لَقَد هَجَرَت سُعدى وَطالَ صُدودُها
وَعاوَدَ عَيني دَمعُها وَسُهودُها
وَقَد أُصفيَت سُعدى طَريفَ موَدَّتي
وَدامَ عَلى العَهدِ الكَريمِ تَليدُها
نَظَرتُ إِليها نَظرَةً وَهيَ عاتقٍ
على حين أن شبّت وبان نهودها
وقد درّعوها وهيَ ذات مؤصد
مَجوبٍ وَلَما يَلبَسِ الدِرعَ ريدُها
نَظَرتُ إِليها نَظرةً ما يَسُرُّني
بِها حُمرُ أَنعامِ البِلادِ وَسودُها
وَكُنتُ إِذا ما زُرتُ سُعدى بِأَرضِها
أَرى الأَرضَ تُطوى لي وَيَدنو بَعيدُها
مِنَ الخَفراتِ البيضِ وَدَّ جَليسُها
إِذا ما اِنقَضَت أُحدوثَةٌ لَو تُعيدُها
مُنَعَّمَةٌ لم تَلقَ بُؤسَ مَعيشَةٍ
هي الخُلدُ في الدُنيا لِمَن يَستفيدُها
هيَ الخُلدُ ما دامَت لِأهلِكَ جارَةً
وَهل دامَ في الدُنيا لِنَفسٍ خُلودها
فَتِلكَ الَّتي أَصفيتُهابِمَوَدَّتي
وَليدًا وَلمّا يَستَبِن لي نُهودُها
وَقَد قَتَلَت نَفسًا بِغيرِ جَريرَةٍ
وَليسَ لها عَقلٌ وَلا مَن يُقيدُها
تُحَلِّلُ أَحقادي إِذا ما لَقِيتُها
وَتَبقى بِلا ذَنبٍ عَليَّ حُقودُها
وَيَعذُبُ لي مِن غَيرِها فَأَعافُها
مَشارِبُ فيها مَقنَعٌ لو أُريدُها
وَأَمنَحُها أَقصى هَوَايَ وَإِنَّني
عَلى ثِقَةٍ مِن أَنَّ حَظّي صُدودُها
أَلا لَيتَ شِعري بَعدَنا هَل تَغَيَّرَت
عَنِ العَهدِ أَم أَمسَت كَعَهدي عُهودُها
إِذا ذَكَرَتها النَفسُ جُنَّت بِذِكرِها
وَريعَت وَحَنَّت وَاِستَخَفَّ جَليدُها
فَلو كانَ ما بي بِالجِبالِ لَهَدَّها
وَإِن كانَ في الدُّنيا شَديدًا هُدودُها
وَلَستُ وَإِن أُوعِدتُ فيها بِمُنتَهٍ
وَإِن أُقِدَت نارٌ فَشُبَّ وَقودُها
أَبيتُ نَجِيًّا لِلهُمومِ مُسَهَّدًا
إِذا أُوقِدَت نَحوي بِليلٍ وُقودُها
فَأَصبَحتُ ذا نفسينِ نَفسٍ مَريضَةٍ
مِن اليأسِ ما يَنفَكُّ هَمٌّ يَعودُها
وَنَفسٍ تُرجّى وَصلَها بَعدَ صَرمِها
تَجَمَّلُ كي يَزدادَ غَيظًا حَسودُها
وَنَفسي إِذا ما كُنتُ وَحدي تَقَطَّعِت
كَما اِنسَلَّ مِن ذاتِ النِظامِ فَريدُها
فَلَم تُبدِ لي يأسًا فَفي اليَأسِ راحَةٌ
وَلَم تُبدِ لي جودًا فَينفَعَ جودُها
كَذاكَ أُذوذُ النَفسَ يا عَزَّ عَنكُمُ
وَقَد أعوَرَت أَسرارُ مَن لا يَذودُها
0 تعليقات