لا دِمنَةٌ بِلِوى خَبتٍ وَلا طَلَلُ
يَرُدُّ قَولًا عَلى ذي لَوعَةٍ يَسَلُ
إِن عَزَّ دَمعُكَ في آيِ الرُسومِ فَلَم
يَصُب عَلَيها فَعِندي أَدمُعٌ ذُلُلُ
هَل أَنتَ يَومًا مُعيري نَظرَةً فَتَرى
في رَملِ يَبرينَ عيرًا سَيرُها رَمَلُ
حَثّوا النَوى بِحَداةٍ ما لَها وَطَنٌ
إِلّا النَوى وَجِمالٍ ما لَها عُقُلُ
بَني زُرارَةَ نُصحًا مالَهُ ثَمَنٌ
يُرجى لَدَيكُم وَقَولًا كُلُّهُ عَذَلُ
وَإِنَّما هَلَكَت مِن قَبلِكُم إِرَمٌ
لِأَنَّهُم نُصِحوا دَهرًا فَما قَبِلوا
مُستَعصِمينَ مَعَ الأَروى كَأَنَّكُمُ
لا تَعلَمونَ بِأَنَّ العُصمَ لا تَئِلُ
أَنذَرتُكُم عارِضًا تَدمى مَخايِلُهُ
القَطرَةُ الفَذُّ مِنهُ عارِضٌ هَطِلُ
هَذا اِبنُ يوسُفُ في سَرعانِ ذي لَجَبٍ
فيهِ الظُبا وَالقَنا وَالكَيدُ وَالحِيَلُ
غَزاكُمُ بِقُلوبٍ ما لَها خَلَلٌ
مِن خَلفِها وَسُيوفٍ ما لَها خَلَلُ
قَد كانَ نارًا وَعُظمُ الجَيشِ مُفتَرِقٌ
بِالثَغرِ إِلّا أُصَيحابٌ لَهُ قُلُلُ
فَكَيفَ وَهوَ يَسوقُ اللَيلَ في زَجَلٍ
مِن عَسكَرٍ ما لِشَيءٍ غَيرِهِ زَجَلُ
وَلّاكُمُ البَغيَ ثُمَّ اِنسابَ نَحوَكُمُ
بِالمَشرَفِيَّةِ فيها الثُكلُ وَالهَبَلُ
وَاِنحازَ مِثلَ اِنحِيازِ الطَودِ يَتبَعُهُ
رَأيٌ يُصَغَّرُ فيهِ الحادِثُ الجَلَلُ
جَرَّ الرِماحَ إِلى دَربِ الرِماحِ فَهَل
لَكُم عَلَيهِ بَقاءٌ أَو بِهِ قِبَلُ
فَإِن تَكُن دَولَةٌ دامَت فَما اِنقَطَعَت
عَن مِثلِ صَولَتِهِ الأَيّامُ وَالدُوَلُ
اللَهَ اللَهَ كُفّوا إِنَّ خَصمَكُمُ
أَبو سَعيدٍ وَضَربُ الأَرؤُسِ الجَدَلُ
تَغَنَّموا السِلمَ إِنَّ الحَربَ توعِدُكُم
يَومًا يَعودُ بِهِ صِفّونَ وَالجَمَلُ
وَالأَنَ وَالعُذرُ مَبسوطٌ لِمُعتَذِرٍ
وَالأَمنُ مُستَقبَلٌ وَالعَفوُ مُقتَبَلُ
وَلا يُغَرَّنَّكُم مِنهُ تَبَذُّلُهُ
بِالإِذنِ حَتّى اِستَوى الأَربابُ وَالخَوَلُ
فَإِن يَكُن ظاهِرًا فَالشَمسُ ظاهِرَةٌ
أَو كانَ مُبتَذَلًا فَالرُكنُ مُبتَذَلُ
طالَ الرِواءُ الَّذي في رَأسِ فَحلِكُمُ
لا يَسهُلُ الصَعبُ حَتّى يَقصُرَ الطِوَلُ
قَد جارَ موسى وَجارى حَتفَ مُهجَتِهِ
فَإِن يَكُن جائِرًا فَالرُمحُ مُعتَدِلُ
وَأَمَّلَ الثَلجَ وَالجَوزاءَ مُلهِبَةٌ
في ناجِرٍ ساءَ هَذا الظَنُّ وَالأَمَلُ
وَعِندَ بِقراطَ داءٌ لَو تَصَفَّحَهُ
بِقراطُ قالَ الدَواءُ البيضُ وَالأَسَلُ
وَما صَليبُ بنِ آشوطٍ بِأَمنَعَ مِن
صَليبِ بُرجانَ إِذ خَلّوهُ وَاِنجَفَلوا
تَحمِلُهُ البُردُ مِن أَقصى الثُغورِ إِلى
أَدنى العِراقِ سِراعًا رَيثُها عَجَلُ
بِسُرِّ مَن راءَ مَنكوسًا تُجاذِبُهُ
أَيدي الشَمالِ فُضولًا كُلُّها فُضُلُ
تَهفو بِهِ رايَةٌ صَفراءُ تَحسِبُها
أَزدِيَّةً صَبَغَتها الهونُ وَالشِلَلُ
أَمسى يَرُدُّ حَريقَ الشَمسِ جانِبُهُ
عَن بابَكٍ وَهيَ في الباقينَ تَشتَعِلُ
كَأَنَّهُم رَكِبوا لِلحَربِ وَهوَ لَهُم
بَندٌ فَما لُفَّ مُذ أَوفى وَلا نَزَلوا
تَفاوَتوا بَينَ مَرفوعٍ وَمُنخَفِضٍ
عَلى مَراتِبِ ما قالوا وَما فَعَلوا
رَدَّ الهَجيرُ لِحاهُم بَعدَ شُعلَتِها
سودًا فَعادوا شَبابًا بَعدَما اِكتَهَلوا
ذاكَ بنُ عَمروٍ أَميرُ المُؤمِنينَ كَما
قالَ الخَوارِجُ إِذ ضَلّوا وَإِذ جَهِلوا
سَما لَهُ حابِلُ الآسادِ في لُمَةٍ
مِنَ المَنايا فَأَمسى وَهوَ مُحتَبَلُ
حالي الذِراعَينِ وَالساقَينِ لَو صَدَقَت
لَهُ المُنى لَتَمَنّى أَنَّهُ عُطُلُ
مِن تَحتِ مُطبَقِ بابِ الشامِ في نَفَرَ
أَسرى يَوَدّونَ وَدًّا أَنَّهُم قُتِلوا
غابوا عَنِ الأَرضِ أَنأى غَيبَةٍ وَهُمُ
فيها فَلا وَصلَ إِلّا الكُتبُ وَالرُسُلُ
تَغدو السَماءُ فَتَلقاهُم مُرَبَّعَةً
وَتُقطَعُ الشَمسُ عَنهُم حينَ تَتَّصِلُ
ذَمّوا مُحَمَّدًا المَحمودَ إِذ نَشِبوا
في مُصمَتٍ لَيسَ في أَرجائِهِ خَلَلُ
لَو سِرتُمُ في نَواحي الأَرضِ عَدَّ لَكُم
آثارَهُ الباقِياتِ السَهلُ وَالجَبَلُ
مُشَيَّعٌ مَعَهُ رَأيٌ يُبَلِّغُهُ
تِلكَ الأُمورَ الَّتي ما رامَها رَجُلُ
لايَجذِبُ الوَطَنُ المَألوفُ عَزمَتَهُ
وَلا الغَزالُ الَّذي في طَرفِهِ كَحَلُ
مُسافِرٌ وَمَطاياهُ مُحَلَّلَةٌ
غُروضُها وَمُقيمٌ وَهوَ مُرتَحَلُ
يَهَشُّ لِلغَزوِ حَتّى شَكَّ عَسكَرُهُ
فيهِ وَقالوا أَغَزوٌ ذاكَ أَم قَفَلُ
تَجري عَلى سورَةِ الأَنفالِ قِسمَتُهُ
إِذا تَوافى إِلَيهِ الغُنمُ وَالنَفَلُ
أَنا اِبنُ نِعمَتِكَ الأولى الَّتي شَكَرَت
نَبهانَ عَنها وَعَن آلائِها ثُعَلُ
أَقولُ فيكَ بِوُدٍّ ظَلَّ يَجذِبُني
إِلى المَديحِ فَما يَحظى بِيَ الغَزَلُ
هَذا وَلَو قُلتُ نَفسي فيكَ لَم أَرَني
قَضَيتُ حَقًّا وَلَو أُعطيتَ ما أَسَلُ
0 تعليقات