عَذيرِيَ مِن طَوالِعَ في عِذاري
وَمِن رَدِّ الشَبابِ المُستَعارِ
وَثَوبٍ كُنتُ أَلبَسُهُ أَنيقٍ
أُجَرِّرُ ذَيلَهُ بَينَ الجَواري
وَما زادَت عَلى العِشرينَ سِنّي
فَما عُذرُ المَشيبِ إِلى عِذاري
وَما اِستَمتَعتُ مِن داعي التَصابي
إِلى أَن جاءَني داعي الوَقارِ
أَيا شَيبي ظَلَمتَ وَياشَبابي
لَقَد جاوَرتُ مِنكَ بِشَرِّ جارِ
يُرَحِّلُ كُلَّ مَن يَأوي إِلَيهِ
وَيَختِمُها بِتَرحيلِ الدِيارِ
أَمَرتُ بِقَصِّهِ وَكَفَفتُ عَنهُ
وَقَرَّ عَلى تَحَمُّلِهِ قَراري
وَقُلتُ الشَيبُ أَهوَنُ ما أُلاقي
مِنَ الدُنيا وَأَيسَرُ ما أُداري
وَلا يَبقى رَفيقي الفَجرُ حَتّى
يُضَمُّ إِلَيهِ مُنبَلِجَ النَهارِ
وَإِنّي مافُجِعتُ بِهِ لَأَلقى
بِهِ مَلقى العِثارِ مِنَ الشِعارِ
وَكَم مِن زائِرٍ بِالكُرهِ مِنّي
كَرِهتُ فِراقَهُ بَعدَ المَزارِ
مَتى أَسلو بِلا خِلٍّ وَصولٍ
يُوافِقني وَلا قَدَحٍ مُدارِ
وَكُنتُ إِذا الهُمومُ تَناوَبَتني
فَزِعتُ مِنَ الهُمومِ إِلى العُقارِ
أَنَختُ وَصاحِبايَ بِذي طُلوحٍ
طَلائِحَ شَفَّها وَخدُ القِفارِ
وَلا ماءٌ سِوى نُطفِ الأَداوي
وَلا زادٌ سِوى القَنَصِ المُثارِ
فَلَمّا لاحَ بَعدَ الأَينِ سَلعٌ
ذَكَرتُ مَنازِلي وَعَرَفتُ داري
أَلَمَّ بِنا وَجُنحُ اللَيلِ داجٍ
خَيالٌ زارَ وَهنًا مِن نَوارِ
أَباخِلَةٌ عَلَيَّ وَأَنتِ جارٌ
وَواصِلَةٌ عَلى بُعدِ المَزارِ
تَلاعَبُ بي عَلى هَوجِ المَطايا
خَلائِقُ لاتَقُرُّ عَلى الصَغارِ
وَنَفسٌ دونَ مَطلَبِها الثُرَيّا
وَكَفٌّ دونَها فَيضُ البِحارِ
أَرى نَفسي تُطالِبُني بِأَمرٍ
قَليلٌ دونَ غايَتِهِ اِقتِصاري
وَما يُغنيكَ مِن هِمَمٍ طِوالٍ
إِذا قُرِنَت بِأَعمارٍ قِصارِ
وَمُعتَكِفٍ عَلى حَلَبٍ بَكِيٌّ
يَقوتُ عِطاشَ آمالٍ غِزارِ
يَقولُ لِيَ اِنتَظِر فَرَجًا وَمَن لي
بِأَنَّ المَوتَ يَنتَظِرُ اِنتِظاري
عَلَيَّ لِكُلِّ هَمٍّ كُلُّ عيسٍ
أَمونُ الرَحلِ مُؤجَدَةُ الفَقارِ
وَخَرّاجٌ مِنَ الغَمَراتِ خِرقٌ
أَبو شِبلَينِ مَحمِيُّ الذِمارِ
شَديدُ تَجَنُّبِ الآثامِ وافٍ
عَلى عِلّاتِهِ عَفُّ الإِزارِ
فَلا نَزَلَت بِيَ الجيرانُ إِن لَم
أُجاوِرها مُجاوَرَةَ البِحارِ
وَلا صَحِبَتنِيَ الفُرسانُ إِن لَم
أُصاحِبها بِمَأمونِ الفِرارِ
وَلا خافَتنِيَ الأَملاكُ إِن لَم
أُصَبِّحها بِمُلتَفِّ الغُبارِ
بِجَيشٍ لايَحِلُّ بِهِم مُغيرٌ
وَرَأيٍ لايَغِبُّهُمُ مُغارِ
شَدَدتُ عَلى الحَمامَةِ كورَ رَحلٍ
بَعيدٌ حَلُّهُ دونَ اليَسارِ
تَحُفُّ بِهِ الأَسِنَّةُ وَالعَوالي
وَمُضمَرَةُ المَهارى وَالمَهاري
يَعُدنَ بُعَيدَ طولِ الصَونِ شُعثًا
لِما كُلِّفنَ مِن بُعدِ المَغارِ
وَتَخفِقُ حَولِيَ الراياتُ حُمرًا
وَتَتبَعُني الخَضارِمُ مِن نِزارِ
وَإِن طُرِقَت بِداهِيَةٍ نَآدٍ
تُدافِعُها الرِجالُ بِكُلِّ جارِ
عَزيزٌ حَيثُ حَطَّ السَيرُ رَحلي
تُداريني الأَنامُ وَلا أُداري
وَأَهلي مَن أَنَختُ إِلَيهِ عيسي
وَداري حَيثُ كُنتُ مِنَ الدِيارِ
0 تعليقات