أَمَنزِلَتَي مَيَّ سَلامٌ عَلَيكما
عَلى النَأيِ وَالنائي يَوَدُّ وَيَنصَحُ
وَلا زالَ مِن نَوءِ السِماكِ عَلَيكُما
وَنَوءِ الثُريّا وَابِلٌ مُتَبَطِّحُ
وَأَن كُنتُما قَد هِجتُما راجِعَ الهَوى
لِذي الشَوقِ حَتّى ظَلَّتِ العَينُ تَسفَحُ
أَجَل عَبرَةً كادَت لِعِرفانِ مَنزلٍ
لِمَيَّةَ لَو لَم تُسهِلِ الماءَ تَذبَحُ
عَلى حينِ راهَقتُ الثَلاثينَ وَاِرعَوَت
لِداتي وَكادَ الحِلمُ بِالجَهلِ يَرجَحُ
إِذا غَيَّرَ النَأيُ المُحِبّينَ لَم يَكَد
رَسيسُ الهَوى مِن حُبِّ مَيَّةَ يَبرَحُ
فَلا القُربُ يُدني مِن هَواها مَلالَةً
وَلا حُبُّها إِن تَنزِحِ الدَارُ يَنزَحُ
إِذا خَطَرَت مِن ذِكرِ مَيَّةَ خَطرَةٌ
عَلى النَفسِ كادَت في فُؤَادِكَ تَجرَحُ
تَصَرَّفَ أَهواءُ القُلوبِ وَلا أَرى
نَصيبَكِ مِن قَلبي لِغَيرِكِ يُمنَحُ
وَبعضُ الهَوى بِالهَجرِ يُمحى فَيمتَحي
وَحُبُّكِ عِندي يَستَجِدُّ وَيَربَحُ
ذَكَرتُكِ إِذ مَرَّت بِنا أُمُّ شادِنٍ
أَمامَ المَطايا تَشرَئِبُّ وَتَسنَحُ
مِن المُؤَلِفاتِ الرَملِ أَدماءُ حُرَّةٌ
شُعاعُ الضُحى في مَتنِها يَتَوَضَّحُ
تُغادِرِ بِالوَعساءِ وَعساءُ مُشرِفٍ
طَلًا طَرفُ عَينَيها حَوالَيهِ يَلمَحُ
رَأَتنا كَأَنّا قاصِدونَ لِعَهدِها
بِهِ فَهيَ تَدنو تارَةً وَتَزَحزَحُ
هِيَ الشِبهُ أَعطافًا وَجيدًا وَمُقلَةً
وَميَّةُ أَبهى بَعدُ مِنها وَأَملَحُ
أَناةُ يَطيبُ البَيتُ مِن طيبِ نَشرِها
بُعَيدَ الكَرى زَينٌ لَهُ حينَ تُصبِحُ
كَأَن البُرى وَالعاجَ عيجَت مُتونُهُ
عَلى عُشَرٍ نَهًّى بِهِ السَيلُ أَبطَحُ
لَها كَفَلٌ كَالعانِكِ اِستَنَّ فَوقَهُ
أَهاضيبُ لَبَّدنَ الهَذاليلَ نُضَّحُ
وَذو عُذرٍ فَوقَ الذَنوبَينِ مُسبَلٌ
عَلى البانِ يُطوى بِالمداري وَيُسرَحُ
أَسيلَةُ مُستَنِّ الدُموعِ وَما جَرى
عَليهِ المِجَنُّ الجائِلُ المُتَوِشَّحُ
تَرى قُرطَها في وَاضِحِ اللَيتِ مُشرِفًا
عَلى هَلَكٍ في نَفنَفٍ يَتَطَوَّحُ
وَتَجلو بِفَرعٍ مِن أَراكٍ كَأَنَّهُ
مِن العَنبَرِ الهِنديِّ وَالمسكِ يُصبَحُ
ذُرى أُقحُوانٍ واجَهَ اللَيلُ وَاِرتَقى
إِلَيهِ النَدى مِن رامَةَ المُتَرَوَّحُ
تَحُفُّ بِتُربِ الرَوضِ مِن كُلِّ جانِبٍ
نَسيمٌ كَفَأرِ المِسكِ حينَ تَفَتَّحُ
هِجانَ الثَنايا مُغرِبًا لَو تَبَسَّمَت
لأَِخرَسَ عَنهُ كادَ بِالقَولِ يُفصِحُ
هِيَ البُرءُ وَالأَسقامُ وَالهَمُّ ذِكرُها
وَمَوتُ الهَوى لَولا التَنائِي المُبَرَّحُ
وَلَكِنَّها مَطروحَةٌ دونَ أَهلِها
أَوارِنُ يَجرَحنَ الأَجالِدَ بُرَّحُ
وَمُستَشحِجاتٍ بِالفِراقِ كَأَنَّها
مَثاكيلُ مِن صُيّابَةِ النُوبِ نُوَّحُ
يُحَقِّقنَ ما حاذَرتُ مِن صَرفِ نِيَّةٍ
لِمَيَّةَ أَمسَت في عَصا البَينِ تَقدَحُ
بَكى زَوجُ مَيَ أَن أُنيخَت قَلائِصي
إِلى بَيتِ مَيّ آخِرَ اللَّيلِ طُلَّحُ
فَمُت كَمَدًا يا بَعلَ مَيّ فَإِنَّما
قُلوبُ لِمَيّ آمِنو العَيبِ نُصُّحُ
فَلو تَرَكوها وَالخِيارَ تَخيَّرَت
فَما مِثلُ مَيّ عِندَ مِثلِكَ يَصلُحُ
أَبيتُ عَلى مِثلِ الأَشافي وَبَعلُها
يَبيتُ عَلى مِثلِ النَقا يَتَبَطَّحُ
إِذا قُلتُ تَدنو مَيّةُ اِغبَرَّ دونَها
فَيافٍ لِطَرفِ العَينِ فيهِنَّ مَطرَحُ
قَد اِحتَمَلَت مَيُّ فَهاتيكَ دارُها
بِها السُحمُ تَردي وَالحَمامُ المُوَشَّحُ
لِمَيّ شَكَوتُ الحُبَّ كَيما تُثيبُني
بِوُدّي فَقالَت إِنَّما أَنتَ تَمزَحُ
بِعادًا وَإِدلالًا عَلَيَّ وَقَد رَأَت
ضَميرَ الهَوى قَد كادَ بِالجِسمِ يَبرَحُ
لَئِن كَانَت الدُنيا عَلَيَّ كَما أَرى
تَباريحَ مِن مَيّ فَلَلمَوتُ أَروَحُ
وَهاجِرةٍ مِن دونِ مَيَّةَ لَم تِقل
قَلوصي بِها وَالجُندَبُ الجَونُ يَرمَحُ
وَبَيداءَ مِقفارٍ يَكادُ اِرتِكاضُها
بِآلِ الضُحى وَالهَجرِ بِالطَرفِ يَمصَحُ
كَأَنَّ الفِرنِدَ المَحضَ مَعصوبَةٌ بِهِ
ذُرى قورِها يَنقَّدُ عَنها وَيُنصَحُ
إِذا جَعَلَ الحِرباءُ مِمّا أَصابَهُ
مِنَ الحَرِّ يَلوي رَأسَهُ وَيُرنَحُ
وَنَشوانَ مِن طولِ النُعاسِ كَأَنَّهُ
بِحَبلَينِ مِن مَشطونَةٍ يَتَرَجَّحُ
أَطَرتُ الكَرى عَنهُ وَقَد مالَ رَأسُهُ
كَما مالَ رَشّافُ الفِضالِ المُرَنّحُ
إِذا ماتَ فَوقَ الرَحلِ أَحيَيتُ روحَهُ
بِذكراكَ وَالعيسُ المَراسيلُ جُنَّحُ
إِذا اِرفَضَّ أَطرافُ السِياطِ وَهُلِّلَت
جُرومُ المَطايا عَذَّبَتهُنَّ صَيدَحُ
لَها أُذُنٌ حَشرٌ وَذِفرى أَسيلَةٌ
وَخَدٌ كَمِرآةِ الغَريبَةِ أَسجَحُ
وَعينًا أَحَمِّ الرَوقَ فَردٍ وَمِشفَرٌ
كَسِبَتِ اليَماني جاهِلٌ حينَ تَمرَحُ
وَرِجلٌ كَظِلِّ الذِئبِ أَلحَقَ سَدوَها
وَظِيفٌ أُمَرَّتهُ عَصا السَاق أَروَحُ
وَسوجٌ إِذا اللَيلُ الخُداريُّ شَفَّهُ
عَنِ الرَكبِ مَعروفُ السَماوَةِ أَقرَحُ
إِذا قُلتُ عاجٍ أَو تَغَنَّيتُ أَبرَقَت
بِمثلِ الخَوافي لاقِحًا أَو تَلَقَّحُ
تَراها وَقَد كَلَّفتُها كُلَّ شُقَّةٍ
لأَِيدي المَهارى دونَها مُتَمَتَّحُ
تَموجَ ذِراعاها وَتَرمي بِجَوزِها
حِذارًا مِن الإِيعادِ وَالرَأسُ مُكمَحُ
صُهابِيَّةٌ جَلسٌ كَأَنّي وَرحلَها
يَجوبُ بِنا المَوماةَ جَأبٌ مُكَدَّحُ
يُقَلَّبُ أَشباهًا كَأَنَّ مُتونَها
بِمُستَرشَحِ البُهمى مِنَ الصَخرِ صَردَحُ
رَعَت في فَلاةِ الأَرضِ حَتّى كَأَنَّها
مِنَ الضُمرِ خَطِّيُّ مِنَ السُمرِ مُصلَحُ
وَحَتّى أَتى يَومٌ يَكادُ مِنَ اللَظى
بِهِ التَومُ في أَفحوصِهِ يَتَصَيَحُ
فَظَلَّ يُصاديها فَظَلَّت كَأَنَّها
عَلى هامِها سِربٌ مِنَ الطَيرِ لُوَّحُ
عَلى مَرقَبٍ في ساعَةٍ ذاتِ هَبوَةٍ
جَنادِبُها مِن شِدَّةِ الحَرِّ تَمصَحُ
تَرى حَيثُ تُمسي تَلعَبُ الريحُ بَينَها
وَبَينَ الَّذي تَلقَى بِهِ حينَ تُصبِحُ
كَأَنَّ مَطايانا بِكُلِّ مَفازَةٍ
قَراقيرُ في صَحراءِدِجلَةَ تَسبَحُ
أَبى القَلبُ إِلاّ ذِكرَ مَيّ وَبَرَّحَت
بِهِ ذاتُ أَلوانٍ تَجِدُّ وَتَمزَحُ
0 تعليقات