سَرَت تَستَجيرُ الدَمعَ خَوفَ نَوى غَدِ
وَعادَ قَتادًا عِندَها كُلُّ مَرقَدِ
وَأَنقَذَها مِن غَمرَةِ المَوتِ أَنَّهُ
صُدودُ فِراقٍ لا صُدودُ تَعَمُّدِ
فَأَجرى لَها الإِشفاقُ دَمعًا مُوَرَّدًا
مِنَ الدَمِ يَجري فَوقَ خَدٍّ مُوَرَّدِ
هِيَ البَدرُ يُغنيها تَوَدُّدُ وَجهِها
إِلى كُلِّ مَن لاقَت وَإِن لَم تَوَدَّدِ
وَلَكِنَّني لَم أَحوِ وَفرًا مُجَمَّعًا
فَفُزتُ بِهِ إِلّا بِشَملٍ مُبَدَّدِ
وَلَم تُعطِني الأَيّامُ نَومًا مُسَكَّنًا
أَلَذُّ بِهِ إِلّا بِنَومٍ مُشَرَّدِ
وَطولُ مُقامِ المَرءِ في الحَيِّ مُخلِقٌ
لِديباجَتَيهِ فَاِغتَرِب تَتَجَدَّدِ
فَإِنّي رَأَيتُ الشَمسَ زيدَت مَحَبَّةً
إِلى الناسِ أَن لَيسَت عَلَيهِم بِسَرمَدِ
حَلَفتُ بِرَبِّ البيضِ تَدمى مُتونُها
وَرَبِّ القَنا المُنآدِ وَالمُتَقَصَّدِ
لَقَد كَفَّ سَيفُ الصامِتِّيِ مُحَمَّدٍ
تَباريحَ ثَأرِ الصامِتِيِّ مُحَمَّدِ
رَمى اللَهُ مِنهُ بابَكًا وَوُلاتَهُ
بِقاصِمَةِ الأَصلابِ في كُلِّ مَشهَدِ
بِأَسمَحَ مِن غُرِّ الغَمامِ سَماحَةً
وَأَشجَعَ مِن صَرفِ الزَمانِ وَأَنجَدِ
إِذا ما دَعَوناهُ بِأَجلَحَ أَيمَنٍ
دَعاهُ وَلَم يَظلِم بِأَصلَعَ أَنكَدِ
فَتىً يَومَ بَذِّ الخُرَّمِيَّةِ لَم يَكُن
بِهَيّابَةٍ نِكسٍ وَلا بِمُعَرِّدِ
قِفا سَندَبايا وَالرِماحُ مُشيحَةٌ
تُهَدّى إِلى الروحِ الخَفِيِّ فَتَهتَدي
عَدا اللَيلُ فيها عَن مُعاوِيَةَ الرَدى
وَما شَكَّ رَيبُ الدَهرِ في أَنَّهُ رَدي
لَعَمري لَقَد حَرَّرتَ يَومَ لَقيتَهُ
لَوَ اِنَّ القَضاءَ وَحدَهُ لَم يُبَرِّدِ
فَإِن يَكُنِ المِقدارُ فيهِ مُفَنِّدا
فَما هُوَ في أَشياعِهِ بِمُفَنِّدِ
وَفي أَرشَقِ الهَيجاءِ وَالخَيلُ تَرتَمي
بِأَبطالِها في جاحِمٍ مُتَوَقِّدِ
عَطَطتَ عَلى رَغمِ العِدا عَزمَ بابِكٍ
بِصَبرِكَ عَطَّ الأَتحَمِيِّ المُعَضَّدِ
فَإِلّا يَكُن وَلّى بِشِلوٍ مُقَدَّدٍ
هُناكَ فَقَد وَلّى بِعَزمٍ مُقَدَّدِ
وَقَد كانَتِ الأَرماحُ أَبصَرنَ قَلبَهُ
فَأَرمَدَها سِترُ القَضاءِ المُمَدَّدِ
وَموقانَ كانَت دارَ هِجرَتِهِ فَقَد
تَوَرَّدتَها بِالخَيلِ أَيَّ تَوَرُّدِ
حَطَطتَ بِها يَومَ العَروبَةِ عِزَّهُ
وَكانَ مُقيمًا بَينَ نَسرٍ وَفَرقَدِ
رَآكَ سَديدَ الرَأيِ وَالرُمحِ في الوَغى
تَأَزَّرُ بِالإِقدامِ فيهِ وَتَرتَدي
وَلَيسَ يُجَلّي الكَربَ رَأيٌ مُسَدَّدٌ
إِذا هُوَ لَم يُؤنَس بِرُمحٍ مُسَدَّدِ
فَمَرَّ مُطيعًا لِلعَوالي مُعَوَّدًا
مِنَ الخَوفِ وَالإِحجامِ ما لَم يُعَوَّدِ
وَكانَ هُوَ الجَلدَ القُوى فَسَلَبتَهُ
بِحُسنِ الجِلادِ المَحضِ حُسنَ التَجَلُّدِ
لَعَمري لَقَد غادَرتَ حِسيَ فُؤادِهِ
قَريبَ رِشاءٍ لِلقَنا سَهلَ مَورِدِ
وَكانَ بَعيدَ القَعرِ مِن كُلِّ ماتِحٍ
فَغادَرتَهُ يُسقى وَيُشرَبُ بِاليَدِ
وَلِلكَذَجِ العُليا سَمَت بِكَ هِمَّةٌ
طَموحٌ يَروحُ النَصرُ فيها وَيَغتَدي
وَقَد خَزَمَت بِالذُلِّ أَنفَ اِبنِ خازِمٍ
وَأَعيَت صَياصيها يَزيدَ بنَ مَزيَدِ
فَقَيَّدتَ بِالإِقدامِ مُطلَقَ بَأسِهِم
وَأَطلَقتَ فيهِم كُلَّ حَتفٍ مُقَيَّدِ
وَبِالهَضبِ مِن أَبرِشتَويمَ وَدَروَذٍ
عَلَت بِكَ أَطرافُ القَنا فَاِعلُ وَاِزدَدِ
أَفادَتكَ فيها المُرهَفاتُ مَآثِرًا
تُعَمَّرُ عُمرَ الدَهرِ إِن لَم تُخَلَّدِ
وَلَيلَةَ أَبلَيتَ البَياتَ بَلاءَهُ
مِنَ الصَبرِ في وَقتٍ مِنَ الصَبرِ مُجحِدِ
فَيا جَولَةً لا تَجحَديهِ وَقارَهُ
وَيا سَيفُ لا تَكفُر وَيا ظُلمَةُ اِشهَدي
وَيا لَيلُ لَو أَنّي مَكانَكَ بَعدَها
لَما بِتُّ في الدُنيا بِنَومٍ مُسَهَّدِ
وَقائِعُ أَصلُ النَصرِ فيها وَفَرعُهُ
إِذا عُدِّدَ الإِحسانُ أَو لَم يُعَدَّدِ
فَمَهما تَكُن مِن وَقعَةٍ بَعدُ لا تَكُن
سِوى حَسَنٍ مِمّا فَعَلتَ مُرَدَّدِ
مَحاسِنُ أَصنافِ المُغَنّينَ جَمَّةٌ
وَما قَصَباتُ السَبقِ إِلّا لِمَعبَدِ
جَلَوتَ الدُجى عَن أَذرَبيجانَ بَعدَما
تَرَدَّت بِلَونٍ كَالغَمامَةِ أَربَدِ
وَكانَت وَلَيسَ الصُبحُ فيها بِأَبيَضٍ
فَأَمسَت وَلَيسَ اللَيلُ فيها بِأَسوَدِ
رَأى بابَكٌ مِنكَ الَّتي طَلَعَت لَهُ
بِنَحسٍ وَلِلدينِ الحَنيفِ بِأَسعُدِ
هَزَزتَ لَهُ سَيفًا مِنَ الكَيدِ إِنَّما
تُجَذُّ بِهِ الأَعناقُ ما لَم يُجَرَّدِ
يَسُرُّ الَّذي يَسطو بِهِ وَهُوَ مُغمَدٌ
وَيَفضَحُ مَن يَسطو بِهِ غَيرَ مُغمَدِ
وَإِنّي لَأَرجو أَن تُقَلِّدَ جيدَهُ
قِلادَةَ مَصقولِ الذُبابِ مُهَنَّدِ
مُنَظَّمَةً بِالمَوتِ يَحظى بِحَليِها
مُقَلِّدُها في الناسِ دونَ المُقَلَّدِ
إِلَيكَ هَتكَنا جُنحِ لَيلٍ كَأَنَّهُ
قَدِ اِكتَحَلَت مِنهُ البِلادُ بِإِثمِدِ
تَقَلقَلُ بي أُدمُ المَهارى وَشومُها
عَلى كُلِّ نَشزٍ مُتلَئِبٍّ وَفَدفَدِ
تُقَلِّبُ في الآفاقِ صِلًا كَأَنَّما
يُقَلِّبُ في فَكَّيهِ شِقَّةَ مِبرَدِ
تَلافى جَداكَ المُجتَدينَ فَأَصبَحوا
وَلَم يَبقَ مَذخورٌ عَلى كُلِّ مَوعِدِ
إِذا ما رَحىً دارَت أَدَرتَ سَماحَةً
رَحى كُلِّ إِنجازٍ عَلى كُلِّ مَوعِدِ
أَتَيتُكَ لَم أَفزَع إِلى غَيرِ مَفزَعٍ
وَلَم أَنشُدِ الحاجاتِ في غَيرِ مَنشَدِ
وَمَن يَرجُ مَعروفَ البَعيدِ فَإِنَّما
يَدي عَوَّلَت في النائِباتِ عَلى يَدي
0 تعليقات