لَقَد أَخَذَت مِن دارِ ماوِيَّةَ الحُقبُ
أَنُحلُ المَغاني لِلبِلى هِيَ أَم نَهبُ
وَعَهدي بِها إِذ ناقِضُ العَهدِ بَدرُها
مُراحُ الهَوى فيها وَمَسرَحُهُ الخِصبُ
مُؤَزَّرَةً مِن صَنعَةِ الوَبلِ وَالنَدى
بِوَشيٍ وَلا وَشيٌ وَعَصبٍ وَلا عَصبُ
تَحَيَّرَ في آرامِها الحُسنُ فَاِغتَدَت
قَرارَةَ مَن يُصبي وَنُجعَةَ مَن يَصبو
سَواكِنُ في بِرٍّ كَما سَكَنَ الدُمى
نَوافِرُ مِن سوءٍ كَما نَفَرَ السَربُ
كَواعِبُ أَترابٌ لِغَيداءَ أَصبَحَت
وَلَيسَ لَها في الحُسنِ شَكلٌ وَلا تِربُ
لَها مَنظَرٌ قَيدُ النَواظِرِ لَم يَزَل
يَروحُ وَيَغدو في خُفارَتِهِ الحُبُّ
يَظَلُّ سَراةُ القَومِ مَثنىً وَمَوحَدًا
نَشاوى بِعَينَيها كَأَنَّهُمُ شَربُ
إِلى خالِدٍ راحَت بِنا أَرحَبِيَّةٌ
مَرافِقُها مِن عَن كَراكِرِها نُكبُ
جَرى النَجَدُ الأَحوى عَلَيها فَأَصبَحَت
مِنَ السَيرِ وُرقًا وَهيَ في نَجدِها صُهبُ
إِلى مَلِكٍ لَولا سِجالُ نَوالِهِ
لَما كانَ لِلمَعروفِ نِقيٌ وَلا شُخبُ
مِنَ البيضِ مَحجوبٌ عَنِ السوءِ وَالخَنا
وَلا تَحجُبُ الأَنواءَ مِن كَفِّهِ الحُجبُ
مَصونُ المَعالي لا يَزيدُ أَذالَهُ
وَلا مَزيَدٌ وَلا شَريكٌ وَلا الصُلبُ
وَلا مُرَّتا ذُهلٍ وَلا الحِصنُ غالَهُ
وَلا كَفَّ شَأوَيهِ عَلِيٌّ وَلا صَعبُ
وَأَشباهُ بَكرِ المَجدِ بَكرُ بنُ وائِلٍ
وَقاسِطُ عَدنانٍ وَأَنجَبَهُ هِنبُ
مَضَوا وَهُمُ أَوتادُ نَجدٍ وَأَرضِها
يُرَونَ عِظامًا كُلَّما عَظُمَ الخَطبُ
لَهُم نَسَبٌ كَالفَجرِ ما فيهِ مَسلَكٌ
خَفِيٌّ وَلا وادٍ عَنودٌ وَلا شِعبُ
هُوَ الإِضحَيانُ الطَلقُ رَفَّت فُروعُهُ
وَطابَ الثَرى مِن تَحتِهِ وَزَكا التُربُ
يَذُمُّ سَنيدُ القَومِ ضيقَ مَحَلِّهِ
عَلى العِلمِ مِنهُ أَنَّهُ الواسِعُ الرَحبُ
رَأى شَرَفًا مِمَّن يُريدُ اِختِلاسَهُ
بَعيدَ المَدى فيهِ عَلى أَهلِهِ قُربُ
فَيا وَشَلَ الدُنيا بِشَيبانَ لا تَغِض
وَيا كَوكَبَ الدُنيا بِشَيبانَ لا تَخبُ
فَما دَبَّ إِلّا في بُيوتِهِمُ النَدى
وَلَم تَربُ إِلّا في جُحورِهِمُ الحَربُ
أُولاكَ بَنو الأَحسابِ لَولا فَعالُهُم
دَرَجنَ فَلَم يوجَد لِمَكرُمَةٍ عَقبُ
لَهُم يَومُ ذي قارٍ مَضى وَهوَ مُفرَدٌ
وَحيدٌ مِنَ الأَشباهِ لَيسَ لَهُ صَحبُ
بِهِ عَلِمَت صُهبُ الأَعاجِمِ أَنَّهُ
بِهِ أَعرَبَت عَن ذاتِ أَنفُسِها العُربُ
هُوَ المَشهَدُ الفَصلُ الَّذي ما نَجا بِهِ
لِكِسرى بنِ كِسرى لا سَنامٌ وَلا صُلبُ
أَقولُ لِأَهلِ الثَغرِ قَد رُئِبَ الثَأى
وَأُسبِغَتِ النَعماءُ وَاِلتَأَمَ الشَعبُ
فَسيحوا بِأَطرافِ الفَضاءِ وَأَرتِعوا
قَنا خالِدٍ مِن غَيرِ دَربٍ لَكُم دَربُ
فَتىً عِندَهُ خَيرُ الثَوابِ وَشَرُّهُ
وَمِنهُ الإِباءُ المِلحُ وَالكَرَمُ العَذبُ
أَشَمُّ شَريكِيٌّ يَسيرُ أَمامَهُ
مَسيرَةَ شَهرٍ في كَتائِبِهِ الرُعبُ
وَلَمّا رَأى توفيلُ راياتِكَ الَّتي
إِذا ما اِتلَأَبَّت لا يُقاوِمُها الصُلبُ
تَوَلّى وَلَم يَألُ الرَدى في اِتِّباعِهِ
كَأَنَّ الرَدى في قَصدِهِ هائِمٌ صَبُّ
كَأَنَّ بِلادَ الرومِ عُمَّت بِصَيحَةٍ
فَضَمَّت حَشاها أَو رَغا وَسطَها السَقبُ
بِصاغِرَةِ القُصوى وَطِمَّينِ وَاِقتَرى
بِلادَ قَرَنطاووسَ وابِلُكَ السَكبُ
غَدا خائِفًا يَستَنجِدُ الكُتبَ مُذعِنًا
عَلَيكَ فَلا رُسلٌ ثَنَتكَ وَلا كُتبُ
وَما الأَسَدُ الضِرغامُ يَومًا بِعاكِسٍ
صَريمَتَهُ إِن أَنَّ أَو بَصبَصَ الكَلبُ
وَمَرَّ وَنارُ الكَربِ تَلفَحُ قَلبَهُ
وَما الرَوحُ إِلّا أَن يُخامِرَهُ الكَربُ
مَضى مُدبِرًا شَطرَ الدَبورِ وَنَفسُهُ
عَلى نَفسِهِ مِن سوءِ ظَنٍّ بِها إِلبُ
جَفا الشَرقَ حَتّى ظَنَّ مَن كانَ جاهِلًا
بِدينِ النَصارى أَنَّ قِبلَتَهُ الغَربُ
رَدَدتَ أَديمَ الدينِ أَملَسَ بَعدَما
غَدا وَلَياليهِ وَأَيّامُهُ جُربُ
بِكُلِّ فَتىً ضَربٍ يُعَرِّضُ لِلقَنا
مُحَيًّا مُحَلّىً حَليُهُ الطَعنُ وَالضَربُ
كُماةٌ إِذا تُدعى نَزالِ لَدى الوَغى
رَأَيتَهُمُ رَجلى كَأَنَّهُمُ رَكبُ
مِنَ المَطَرِيّينَ الأُلى لَيسَ يَنجَلي
بِغَيرِهِمُ لِلدَهرِ صَرفٌ وَلا لَزبُ
وَما اِجتُلِيَت بِكرٌ مِنَ الحَربِ ناهِدٌ
وَلا ثَيِّبٌ إِلّا وَمِنهُم لَها خِطبُ
جُعِلتَ نِظامَ المَكرُماتِ فَلَم تَدُر
رَحى سُؤدُدٍ إِلّا وَأَنتَ لَها قُطبُ
إِذا اِفتَخَرَت يَومًا رَبيعَةُ أَقبَلَت
مُجَنَّبَتَي مَجدٍ وَأَنتَ لَها قَلبُ
يَجِفُّ الثَرى مِنها وَتُربُكَ لَيِّنٌ
وَيَنبو بِها ماءُ الغَمامِ وَما تَنبو
بِجودِكَ تَبيَضُّ الخُطوبُ إِذا دَجَت
وَتَرجِعُ في أَلوانِها الحِجَجُ الشُهبُ
هُوَ المَركَبُ المُدني إِلى كُلِّ سُؤدُدٍ
وَعَلياءَ إِلّا أَنَّهُ المَركَبُ الصَعبُ
إِذا سَبَبٌ أَمسى كَهامًا لَدى اِمرِىءٍ
أَجابَ رَجائي عِندَكَ السَبَبُ العَضبُ
وَسَيّارَةٍ في الأَرضِ لَيسَ بِنازِحٍ
عَلى وَخدِها حَزنٌ سَحيقٌ وَلا سَهبُ
تَذُرُّ ذُرورَ الشَمسِ في كُلِّ بَلدَةٍ
وَتَمضي جَموحًا ما يُرَدُّ لَها غَربُ
عَذارى قَوافٍ كُنتَ غَيرَ مُدافِعٍ
أَبا عُذرِها لا ظُلمَ ذاكَ وَلا غَصبُ
إِذا أُنشِدَت في القَومِ ظَلَّت كَأَنَّها
مُسِرَّةُ كِبرٍ أَو تَداخَلَها عُجبُ
مُفَصَّلَةٌ بِاللُؤلُؤِ المُنتَقى لَها
مِنَ الشِعرِ إِلّا أَنَّهُ اللُؤلُؤُ الرَطبُ
0 تعليقات