أما والمَذاكي يَلُكْنَ الشُّكُمْ
وضَرْبِ القَوانسِ فوقَ البُهَمْ
وَوَقْعِ الصِّعادِ وحَرِّ الجِلادِ
إذا ما الدّماءُ خَضَبْنَ اللِّمَمْ
يمينًا لأنْتَ مَلِيكُ المُلُوكِ
فمَن شاءَ خَصّ ومَن شاء عَمّ
وإنّي لأعْجَبُ من خَلّتَي
نِ جُودِ يَدَيكَ وبُخْلِ الأُمَم
فَعانٍ يُرجّي لديكَ الفَكاكَ
وعافٍ يَشيمُ لديك الدِّيَم
فمن أين ساروا فأنتَ السّبيلُ
ومن أينَ ضَلّوا فأنْتَ العَلمَ
ويَأبَى لك الذَمَّ طِيبُ النِّجارِ
وطِيبُ الخِلالِ وطِيبُ الشِّيَم
خُلِقْتَ شِهابًا يُضيءُ الخُطوبَ
ولستَ شِهابًا يُضيءُ الظُّلَم
فلو كنْتَ حيثُ نجومُ السماء
لما كانَ في الأرض رِزقٌ قُسِم
كَرُمْتَ فكنْتَ شَجىً للكِرامِ
فلم تَترُكِ القَطْرَ حتى لَؤُم
فأشبَهَكَ البَحْرُ إن قِيلَ ذا
غِطَمٌّ وهَذا جَوادٌ خِضَمّ
وأخطَأكَ الشّبْهُ إنْ قِيلَ ذا
أُجاجٌ وهذا فُراتٌ شَبِم
إذا لم يكُنْ مَنْهَلًا للوُرُودِ
فلا خَيرَ في مَوجِهِ المُلتَطِم
رأيتُكَ سيْفَ بَني هَاشِمٍ
وخَيرُ السّيوفِ اليَماني الخَذِم
فلوْ كنْتَ حارَبتَ جُندَ القَضاء
وأنْتَ على سابِحٍ لانهَزَم
ولو أنّ دَهرَكَ شخصٌ تَراهُ
لِتَسْطو بهِ فاتِكًا ما سَلِم
إلى جَعْفَرٍ يَتَنَاهَى المديحُ
وفِيهِ تُثِيرُ القَوافي الحِكَم
فَسَلْ ظَمِىءَ التُّرْبِ عن نَيلِهِ
وحَسبُكَ مِنْ عالِمٍ ما عَلِم
هو استنّ للرّيحِ هذا الهُبوبَ
وَرَشّحَ ذا العارِضَ المُرتكِم
فما هَمَتِ المُزْنُ حتى هَمى
ولا ابْتَسَمَ البَرْقُ حتى ابتَسَم
وليسَ رِشاءٌ وإنْ مُدّ مِن
رشاءٍ ولا وَذَمٌ مِن وَذَم
ولا كلّ مُزْنٍ إذا ما هَمَى
بمُزْنٍ ولا كُلّ يَمٍّ بَيمّ
ولا كلّ ما في أكُفٍّ نَدىً
ولا كلّ ما في أُنوفٍ شَمَم
فأُقسِمُ لو أنّ عَصْرَ الشّبابِ
كأيّامِهِ لأمِنّا الهَرَم
هو الواهِبُ المُقرَباتِ الجيادَ
صَواهِلَ واليَعمَلاتِ الرُّسُم
إلى كلّ عَضْبٍ رقيقِ الفِرِنْدِ
ومُطّرِدِ الكَعْبِ لَدْنٍ أصَمّ
ومسرودَةٍ مثلِ نِسْجِ السّرابِ
تَرَقْرَقُ فوقَ الكَمِيِّ العَمَم
وبَيْضَةِ خِدْرٍ تجُرُّ الذّيول
كما أتلَعَ الخِشْفُ لمّا بَغَم
وبَدْرَةِ ألفٍ يَمانِيّةٍ
يُحَيّى الوفودُ بها بَدْرَ تَمّ
ولم أرَ أنْفَذَ من كُتْبِهِ
إذا جُعِلَ السّيْفُ حيثُ القَلَم
لَعَمْري لقد مَزَعَتْ خَيلُهُ
وأنعُلُهُنّ خُدودُ الأكَم
فما فارَقَ البِشْرَ لمّا اكْفَهَرّ
ولا نَسِيَ العَفْوَ لمّا انْتَقَمْ
فلوْ أبْصَرَتْ وائِلٌ يومَهُ
لمّا عَدّدَتْ فارسًا من جُشَمْ
غَداةَ رَمَى المعشَرَ المَارقينَ
بصَمّاءَ تُوقَصُ منها القِمَم
وذي لَجَبٍ يَرتَدي بالقَنَا
ويَعْثُرُ في العِثْيَرِ المُدْلَهِمّ
وباتُوا يُرِيحُونَ كُومَ اللّقاحِ
فصَبّحَهَا وهيَ بَرْكٌ جُثَم
فأضْحَى بحيْثُ الرُّغاءُ الزّئِيرُ
وحالَتْ بحيْثُ الخيامُ الأجَم
وأعطَى القبيلَ سَوامَ القتيلِ
بما فِيهِ من وَبَرٍ أو نَعَم
فلو ناقَةٌ عندَ ذاكَ انْثَنَتْ
لِتُرْوي فصِيلًا لَجَادَتْ بدَم
فمَنْ حاتمٌ ثَكَلوا حاتِمًا
ومَنْ هَرِمٌ حيثُ عدّوا هَرِم
إذا هوَ أعْطى البَعيرَ الفَريدَ
بُرمّتِهِ ظُنّ أنْ قد كَرُم
وأنْتَ رأيْتُكَ تُعطْى الألوفَ
فَتَنْهَبُ نَهْبًا ولا تَقْتَسِم
وكان إذا ما قَرَى بَكْرَةً
تَفَرّدَ بالجُودِ فيما زَعَم
وأنْتَ تَجُودُ بمِثلِ البِكارِ
من التّبْرِ في مثِلها مِنْ أدَم
إذا عَرَبٌ لم تكُنْ في الصّمي
مِ ممّنْ نَمَتْكَ فتلك العَجَم
فلْو نُسِبَتْ يَمَنٌ كُلّها
إليكَ لقلْنَا لها لا جَرَم
بحَيْثُ الأكُفُّ طِوالٌ إلى
مَآرِبِهَا والعَرانِينُ شُمّ
وإنّكَ مِنْ مَعْشَرٍ طِفْلُهُمْ
يُتَوَّجُ قبلَ بلوغِ الحُلُم
ويسمو إلى المجدِ قبلَ الفِطامِ
فكيْفَ يكونُ إذا ما فُطِم
مُلُوكُ المُلوِك وأبنْاؤهَا
وفوْقَ الهَوادي تكونُ القِمَم
تَشَيّعَ فيكُمْ لِساني ومَنْ
تَشَيّعَ في قَولِهِ لم يُلَمْ
فَلَسْتُ أُبالي بأيٍّ بَدَأتُ
بفخْري بكمْ أو بمدْحي لكم
فإنْ طَفِقَتْ والِهٌ بيْنَنَا
تَحِنُّ حَنينًا فتلك الرّحِم
هل اللؤلؤ الرّطْبُ إلاّ الّذي
نظَمْتُ لكُمْ عِقدَهُ فانتظَم
قَوافٍ لسُؤدَدكمْ تُقْتَنَى
وتحْتَ سُرادِقِكم تَزْدَحِم
قُصِرنَ عليكُمْ كأنّ الشّآمَ
وأرضَ العِراقِ عليها حَرُم
تَكَنّفْتُمُوني فلَمْ أُضْطَهَدْ
وأعْزَزْتُمُوني فلمْ أُهْتَضَم
ففي ناظري عن سِواكم عَمىً
وفي أُذُني عن سواكمْ صَمَم
فشَمْلي بشَمْلِكُمُ جامِعٌ
وشَعْبي بشَعْبِكُمُ مُلْتَئِم
فلا انْفَصَمَتْ عُرْوَةٌ بَيْنَنَا
إذا ما العُرَى جَعلتْ تَنفصِم
أبا أحْمَدٍ دعوةً حُرّةً
لِحُرِّ المَواثِيقِ حُرّ الذّمَم
حَمِدتُ لقاءَكَ حَمْدَ الرّبيع
وشِمْتُ نَوالَكَ شَيْمَ الدّيَم
وما الغَيثُ أوْلى بأنْ يَستَهِلّ
وما الغْيثُ أولى بأن يَنسجِم
ومن حَقّ غَيرِيَ أن يَجْتَدي
ومن حَقّ مثليَ أن يحتَكِم
وأنْتَ مَلِيٌّ بدُرّ الفِعالِ
وإنّي مَلِيٌّ بدُرّ الكَلمِ
وحَسْبُكَ منْ هِبْرِزِيٍّ لَهُ
على كُلّ عُضْوٍ لسانٌ وفَم
ولم أرَ مثْلَ جَزيلِ الثّنَاء
مُكافَأةً لجَزيلِ النِّعَم
خَرِسْتُ ولي مَنطِقُ العالَمينَ
فقَلّ الفصيحُ جميلُ البَكَم
فلوْ أنّ حَدّي كَهامٌ نَبَا
ولو أنّ ذِهْني كليلٌ سَئِم
أذُمّ إليكَ اعتْوِارَ الخُطوبِ
وصرْفَ الحوادثِ فيما أذُمّ
وممّا أعانَ عليّ الزّمَانَ
عَفافُ يَدي وعُلُوُّ الهِمَم
فلا بالعَجُولِ ولا بالمَلُولِ
ولا بالسَّؤولِ ولا المُغْتَنِم
وإنّي وإنْ تَرَني قابضًا
جَناحي إليّ كَظِيمًا وَجِم
أُقَلّلُ مِنْ هَفَواتِ المَزَارِ
وأُبْدي الغِناءَ وأُخفي العَدَم
فإنّي من العَرَبِ الأكرمينَ
وفي أوّلِ الدّهْرِ ضاعَ الكَرَم
0 تعليقات