جزعت ولم تجزع من الشيب مجزعا لـ مالك بن حريم الهمداني

جَزَعتَ وَلَم تَجزَع مِنَ الشَيبِ مَجزَعا
وَقَد فاتَ رِبقِيُّ الشَبابِ فَوَدَّعا

وَلاحَ بَياضٌ في سَوادٍ كَأَنَّهُ
صِوارٌ بِجَوٍّ كانَ جَدبًا فَأَمرَعا

وَأَقبَلَ إِخوانُ الصَفاءِ فَأَوضَعوا
إِلى كُلِّ أَحوى في المَقامَةِ أَفرَعا

تَذَكَّرتُ سَلمى وَالرِكابُ كَأَنَّها
قَطًا وارِدٌ بَينَ اللِفاظِ وَلَعلَعا

فَحَدَّثتُ نَفسي أَنَّها أَو خَيالها
أَتانا عَشاء حينَ قُمنا لِنَهجَعا

فَقُلتُ لَها بيتي لَدَينا وَعَرِّسي
وَما طَرَقَت بِعدَ الرقادِ لِتَنفَعا

مُنَعَّمَةٌ لَم تَلقَ في العَيشِ تَرحَةً
وَلَو تَلقَ بؤسًا عَندَ ذاكَ فَتَجدَعا

أَهيمُ بِها لَم أَقضَ مِنها لُبانَةً
وَكُنتُ بَها في سالِفِ الدَهرِ موزِعا

كَأَنَّ جَنى الكافورِ وَالمِسكِ خالِصًا
وَبَردَ النَدى وَالأُقحُوانَ المُنَزَّعا

وَقَلتًا قرت فيهِ السَحابَةُ ماءَها
بِأَنيابِها وَالفارِسِيَّ المُشَعشَعا

وَإِنّي لَأَستَحيي مِن المَشيِ أَبتَغي
إِلى غَيرِ ذي المَجدِ المُؤَثَّلِ مَطَمعا

وَأُكرِمُ نَفسي عَن أُمورٍ كَثيرَةٍ
حِفاظًا وَأَنهى شُحَّها أَن تَطَلَّعا

وَآخُذُ لِلمولى إِذا ضيمَ حَقَّهُ
مِنَ الأَعيَطِ الآبي إِذا ما تَمَنَّعا

فَإِن يَكُ شابَ الرَأسُ مِنّي فَإِنَّني
أَبيتُ عَلى نَفسي مَناقِبَ أَربَعا

فَواحِدَةٌ أَن لا أَبيتَ بِغِرَّةٍ
إِذا ما سَوامُ الحَيِّ حَولي تَضَوَّعا

وَثانِيَةٌ أَن لا أُصَمِّتُ كَلبَنا
إِذا نَزَلَ الأَضيافُ حِرصًا لِنودَعا

وَثالِثَةٌ أَن تُقَذَّعَ جارَتي
إِذا كانَ جارُ القَومِ فيهِم مُقَذَعا

وَرابِعَةٌ أَن لا أُحَجِّلَ قِدرَنا
عَلى لَحمِها حنَ الشِتاءَ لِنَشبَعا

وَإِنّي لَأُعدي الخَيلَ تُقدَعُ بِالقَنا
حَفاظًا عَلى المَلاى الحَريدِ لِيُمنَعا

وَنَحنُ جَلَبنا الخَيلَ مِن سَروِ حِميَرٍ
إِلى أَن وَطَئنا أَرضَ خَثعَمَ أَجمَعا

فَمَن يِأتِنا أَو يَعتَرِض بِسَبيلِنا
يَجِد أَثَرًا دَعسًا وَسَخلًا مُوَضَّعا

وَيَلقَ سَقيطًا مِن نِعالٍ كَثيرَةٍ
إِذا خَدَمُ الأَرساغِ يَومًا أَلحَموهُ مُقَطَّعا

إِذا ما بَعيرٌ قامَ عُلِّقَ رَحلُهُ
وَإِن هُوَ أَنقى أَلحَموهُ مُقَطَّعا

نُريدُ بَني الخَيفانِ إِنَّ دِماءَهُم
شِفاءٌ وَما والى زُبَيدٌ وَجَمَّعا

يَقودُ بِأَرسان الجِيادِ سَراتُنا
لِيَنقِمنَ وِترًا أَو لِيَدفَعنَ مَدفَعا

تَرى المُهرَةَ الرَوعاءَ تَنفُضُ رَأسَها
كَلالًا وَأَينًا وَالكُمَيتَ المُقَزَّعا

وَنَخلَعُ نَعلَ العَبدِ مِن سوءِ قَودِهِ
لِكَيما يَكونَ العَبدُ لِلسَهلِ أَضرَعا

وَقَد وَعَدوهُ عُقبة فَمَشى لَها
فَما نالَها حَتّى رَأى الصُبحَ أَدرَعا

وَأَوسَعنَ عقبيه دِماء فَأَصبَحَت
أَصابِعُ رِجلَيهِ رَواعِفَ دُمَّعا

طَلَعنَ هِضابًا ثُمَّ عالَينَ قَنَّةً
وَجاوَزنَ خَيفًا ثُمَّ أَسهَلنَ بَلقَعا

وَتَهدي بِيَ الخَيلَ المُغيرَةَ نَهدَةٌ
إِذا ضَبَرَت صابَت قَوائِمُها مَعا

إِذا وَقَعَت إِحدى يَدَيها بِثَبرَةٍ
تَجاوَبَ أَثناءُ الثَلاثِ بِدَعدَعا

قُوَيرِحُ سَبعٍ أَو ثَمانٍ تَرى لَها
إِذا اِعرَورَتِ البَيداءُ مَشيًا هَمَلَّعا

فَأَصبَحنَ لَم يَترُكنَ وِترًا عَلِمتُهُ
لِهَمدانَ في سَعدٍ وَأَصبَحنَ طُلَّعا

مُقَرَّبَةٌ أَدنَيتُها وَاِفتَلَيتُها
لِتَشهَدَ غُنمًا أَو لِتَدفَعَ مَدفَعا

تَشَكّينَ مِن أَعضادِها حينَ مَشيِها
أَمِ القَضُّ مِن تَحتِ الدَوابِرِ أَوجَعا

وَمِنّا رَئيسُ يُستَضاءُ بِرَأيِهِ
سَناءً وَحُلمًا فيهِ فَاِجتَمَعا مَعا

وَسارع أَقوامٌ لِمَجدٍ فَقَصَّروا
وَقارَبَها زَيدُ بنُ قَيسٍ فَأَسرَعا

وَلا يَسأَلَ الضَعيفُ الغَريبُ إِذا شَتا
بِما زَخَرَتِ قِدري لَهُ حينَ وَدَّعا

فَإِن يَكُ غَثًّا أَو سَمينًا فَإِنَّني
سَأَجعَلُ عَينَيهِ لِنَفسِهِ مَقنَعا

إِذا حَلَّ قَومي كُنتُ أَوسَطَ دارِهِمِ
وَلا أَبتَغي عِندَ الثَنَيَّةِ مَطلَعا

إرسال تعليق

0 تعليقات