قَد نابَتِ الجِزعَ مِن أُروِيَّةَ النُوَبُ
وَاِستَحقَبَت جِدَّةً مِن رَبعِها الحِقَبُ
أَلوى بِصَبرِكَ إِخلاقُ اللِوى وَهَفا
بِلُبِّكَ الشَوقُ لَمّا أَقفَرَ اللَبَبُ
خَفَّت دُموعُكَ في إِثرِ الحَبيبِ لَدُن
خَفَّت مِنَ الكُثُبِ القُضبانُ وَالكُثُبُ
مِن كُلِّ مَمكورَةٍ ذابَ النَعيمُ لَها
ذَوبَ الغَمامِ فَمُنهَلٌّ وَمُنسَكِبُ
أَطاعَها الحُسنُ وَاِنحَطَّ الشَبابُ عَلى
فُؤادِها وَجَرَت في روحِها النِسَبُ
لَم أَنسَها وَصُروفُ البَينِ تَظلِمُها
وَلا مُعَوَّلَ إِلّا الواكِفُ السَرِبُ
أَدنَت نِقابًا عَلى الخَدَّينِ وَاِنتَسَبَت
لِلناظِرينَ بِقَدٍّ لَيسَ يَنتَسِبُ
وَلَو تَبَسَّمُ عُجنا الطَرفَ في بَرَدٍ
وَفي أَقاحٍ سَقَتها الخَمرُ وَالضَرَبُ
مِن شَكلِهِ الدُرُّ في رَصفِ النِظامِ وَمِن
صِفاتِهِ الفِتنَتانِ الظَلمُ وَالشَنَبُ
كانَت لَنا مَلعَبًا نَلهو بِزُخرُفِهِ
وَقَد يُنَفِّسُ عَن جِدِّ الفَتى اللَعِبُ
لَمّا أَطالَ اِرتِجالَ العَذلِ قُلتُ لَهُ
الحَزمُ يَثني خُطوبَ الدَهرِ لا الخُطَبُ
لَم يَجتَمِع قَطُّ في مِصرٍ وَلا طَرَفٍ
مُحَمَّدُ بنُ أَبي مَروانَ وَالنُوَبُ
لي مِن أَبي جَعفَرٍ آخِيَّةٌ سَبَبٌ
إِن تَبقَ يُطلَب إِلى مَعروفِيَ السَبَبُ
صَحَّت فَما يَتَمارى مَن تَأَمَّلَها
مِن نَحوِ نائِلِهِ في أَنَّها نَسَبُ
أَمَّت نَداهُ بِيَ العيسُ الَّتي شَهِدَت
لَها السُرى وَالفَيافي أَنَّها نُجُبُ
هَمٌّ سَرى ثُمَّ أَضحى هِمَّةً أَمَمًا
أَضحَت رَجاءً وَأَمسَت وَهيَ لي نَشَبُ
أَعطى وَنُطفَةُ وَجهي في قَرارَتِها
تَصونُها الوَجَناتُ الغَضَّةُ القُشُبُ
لَن يَكرُمَ الظَفَرُ المُعطى وَإِن أُخِذَت
بِهِ الرَغائِبُ حَتّى يَكرُمَ الطَلَبُ
إِذا تَباعَدَتِ الدُنيا فَمَطلَبُها
إِذا تَوَرَّدتَهُ مِن شِعبِهِ كَثَبُ
رِدءُ الخِلافَةِ في الجُلّى إِذا نَزَلَت
وَقَيِّمُ المُلكِ لا الواني وَلا النَصِبُ
جَفنٌ يَعافُ لَذيذَ النَومِ ناظِرُهُ
شُحًّا عَلَيها وَقَلبٌ حَولَها يَجِبُ
طَليعَةٌ رَأيُهُ مِن دونِ بَيضَتِها
كَما اِنتَمى رَابِئٌ في الغَزوِ مُنتَصِبُ
حَتّى إِذا ما اِنتَضى التَدبيرَ ثابَ لَهُ
جَيشٌ يُصارِعُ عَنهُ ما لَهُ لَجَبُ
شِعارُها اِسمُكَ إِن عُدَّت مَحاسِنُها
إِذِ اِسمُ حاسِدِكَ الأَدنى لَها لَقَبُ
وَزيرُ حَقٍّ وَوالي شُرطَةٍ وَرَحى
ديوانِ مُلكٍ وَشيعِيٌّ وَمُحتَسِبُ
كَالأَرحَبِيِّ المَذَكّى سَيرُهُ المَرَطى
وَالوَخدُ وَالمَلعُ وَالتَقريبُ وَالخَبَبُ
عَودٌ تُساجِلُهُ أَيّامُهُ فَبِها
مِن مَسِّهِ وَبِهِ مِن مَسِّها جُلَبُ
ثَبتُ الجَنانِ إِذا اِصطَكَّت بِمُظلِمَةٍ
في رَحلِهِ أَلسُنُ الأَقوامِ وَالرُكَبُ
لا المَنطِقُ اللَغوُ يَزكو في مَقاوِمِهِ
يَومًا وَلا حُجَّةُ المَلهوفِ تُستَلَبُ
كَأَنَّما هُوَ في نادي قَبيلَتِهِ
لا القَلبُ يَهفو وَلا الأَحشاءُ تَضطَرِبُ
وَتَحتَ ذاكَ قَضاءٌ حَزُّ شَفرَتِهِ
كَما يَعَضُّ بِأَعلى الغارِبِ القَتَبُ
لا سورَةٌ تُتَّقى مِنهُ وَلا بَلَهٌ
وَلا يَحيفُ رِضًا مِنهُ وَلا غَضَبُ
أَلقى إِلَيكَ عُرى الأَمرِ الإِمامُ فَقَد
شُدَّ العِناجُ مِنَ السُلطانِ وَالكَرَبُ
يَعشو إِلَيكَ وَضَوءُ الرَأيِ قائِدُهُ
خَليفَةٌ إِنَّما آراؤُهُ شُهُبُ
إِن تَمتَنِع مِنهُ في الأَوقاتِ رُؤيَتُهُ
فَكُلُّ لَيثٍ هَصورٍ غيلُهُ أَشِبُ
أَو تَلقَ مِن دونِهِ حُجبٌ مُكَرَّمَةٌ
يَومًا فَقَد أُلقِيَت مِن دونِكَ الحُجُبُ
وَالصُبحُ تَخلُفُ نورَ الشَمسِ غُرَّتُهُ
وَقَرنُها مِن وَراءِ الأُفقِ مُحتَجِبُ
أَما القَوافي فَقَد حَصَّنتَ عُذرَتَها
فَما يُصابُ دَمٌ مِنها وَلا سَلَبُ
مَنَعتَ إِلّا مِنَ الأَكفاءِ ناكِحَها
وَكانَ مِنكَ عَلَيها العَطفُ وَالحَدَبُ
وَلَو عَضَلتَ عَنِ الأَكفاءِ أَيِّمَها
وَلَم يَكُن لَكَ في أَطهارِها أَرَبُ
كانَت بَناتِ نُصَيبٍ حينَ ضَنَّ بِها
عَنِ المَوالي وَلَم تَحفَل بِها العَرَبُ
أَمّا وَحَوضُكَ مَملوءٌ فَلا سُقِيَت
خَوامِسي إِن كَفى أَرسالَها الغَرَبُ
لَو أَنَّ دِجلَةَ لَم تُحوِج وَصاحِبَها
أَرضَ العِراقَينِ لَم تُحفَر بِها القُلُبُ
لَم يَنتَدِب عُمَرٌ لِلإِبلِ يَجعَلُ مِن
جُلودِها النَقدَ حَتّى عَزَّهُ الذَهَبُ
لا شَربَ أَجهَلُ مِن شَربٍ إِذا وَجَدوا
هَذا اللُجَينِ فَدارَت فيهِمُ الغُلَبُ
إِنَّ الأَسِنَّةَ وَالماذِيَّ مُذ كَثُرا
فَلا الصَياصي لَها قَدرٌ وَلا اليَلَبُ
لا نَجمَ مِن مَعشَرٍ إِلّا وَهِمَّتُهُ
عَلَيكَ دائِرَةٌ يا أَيُّها القُطُبُ
وَما ضَميرِيَ في ذِكراكَ مُشتَرَكٌ
وَلا طَريقي إِلى جَدواكَ مُنشَعِبُ
لي حُرمَةٌ بِكَ لَولا ما رَعَيتَ وَما
أَوجَبتَ مِن حِفظِها ما خِلتُها تَجِبُ
بَلى لَقَد سَلَفَت في جاهِلِيَّتِهِم
لِلحَقِّ لَيسَ كَحَقّي نُصرَةٌ عَجَبُ
أَن تَعلَقَ الدَلوُ بِالدَلوِ الغَريبَةِ أَو
يُلابِسَ الطُنُبَ المُستَحصِدَ الطُنُبُ
إِنَّ الخَليفَةَ قَد عَزَّت بِدَولَتِهِ
دَعائِمُ الدينِ فَليَعزِز بِكَ الأَدَبُ
مالي أَرى جَلَبًا فَعمًا وَلَستُ أَرى
سوقًا وَمالي أَرى سوقًا وَلا جَلَبُ
أَرضٌ بِها عُشُبٌ جَرفٌ وَلَيسَ بِها
ماءٌ وَأُخرى بِها ماءٌ وَلا عُشُبُ
خُذها مُغَرِّبَةً في الأَرضِ آنِسَةً
بِكُلِّ فَهمٍ غَريبٍ حينَ تَغتَرِبُ
مِن كُلِّ قافِيَةٍ فيها إِذا اِجتُنِيَت
مِن كُلِّ ما يَجتَنيهِ المُدنَفُ الوَصِبُ
الجِدُّ وَالهَزلُ في تَوشيعِ لُحمَتِها
وَالنُبلُ وَالسُخفُ وَالأَشجانُ وَالطَرَبُ
لا يُستَقى مِن جَفيرِ الكُتبِ رَونَقُها
وَلَم تَزَل تَستَقي مِن بَحرِها الكُتُبُ
حَسيبَةٌ في صَميمِ المَدحِ مَنصِبُها
إِذ أَكثَرُ الشِعرِ مُلقىً مالَهُ حَسَبُ
0 تعليقات