مَن سَّرهُ كَرُمُ الحَياةِ فَلا يَزَل
في مِقنَبٍ مِن صالِحي الأَنصارِ
تَزِنُ الجِبالَ رَزانَةً أَحلامُهُم
وَأَكُفُّهم خَلَفٌ مِنَ الأَمطارِ
المُكرِهينَ السَمهَرِيِّ بِأَذرُعٍ
كَصَواقِلِ الهِندِيِّ غَيرِ قِصارِ
وَالناظِرينَ بِأَعيُنٍ مُحَمَرَّةٍ
كَالجَمرِ غَيرِ كَليلَةِ الإِبصارِ
وَالذائِدينَ الناسَ عَن أَديانِهِم
بِالمِشرَفِيِّ وَبِالقَنا الخَطّارِ
وَالباذِلينَ نُفوسَهُم لِنَبِّيِهِم
يَومَ الهِياجِ وَقُبَةِ الجَبّارِ
دَرِبوا كَما دَرِبت أُسودٌ خَفِيَّةٌ
غُلبُ الرِقابِ مِنَ الأُسودِ ضَواري
وَهُم إِذا خَوَتِ النُجومُ فَإِنَّهُم
لِلطائِفينَ السائِلينَ مَقاري
وَهُمُ إِذا اِنقَلَبوا كَأَنَّ ثِيابَهُم
مِنها تَضَوُّعُ فَأرَةِ العَطّارِ
وَالمُطعِمَونَ الضَيفَ حينَ يَنوبُهُم
مِن لَحمِ كومٍ كَالهِضابِ عِشارِ
وَالمُنعِمون المُفضِلونَ إِذا شَتَوا
وَالضارِبون عِلاوَةَ الجَبّارِ
رُمِيَت نَطاةٌ مِنَ الرَسولِ بِفَيلَقٍ
شَهباءَ ذاتِ مَناكِبٍ وَفَقارِ
بِالمُرهَفاتِ كَأَنَّ لَمعَ ظُباتِها
لَمعُ السَواري في الصَبيرِ الساري
لا يَشتَكون المَوتَ إِن نَزَلَت بِهِم
شَهباءُ ذاتُ مَعاقِمٍ وَأُوارِ
وَإذا نَزَلتَ لِيَمنَعوكَ إِلَيهُمُ
أَصبَحتَ عِندَ مَعاقِلِ الأَغفارِ
وَرِثوا السِيادَةَ كابِرًا عَن كابِرٍ
إِنَّ الكِرامَ هُمُ بَنو الأَخيارِ
لِلصُلبِ مِن غَسّانَ فَوقَ جَراثِمٍ
تَنبو خَوالِدُها عَنِ المِنقارِ
لَو يَعلَمُ الأَحياءُ عِلمِي فيهُم
حَقًّا لصَدّقَني الَّذينَ أُمارِي
صَدَموا عَلِيًّا يَومَ بَدرٍ صَدمَةً
داَنَت عَلِيُّ بَعدَها لِنِزارِ
يَتَطَّهرونَ كَأَنَّهُ نُسُكٌ لَهُم
بِدِماءِ مَن عَلِقوا مِنَ الكُفّارِ
وَإِلَيهِمُ اِستَقبَلتُ كُلَّ وَديقَةٍ
شَهباءَ يَسفُع حَرُّها كَالنارِ
وَمَريضَةٍ مَرَضَ النُعاسِ ذَعَرتُها
بادَرتُ عِلَةَ نَومِها بِغِرارِ
وَعَلِمتُ أَنّي مُصبِحٌ بِمَضيَعَةٍ
غَبراءَ تَعزِفُ جِنُّها مِذكارِ
وَكَسَوتُ كاهِلَ حُرَّةٍ مَنهوكَةٍ
بِالفَجرِ حارِيًّا عَديمَ شَوارِ
سَلِسَت عَراقيهِ فَكُلُّ قَبيلَةٍ
مِن حِنوِهِ قَلِقَت إِلى مِسمارِ
وَسَدَت مُهَملِجَةً عُلالَةَ مُدمَجٍ
مِن فالِقٍ حَصِدٍ مِنَ الإِمرارِ
حَتّى إِذا اِكتَسَتِ الأَبارِقُ نُقبَةً
مِثلَ المُلاءِ مِنَ السَرابِ الجاري
وَرَضيتُ عَنها بِالرِضا لَمَّا أَتَت
مِن دون عُسرَةِ ضِغنِها بِيَسارِ
تَنجو بِها عُنُقٌ كِنازٌ لَحمُها
حَفَزَت فَقارًا لاحِقًا بِفَقارِ
في كاهِلٍ وَشَجَت إِلى أَطباقِهِ
دَأَياتُ مُنتَفِخٍ مِنَ الأَزوارِ
وَتُديرُ لِلخَرقِ البَعيدِ نِياطُهُ
بَعدَ الكَلالِ وَبَعدَ نَومِ الساري
عَينًا كمِرآةِ الصَناعِ تُديرُها
بِأَنامِلِ الكَفَّينِ كُلَّ مُدارِ
بِجَمالِ مَحجَرِها وَتعلَمُ ما الَّذي
تُبدي لِنَظرَةِ زَوجِها وَتُواري
0 تعليقات