سلاها كيف ضيعت الوصالا لـ البحتري

سَلاها كَيفَ ضَيَّعتِ الوِصالا
وَبَطَّت مِن مَوَدَّتِنا الجِبالا

وَأَضحَت بِالشَآمِ تَرى حَرامًا
مُواصَلَتي وَهِجراني حَلالا

هَلِ الحَسناءُ مُخبِرَتي أَهَجرًا
أَرادَت بِالتَجَنُّبِ أَم دَلالا

ذَكَرتُ بِها قَضيبَ البانِ لَمّا
بَدَت تَختالُ في الحُسنِ اِختِيالا

تُشاكِلُهُ اِهتِزازًا وَاِنعِطافًا
وَتَحكيهِ قَوامًا وَاِعتِدالا

وَلي كَبِدٌ تَلينُ عَلى التَصابي
وَتَأبى في الهَوى إِلّا اِشتِعالا

وَعَينٌ لَيسَ تَألوني اِنسِكابًا
وَقَلبٌ لَيسَ يَألوني خَبالا

وَقَد عَلِمَ الوُشاةُ ثَباتَ عَهدي
إِذا عَهدُ الَّذي أَهواهُ حالا

وَأَنّي لَم أَزَل كَلِفًا بِلَيلى
عَلى كُرهِ الوُشاةِ وَلَن أَزالا

وَلَم أَعدُد هَوايَ لَها سَفاهًا
وَلا وَجدي القَديمَ بِها ضَلالا

أَميرَ المُؤمِنينَ وَأَنتَ أَرضى
عِبادَ اللَهِ عِندَ اللَهِ حالا

رَدَدتَ الدينَ مَوفورًا مَصونًا
وَقَبلَكَ كانَ مُنتَقِصًا مُذالا

إِذا الخُلَفاءُ عُدُّا يَومَ فَخرٍ
وَبَرَّزَ مَجدُهُم فَسَما وَطالا

غَدَوتَ أَجَلَّهُم خَطَرًا وَذِكرًا
وَأَعلاهُم وَأَشرَفَهُم فَعالا

وَما حَسُنَت نَواحي الأَرضِ حَتّى
مَلَكتَ السَهلَ مِنها وَالجِبالا

بِوَجهٍ يَملَأُ الدُنيا ضِياءَ
وَكَفٍّ تَملَأُ الدُنيا نَوالا

أَرى الحَولَ الجَديدَ جَرى بِسَعدٍ
وَحالِ بِأَنعُمٍ لَكَ حينَ حالا

فُتوحٌ يَدَّرِكنَ مِنَ النَواحي
كَما اِدَّرَكَ السَحابُ إِذا تَوالى

وَجاءَكَ بِالرَغائِبِ مالُ مِصرٍ
فَلَم أَرَ مِثلَها ظَفَرًا وَمالا

يُحَسِّنُ مِن مَديحي فيكَ أَنّي
مَتى أَعدُد عُلاكَ أَجِد مَقالا

وَلَستُ أُلامُ في تَقصيرِ شُكري
وَقَد حَمَّلتَني المِنَنَ الثِقالا

لَقَد نَوَّهتَ بي شَرقًا وَغَربًا
وَقَد خَوَّلتَني جاهًا وَمالا

وَما أَلفٌ بِأَكثَرِ ما أُرَجّي
وَآمَلُ مِن نَداكَ إِذا تَوالى

إِذا سَبَقَت يَداكَ إِلى عَطاءٍ
أَمِنّا الخُلفَ عِندَكَ وَالمِطالا

وَإِن يَسَّرتَ لِلمَعروفِ قَولًا
فَإِنَّكَ تُتبَعُ القَولَ الفَعالا

رَأَيتُ اليُمنَ وَالبَرَكاتِ لَمّا
رَأَيتَ بَياضَ وَجهِكَ وَالهِلالا

إرسال تعليق

0 تعليقات