٍ فيه عُذرِيّ
إذا تَثَنّى تَثَنّتْ سمهَرِيّتُهُ
فاعجَبْ لما شئتَ من خوطٍ وخَطّيّ
من أهْلِ بَهرامَ جُورٍ في مناسِبِهِ
ما شِئْتَ من فارسيٍّ نَوبَهاريّ
أوفى فماسَ على غُصْنٍ وماجَ على
دِعْصٍ وقامَ على أُنبوبِ بَرديّ
مَن ليسَ يَرفُلُ إلاّ في سَوابِغِهِ
من تُبّعيٍّ مُفاضٍ أو سَلوقيّ
لَيثُ الكَتيبَةِ والأبصارُ تَرمُقُهُ
وبيْضَةُ الخِدرِ في الليل الدجوجيّ
ولا يُحَدِّثُ إلاّ عن سَوابِقِهِ
مِن أعوَجيٍّ جَوادٍ أو صَريحيّ
أو ذي كُعوبٍ من المُرّان مُعتدِلٍ
أو ذي فِرندٍ من القُضْبان حاريّ
أو عن جِلادٍ وفُرسانٍ ومعركَةٍ
وصَولَجانٍ وشاهينٍ وبازِيّ
فلو تَراهُ غَدا بالصّقْرِ أشْبهَ مِنْ
جوانحي بقَطًا في الجَوّ كُدْريّ
ثَقِفتُ منهُ أديبًا شاعرًا لَسنًِا
شَتَى الأعاريضِ محذورَ الأحاجي
وكالسَّنانِ الذي يهتَزُّ في يَدِهِ
ومثلَ أجدَلِهِ الصّقرِ القُطامي
مُستَطلِعًا لجَوابي من بَديهتِهِ
فما يُجاوبُهُ مثْلُ النُّواسي
مَن لا يُفاخِرُ بالطائيّ في زَمَنٍ
ولا الخُزاعِيّ في عصرِ الخُزاعيّ
ولا الفَرَزْدَقِ أيضًا والفَخَارُ لَهُ
ولا جَريرٍ ولا الرّاعي النُّمَيْري
لكنْ بعَلقَمَةَ الفَحلِ الذي زعموا
في الشعر أو بامرىء القيس المُراريّ
ولا ينُازِلُ لا بابنِ الحبابِ ولا
جِذْلِ الطّعان ولا عَمرو الزُّبَيدي
لكن بفارسِ شيبانَ الذي سجدتْ
إليه فُرسانُ عَتّابٍ ودُعمي
قريبُ عهْدٍ بأعرابِ الجَزيرةِ لم
ينطِق بِدارًا ولم يُنسَبْ إلى عِيّ
مَن ليس يألَفُ إلاّ ظِلّ خافقَةٍ
أو سَرْجَ سابِقَةٍ أو رَحلَ عِيديّ
لا يشرَحُ القوْمُ وحشيَّ الغريب لهُ
ولا يُسائِلُ عن تلك الأحاجيّ
بما يؤنِّبُ فرسانَ الدّيار تَرى
عليهِ سِيما ذكيِّ القلبِ حُوشيّ
مستوحِشٌ عِزّةً مستأنِسٌ كَرَمًا
تَلقاهُ ما بينَ وَحشيٍّ وإنْسيّ
أرَقُّ من صَفحةِ الماء المَعِينِ وإنْ
خاطبتَ خاطبتَ قُحًّا فوقَ مَهريّ
وكانَ غيرَ عجيبٍ أن يجيءَ لهُ ال
معنى العِراقيّ في اللفظِ الحجازيّ
وقد تلاقَتْ عليه كلُّ مُنجِبَةٍ
ومُنجِبٍ فهو لا يُعزَى إلى سيّ
واستَأثَرَتْ عَرَبيّاتُ الخيامِ بهِ
ولمْ يُوكَّلْ إلى أيْدي السَّراريّ
وأرْضَعَتْهُ وأُسْدُ الغِيلِ تَكفُلُهُ
بالبَدْوِ كلُّ دَرُورٍ حافِلِ الريّ
فشَبّ إذ شَبّ كالخَطِّيِّ معتدِلًا
وجاء إذ جاء كالصّقرِ القُطاميّ
للّهِ من عَلَوِيِّ الرّأي مُنتسِبٍ
إلى العُلى وائليِّ الأصْلِ مُرِّيّ
شِيعيُّ أملاكِ بَكرٍ إن همُ انتسبوا
ولستَ تَلقَى أديبًا غيرَ شيعيّ
مَن أصْلحَ المغرِبَ الأقصَى بلا أدبٍ
غيرِ التشيُعِ والدّين الحنيفيّ
لم يجهل القوْمُ إذ ولّوكَ ثغرَهُمُ
لِما تأشّبَ منه كلُّ حُوذي
وقد تركْتَ عِداهم فيه مِن حَذَرٍ
تَخْلُو فما تَتَناجَى بالأمانيّ
فهم أولئك ما هَمّوا بمعصيةٍ
ومَن يَهُمُّ بأمْرٍ غيرِ مَأتيّ
أبقَيتَ منهم وقد رَوَّوا أسِنّتَهم
بجائِشاتٍ كأفواهِ البَخاتي
وقد دُعيتَ إلى الهيجا فجِئتَ كما
جُؤجِئَتِ الشَّولُ بالفَحل الغُرَيريّ
كأنّما حَلَقاتُ الدرْعِ يوْمئِذٍ
على قُراسِيَةٍ بالقارِ مَطْلِيّ
أقبَلْتَهم زَجِلَ الأصْواتِ ذا لَجَبٍ
فيه القُنوسُ كَبيضاتِ الأداحيّ
والهَضْبُ أشمخُ من هِمّاتِ أنفسهم
والقوْمُ أمنعُ من عُصْمِ الأراويّ
حتى غدوا من طريدٍ في الشعابِ ومن
مُضَرَّجٍ بدَمٍ وردِ الأساريّ
ومِن أُسارى على الأقتابِ خاشعةٍ
تَزِفُّ بينَ المَنايا والأمانيّ
كأنّ أيديَها والقِدُّ يَكعَمُها
في كل ماجرة أيدي الحرابي
تَعَسّفُوا البِيدَ مُلتَفًّا بأسوُقهِمْ
مِثلُ الأساوِدِ في سَجعِ القُماريّ
إذ يتّقونَ حَرُورَ الشمس عن مُقَلٍ
مُغْرَوْرِقاتِ المآقي والأناسيّ
تسطو الرّجالُ بهم من بعد ما نظرَوُا
إلى المنابرِ خُزْرًا والكَراسيّ
أولى لهم ثم أولى من أخٍ ثِقَةِ
راضٍ عن اللّهِ زاكي السعي مَرْضيّ
رامٍ بسَهمَينِ مَبرِيٍّ يُسَدّدُهُ
وصائبٍ عَلَوِيٍّ غيرِ مَبرِيّ
فلا تَسَل عن معُاديهِ فحسبُكَ من
مُقَرطَسٍ بسِهامِ اللّهِ مَرميّ
جَرَى القَضاءُ بما يَنْوي فلا تَعَبٌ
إنّ القضاءَ عِنانٌ غيرُ مَثْنيّ
وبادَرَ الحَزْمَ حتى قامَ هاجِسُهُ
يَقْضي له بَحْثَ أمْرٍ غيرِ مَقضيّ
يُصّرفُ الدّهْرَ يَنْهاهُ ويأمُرُهُ
فدَهْرُهُ بينَ مأمورٍ ومَنْهِيّ
وليس تلقاه من دون القلوب ولا ال
غيوب إلاّ سيورٌ كالعراقيّ
طَبٌّ أرِيبٌ بأيّامِ الحروب زعي
مٌ بالخُطوب عليمٌ بالمآتيِّ
رُكْنٌ لعمرك من أركان دولتِهمِ
وعُرْوَةٌ من عُرَى الدين الحنيفيّ
كل السيوفِ اللواتي جُرّدتْ كذبٌ
وهو المجرِّدُ للسيْفِ الحقيقيّ
للّهِ ما تَنتَضي من ذي الفَقار وما
تَشُدُّ من عَضُدِ الرّأي الإماميّ
لم يَجْهلوا ما تُلاقي في التشيُّع من
تحريض شارِيَةٍ أو بأسِ شارِيّ
وما تُذلِّلُ من أهلِ العِنادِ لهُمْ
وما تُداري من الدين الإباضيّ
وما تُكابِدُ من تلك الغِمارِ وما
تَخُوضُ بالسيْفِ من تلك الأواذيّ
كوفئتَ عن ذلك الثغرِ المخوفِ فقَدْ
تركتَهُ بالعَوالي جِدَّ مَكفيّ
جَوٌّ وجدتَ رُبَاهُ غيرَ مُكْلأةٍ
لرائِدٍ وحِماهُ غيرَ مَحْميّ
والأرضُ فيه رَجوفٌ غيرُ ساكِنةٍ
والنّاسُ فيه سَوامٌ غيرُ مَرْعيّ
فما استَمَدّوا بسيْفٍ غيرِ مُنصَلِتٍ
ولا استَبَدّوا بعَزْمٍ غيرِ مَأتيّ
أحيَيْتَ فيه مَواتًا غيرَ ذي رَمَقٍ
وشِدْتَ فيه خرابًا غيرَ مَبْنِيّ
وفّرْتَ أموالَه إذ ضِعنَ فاجتُبِيَتْ
منها القناطِيرُ من بعدِ الأواقيّ
وصُنْتَ منه إلى ما لم تَصُنْه يَدٌ
سِواكَ من كلّ راعٍ ثَمّ مَرعيّ
من بعدِ ما دُكَّ سورٌ غيرُ مُمتنِعٍ
منه وضاعَ خَراجٌ غيرُ مَجْبيّ
مَن يَصْطَلي حَرَّ نارٍ أنتَ موقِدُها
وهي الحَرُورُ على الشِّعبِ الحَرُوريّ
أمْ مَنْ يُذِلُّ عَماليقًا تُذِلُّهمُ
إنّ الأجادلَ تَسمْو للكَراكيّ
بأيّ يومِ وَغىً أُثْني عليك وقد
أثنَتْ عليك المذاكي في الأواريّ
وقد ركزْتَ القَنا بينَ السحاب وقد
أنزَلْتَ قِرْنَكَ من بينِ الدراريّ
يَفْديكَ جَهْمُ المُحيّا يومَ سائلهِ
يَلقى الملامَ بعِرضٍ غيرِ مَفْدِيّ
من كلّ خاملِ نفسٍ غيرِ طاهرةٍ
منهم ولابِسِ عِرْضٍ غيرِ قوهيّ
لا يَفْقِدَنّكَ ذو سمْعٍ وذو بصَرٍ
فأنْتَ أكرَمُ مسموعٍ ومَرْئيّ
تُغضي عن الذنبِ أحيانًا فتحسبني
أشُكُّ في أحنَفِ الحِلْمِ التميميّ
ما كنتُ أحسَبُ أنَّ الدهرَ يَزْلُفُ لي
بحاتمٍ في اللّيالي غير طائيّ
إذا بَنْو مُرّةٍ صَلّوا عليْكَ فلا
صَلّتْ إيادٌ على كعْبِ الإياديّ
لكَ المَكارِمُ مَضرُوبًا سُرَادِقُهَا
وبيْتُ شَيبانَ مَشْدودَ الأواخيّ
ولم أقِسْكَ بشيبانٍ وما جَمَعَتْ
لكنّما أنتَ عندي كلُّ رَبْعيّ
لا بل ربيعةُ والأحلافُ من مُضَرٍ
بل أنتَ كلُّ تهاميٍّ ونَجْديّ
بل شِسْعُ نَعلِكَ عَدنانٌ وما ولدتْ
بل أنتَ وحدك عندي كلُّ إنسيّ
0 تعليقات