هم أشعلوا نارهم، من أشعل النارا (بين الريح والإعصار) لـ عبد الرحمن العشماوي

همْ أشعلوا نارهم، منْ أشعلَ النارا؟
من الذي ملأ الساحاتِ ثوّارا

متى تجمَّع هذا السيلُ منحدرًا
من كلِّ ناحيةٍ في مصر مِدْرارا؟

من الذي صاغ في الميدان ملحمةً
من الشباب شَدَتْ نثرًا وأشعارا؟

من الذي صاغها حتى غدت لغةً
على الشّفاه وفي الأذهانِ أفكارا؟

وكيف حرّك جيشًا لا سلاح له
ماهزّ سيفًا على الطغيان بتّارا؟

ما هزَّ إلاَّ أيادي الجيلِ مُرْسِلةَ
شُواظَها، وهُتافَ الجيلِ مَوَّارا

ماهزَّ إلا هُتافاتٍ مُعَبِّرةً
عن المشاعر تفْنيدًا وإنكارا

جيشٌ إذا ما رأى دبَّابةً هدرتْ
ألقى إليها مع التكبيرِ أزهارا

سلاحه دفْترٌ أو لوحةٌ بَرَزَتْ
فيها الحروفُ لأهل البغي إنذارا

حتى العباراتِ لم يُبْدِعْ صياغتها
ولم يَضَع لفصيح اللّفظِ معيارا

من الذي سيَّر الجيشَ الكبيرَ ومنْ
أجراهُ في ساحة التَّحريرِ أنْهارا؟

وكيف جاءَ إلى السَّاحاتِ محتملًا
أقسى المعاناةِ إقدامًا وإصرارا؟

طُوفان أسئلةٍ يجتاح قافيتي
مازال ذهني لهُ والقلبُ مِضْمارا

أين الجواب؟ وماكان الجوابُ سِوى
تلك الملايينِ جاءتْ تمسحُ العارا

جيْشٌ من الشَّعبِ، لم يُطْلق على أحدٍ
نارًا ولم يُعْطِ للتَّسليح دولارا

ومالهُ في مياهِ البحرِ بارجةٌ
تُجيدُ في غمراتِ الموج إبحارا

ومالهُ في مجالِ الجوِّ طائرةٌ
حربيةٌ تُمْطِرُ الغاراتِ إمطارا

لكنَّه كان في الميدانِ مُحْتشدًا
مُزَمْجرًا صاخبًا كالموجِ هدَّارا

ماحرَّك النَّاس إلاَّ الظُّلْمُ حين بنى
منهُ الطُّغاةُ أمام النَّاسِ أسوارا

وحينما أَهْدَروا حقَّ الضعيفِ على
أبوابِ حرْمانهم للشَّعْبِ، إهدارا

وحينما أكلوا شَهْدًا وفاكهةً
وألقموا النَّاس بالتقتيرِ أحجارا

وحينما صنعوا من سوءِ نيَّتِهِم
لكلِّ جِذعٍ من الإنصافِ مِنْشارا

وحينَ دَقّوا على جُدْرانِ سَطْوتهم
لكلِّ كفِ تريدُ الحقَّ مِسْمارا

لما رأى الشَّعْبُ أنَّ الظالمين أبوا
أن يَمْنَحُوه من الإنصافِ مِعْشارا

لم يُشبِعوه ولم يُرْووه من ظمأٍ
ولم يعينوه حتى يبْتني دارا

لمَّا رآهم قلوبًا لا شعورَ لها
صارتْ،وقد أُشْرِبَتْ بالحقدِ أحجارا

ألقى إلى ساحةِ التَّحرير قوَّتهُ
من الشباب الذي لمء يُعْطَ مِقْدارا

نادوا ونادوا، فلمَّا لم يروا أحدًا
يُزيل عن كاهلِ الإنسانِ أضْرارا

قالوابإصرارهم للمسْتخفِّ بهم:
إن كنت ريحًا فقد لاقيتَ إعصارا

إرسال تعليق

0 تعليقات