وقوفك في الديار عليك عار لـ أبي فراس الحمداني

وُقوفُكَ في الدِيارِ عَلَيكَ عارُ
وَقَد رُدَّ الشَبابُ المُستَعارُ

أَبَعدَ الأَربَعينَ مُجَرَّماتٌ
تَمادٍ في الصَبابَةِ وَاِغتِرارُ

نَزَعتُ عَنِ الصِبا إِلّا بَقايا
يُحَفِّدُها عَلى الشَيبِ العُقارُ

وَقالَ الغانِياتُ سَلا غُلامًا
فَكَيفَ بِهِ وَقَد شابَ العِذارُ

وَما أَنسى الزِيارَةَ مِنكِ وَهنًا
وَمَوعِدُنا مَعانٌ وَالحِيارُ

وَطالَ اللَيلُ بي وَلَرُبَّ دَهرٍ
نَعِمتُ بِهِ لَياليهِ قِصارُ

عَشِقتُ بِها عَوارِيَّ اللَيالي
أَحَقَّ الخَيلَ بِالرَكضِ المِعارُ

وَنَدماني السَريعُ إِلى لِقائي
عَلى عَجَلٍ وَأَقداحي الكِبارُ

وَكَم مِن لَيلَةٍ لَم أُروَ مِنها
حَنَنتُ لَها وَأَرَّقَني اِدِّكارُ

قَضاني الدَينَ ماطِلُهُ وَوافى
إِلَيَّ بِها الفُؤادُ المُستَطارُ

فَبِتُّ أُعَلُّ خَمرًا مِن رُضابٍ
لَها سُكرٌ وَلَيسَ لَها خُمارُ

إِلى أَن رَقَّ ثَوبُ اللَيلِ عَنّا
وَقالَت قُم فَقَد بَرَدَ السُوارُ

وَوَلَّت تَسرُقُ اللَحَظاتِ نَحوي
عَلى فَرَقٍ كَما اِلتَفَتَ الصُوارُ

دَنا ذاكَ الصَباحُ فَلَستُ أَدري
أَشَوقٌ كانَ مِنهُ أَم ضِرارُ

وَقَد عادَيتُ ضَوءَ الصُبحِ حَتّى
لِطَرفي عَن مَطالِعِهِ اِزوِرارُ

وَمُضطَغِنٍ يُراوِدُ فِيَّ عَيبًا
سَيَلقاهُ إِذا سُكِنَت وَبارُ

وَأَحسِبُ أَنَّهُ سَيَجُرُّ حَربًا
عَلى قَومٍ ذُنوبُهُمُ صِغارُ

كَما خَزِيَت بِراعيها نُمَيرٌ
وَجَرَّ عَلى بَني أَسَدٍ يَسارُ

وَكَم يَومٍ وَصَلتُ بِفَجرِ لَيلٍ
كَأَنَّ الرَكبَ تَحتَهُما صِدارُ

إِذا اِنحَسَرَ الظَلامُ اِمتَدَّ آلٌ
كَأَنّا دُرَّهُ وَهوَ البِحارُ

يَموجُ عَلى النَواظِرِ فَهوَ ماءٌ
وَيَلفَحُ بِالهَواجِرِ فَهوَ نارُ

إِذا ما العِزُّ أَصبَحَ في مَكانٍ
سَمَوتُ لَهُ وَإِن بَعُدَ المَزارُ

مُقامي حَيثُ لا أَهوى قَليلٌ
وَنَومي عِندَ مَن أَقلي غِرارُ

أَبَت لي هِمَّتي وَغِرارُ سَيفي
وَعَزمي وَالمَطِيَّةُ وَالقِفارُ

وَنَفسٌ لاتُجاوِرُها الدَنايا
وَعِرضٌ لايَرِفُّ عَلَيهِ عارُ

وَقَومٌ مِثلُ مَن صَحِبوا كِرامٌ
وَخَيلٌ مِثلُ مَن حَمَلَت خِيارُ

وَكَم بَلَدٍ شَتَتناهُنَّ فيهِ
ضُحىً وَعَلا مَنابِرَهُ الغُبارُ

وَخَيلٍ خَفَّ جانِبُها فَلَمّا
ذُكِرنا بَينَها نُسِيَ الفِرارُ

وَكَم مَلِكٍ نَزَعنا المُلكَ عَنهُ
وَجَبّارٍ بِها دَمُهُ جُبارُ

وَكُنَّ إِذا أَغَرنَ عَلى دِيارٍ
رَجَعنَ وَمِن طَرائِدِها الدِيارُ

فَقَد أَصبَحنَ وَالدُنيا جَميعًا
لَنا دارٌ وَمَن تَحويهِ جارُ

إِذا أَمسَت نِزارُ لَنا عَبيدًا
فَإِنَ الناسَ كُلُّهُمُ نِزارُ

إرسال تعليق

0 تعليقات