قفوا جددوا من عهدكم بالمعاهد لـ أبي تمام

قِفوا جَدِّدوا مِن عَهدِكُم بِالمَعاهِدِ
وَإِن هِيَ لَم تَسمَع لِنَشدانِ ناشِدِ

لَقَد أَطرَقَ الرَبعُ المُحيلُ لِفَقدِهِم
وَبَينِهِم إِطراقَ ثَكلانَ فاقِدِ

وَأَبقَوا لِضَيفِ الحُزنِ مِنِّيَ بَعدَهُم
قِرىً مِن جَوىً سارٍ وَطَيفِ مُعاوِدِ

سَقَتهُ ذُعافًا عادَةُ الدَهرِ فيهِمِ
وَسَمُّ اللَيالي فَوقَ سَمِّ الأَساوِدِ

بِهِ عِلَّةٌ لِلبَينِ صَمّاءُ لَم تُصِخ
لِبُرءٍ وَلَم توجِب عِيادَةَ عائِدِ

وَفي الكِلَّةِ الوَردِيَّةِ اللَونِ جُؤذُرٌ
مِنَ الإِنسِ يَمشي في رِقاقِ المَجاسِدِ

رَمَتهُ بِخُلفٍ بَعدَ أَن عاشَ حِقبَةً
لَهُ رَسَفانٌ في قُيودِ المَواعِدِ

غَدَت مُغتَدى الغَضبى وَأَوصَت خَيالَها
بِحَرّانَ نِضوِ العيسِ نِضوِ الخَرائِدِ

وَقالَت نِكاحُ الحُبِّ يُفسِدُ شَكلَهُ
وَكَم نَكَحوا حُبًّا وَلَيسَ بِفاسِدِ

سَآوي بِهَذا القَلبِ مِن لَوعَةِ الهَوى
إِلى ثَغَبٍ مِن نُطفَةِ اليَأسِ بارِدِ

وَأَروَعَ لا يُلقي المَقالِدَ لِاِمرِئٍ
فَكُلُّ اِمرِئٍ يُلقي لَهُ بِالمَقالِدِ

لَهُ كِبرِياءُ المُشتَري وَسُعودُهُ
وَسَورَةُ بَهرامٍ وَظَرفُ عُطارِدِ

أَغَرُّ يَداهُ فُرصَتا كُلِّ طالِبٍ
وَجَدواهُ وَقفٌ في سَبيلِ المَحامِدِ

فَتىً لَم يَقُم فَردًا بِيَومِ كَريهَةٍ
وَلا نائِلٍ إِلّا كَفى كُلَّ قاعِدِ

وَلا اِشتَدَّتِ الأَيّامُ إِلّا أَلانَها
أَشَمُّ شَديدُ الوَطءِ فَوقَ الشَدائِدِ

بَلَوناهُ فيها ماجِدًا ذا حَفيظَةٍ
وَما كانَ رَيبُ الدَهرِ فيها بِماجِدِ

غَدا قاصِدًا لِلحَمدِ حَتّى أَصابَهُ
وَكَم مِن مُصيبٍ قَصدَهُ غَيرُ قاصِدِ

هُمُ حَسَدوهُ لا مَلومينَ مَجدَهُ
وَما حاسِدٌ في المَكرُماتِ بِحاسِدِ

قَراني اللُهى وَالوُدَّ حَتّى كَأَنَّما
أَفادَ الغِنى مِن نائِلي وَفَوائِدي

فَأَصبَحَ يَلقاني الزَمانُ مِنَ اِجلِهِ
بِإِعظامِ مَولودٍ وَرَأفَةِ والِدِ

يَصُدُّ عَنِ الدُنيا إِذا عَنَّ سُؤدُدٌ
وَلَو بَرَزَت في زِيِّ عَذراءَ ناهِدِ

إِذا المَرءُ لَم يَزهَد وَقَد صُبِغَت لَهُ
بِعُصفُرِها الدُنيا فَلَيسَ بِزاهِدِ

فَواكَبِدي الحَرّى وَواكَبِدَ النَدى
لِأَيّامِهِ لَو كُنَّ غَيرَ بَوائِدِ

وَهَيهاتَ ما رَيبُ الزَمانِ بِمُخلِدٍ
غَريبًا وَلا رَيبُ الزَمانِ بِخالِدِ

مُحَمَّدُ يا بنِ الهَيثَمِ بنِ شُبانَةٍ
أَبي كُلَّ دَفّاعٍ عَنِ المَجدِ ذائِدِ

هُمُ شَغَلوا يَومَيكَ بِالبَأسِ وَالنَدى
وَآتَوكَ زَندًا في العُلى غَيرَ خامِدِ

فَإِن كانَ عامٌ عارِمُ المَحلِ فَاِكفِهِ
وَإِن كانَ يَومٌ ذو جِلادٍ فَجالِدِ

إِذا السوقُ غَطَّت آنُفَ السوقِ وَاِغتَدَت
سَواعِدُ أَبناءِ الوَغى في السَواعِدِ

فَكَم لِلعَوالي فيكُمُ مِن مُنادِمٍ
وَلِلمَوتِ صِرفًا مِن حَليفٍ مُعاقِدِ

لِتُحلِفكُمُ النَعماءُ ريشَ جَناحِها
فَما الواحِدُ المَحمودُ مِنكُم بِواحِدِ

لَكُم ساحَةٌ خَضراءُ أَنّى اِنتَجَعتُها
غَدا فارِطي فيها صَدوقًا وَرائِدي

فَما قُلُبي فيها لِأَوَّلِ نازِحٍ
وَلا سَمُري فيها لِأَوَّلِ عاضِدِ

أَذابَت لِيَ الدُنيا يَمينُكَ بَعدَما
وَقَفتُ عَلى شُخبٍ مِنَ العَيشِ جامِدِ

وَنادَتنِيَ التَثويبَ لا أَنَّني اِمرُؤٌ
سَلاكَ وَلا اِستَثنى سِواكَ بِرافِدِ

وَلَكِنَّها مِنّي سَجايا قَديمَةٌ
إِذا لَم يُجَأجَأ بي فَلَستُ بِوارِدِ

وَكَم دِيَةٍ تِمٍّ غَدَوتَ تَسوقُها
لَها أَثَرٌ في تالِدي غَيرُ تالِدِ

وَلَيسَت دِياتٍ مِن دِماءٍ هَرَقتَها
حَرامًا وَلَكِن مِن دِماءِ القَصائِدِ

وَلِلَّهِ أَنهارٌ مِنَ الناسِ شَقَّها
لِيَشرَعَ فيها كُلُّ مُقوٍ وَواجِدِ

مَوائِدُ رِزقٍ لِلعِبادِ خَصيبَةٌ
وَأَنتَ لَهُم مِن خَيرِ تِلكَ المَوائِدِ

أَفَضتَ عَلى أَهلِ الجَزيرَةِ نِعمَةً
إِذا شُهِدَت لَم تُخزِهِم في المَشاهِدِ

جَعَلتَ صَميمَ العَدلِ ظِلًّا مَدَدتَهُ
عَلى مَن بِها مِن مُسلِمٍ أَو مُعاهِدِ

فَقَد أَصبَحوا بِالعُرفِ مِنكَ إِلَيهِمُ
وَكُلٌّ مُقِرٌّ مِن مُقِرٍّ وَجاحِدِ

سَأَجهَدُ حَتّى أُبلِغَ الشِعرَ شَأوَهُ
وَإِن كانَ لي طَوعًا وَلَستُ بِجاهِدِ

فَإِن أَنا لَم يَحمَدكَ عَنِّيَ صاغِرًا
عَدُوُّكَ فَاِعلَم أَنَّني غَيرُ حامِدِ

بِسَيّاحَةٍ تَنساقُ مِن غَيرِ سائِقٍ
وَتَنقادُ في الآفاقِ مِن غَيرِ قائِدِ

جَلامِدُ تَخطوها اللَيالي وَإِن بَدَت
لَها موضِحاتٌ في رُؤوسِ الجَلامِدِ

إِذا شَرَدَت سَلَّت سَخيمَةَ شانِئٍ
وَرَدَّت عُزوبًا مِن قُلوبٍ شَوارِدِ

أَفادَت صَديقًا مِن عَدُوٍّ وَغادَرَت
أَقارِبَ دُنيا مِن رِجالٍ أَباعِدِ

مُحَبَّبَةً ما إِن تَزالُ تَرى لَها
إِلى كُلِّ أُفقٍ وافِدًا غَيرَ وافِدِ

وَمُحلِفَةً لَمّا تَرِد أُذنَ سامِعٍ
فَتَصدُرَ إِلّا عَن يَمينٍ وَشاهِدِ

إرسال تعليق

0 تعليقات