ما زال معتلج الهموم بصدره لـ أبي فراس الحمداني

ما زالَ مُعتَلِجُ الهُمومِ بِصَدرِهِ
حَتّى أَباحَكَ ماطَوى مِن سِرِّهِ

أَضمَرتُ حُبَّكَ وَالدُموعُ تُذيعُهُ
وَطَوَيتُ وَجدَكَ وَالهَوى في نَشرِهِ

تَرِدُ الدُموعُ لِما تُجِنُّ ضُلوعُهُ
تَترى إِلى وَجَناتِهِ أَو نَحرِهِ

مَن لي بِعَطفِهِ ظالِمٍ مِن شَأنِهِ
نِسيانُ مُشتَغِلِ اللِسانِ بِذِكرِهِ

يالَيتَ مُؤمِنَةُ سُلُوّي مادَعَت
وُرقَ الحَمامِ مُؤَمِّني مِن هَجرِهِ

مَن لي بِرَدِّ الدَمعِ قَسرًا وَالهَوى
يَغدو عَلَيهِ مُشَمِّرًا في نَصرِهِ

أَعيا عَلَيَّ أَخٌ وَثِقتُ بِوُدِّهِ
وَأَمِنتُ في الحالاتِ عُقبى غَدرِهِ

وَخَبَرتُ هَذا الدَهرَ خِبرَةَ ناقِدٍ
حَتّى أَنِستُ بِخَيرِهِ وَبِشَرِّهِ

لا أَشتَري بَعدَ التَجَرُّبِ صاحِبًا
إِلّا وَدِدتُ بِأَنَّني لَم أَشرِهِ

مِن كُلِّ غَدّارٍ يُقِرُّ بِذَنبِهِ
فَيَكونُ أَعظَمُ ذَنبِهِ في عُذرِهِ

وَيَجيءُ طَورًا ضُرُّهُ في نَفعِهِ
جَهلًا وَطَورًا نَفعُهُ في ضُرِّهِ

فَصَبَرتُ لَم أَقطَع حِبالَ وِدادِهِ
وَسَتَرتُ مِنهُ ما اِستَطَعتُ بِسَترِهِ

وَأَخٍ أَطَعتُ فَما رَأى لي طاعَتي
حَتّى خَرَجتُ بِأَمرِهِ عَن أَمرِهِ

وَتَرَكتُ حُلوَ العَيشِ لَم أَحفِل بِهِ
لَمّا رَأَيتُ أَعَزَّهُ في مُرِّهِ

وَالمَرءُ لَيسَ بِبالِغٍ في أَرضِهِ
كَالصَقرِ لَيسَ بِصائِدٍ في وَكرِهِ

أَنفِق مِنَ الصَبرِ الجَميلِ فَإِنَّهُ
لَم يَخشَ فَقرًا مُنفِقٌ مِن صَبرِهِ

وَاِحلَم وَإِن سَفِهَ الجَليسُ وَقُل لَهُ
حُسنَ المَقالِ إِذا أَتاكَ بِهُجرِهِ

وَأَحَبُّ إِخواني إِلَيَّ أَبَشَّهُم
بِصَديقِهِ في سِرِّهِ أَو جَهرِهِ

لاخَيرَ في بِرِّ الفَتى مالَم يَكُن
أَصفى مَشارِبِ بِرِّهِ في بِشرِهِ

أَلقى الفَتى فَأُريدُ فائِضَ بِشرِهِ
وَأَجِلُّ أَن أَرضى بِفائِضِ بِرِّهِ

يارَبُّ مُضطَغِنِ الفُؤادِ لَقيتُهُ
بِطَلاقَةٍ فَسَلَلتُ مافي صَدرِهِ

إرسال تعليق

0 تعليقات