طيف لعلوة ما ينفك يأتيني لـ البحتري

طَيفٌ لِعَلوَةَ ما يَنفَكُّ يَأتيني
يَصبو إِلَيَّ عَلى بُعدٍ وَيُصبيني

تَحِيَّةُ اللَهِ تُهدى وَالسَلامُ عَلى
خَيالِكِ الزائِري وَهنًا يُحَيِّيني

إِذا قَرُبتِ فَهَجرٌ مِنكِ يُبعِدُني
وَإِن بَعُدتِ فَوَصلٌ مِنكِ يُدنيني

تَصَرَّمَ الدَهرُ لا وَصلٌ فَيُطمِعُني
فيما لَدَيكِ وَلا يَأسٌ فَيُسليني

وَلَستُ أَعجَبُ مِن عِصيانِ قَلبِكِ لي
عَمدًا إِذا كانَ قَلبي فيكِ يَعصيني

أَما وَما اِحمَرَّ مِن وَردِ الخُدودِ ضُحىً
وَاِحوَرَّ في دَعَجٍ مِن أَعيُنِ العينِ

لَقَد حَبَوتُ صَفاءَ الوُدِّ صائِنَهُ
عَنّي وَأَقرَضتُهُ مَن لا يُجازيني

هَوىً عَلى الهونِ أُعطيهِ وَأَعهَدُني
مِن قَبلِ حُبّيكَ لا أُعطي عَلى الهونِ

ما لي يُخَوِّفُني مَن لَيسَ يَعرِفُني
بِالناسِ وَالناسُ أَحرى أَن يَخافوني

إِذا عَقَدتُ عَلى قَومٍ مُشَنِّعَةً
فَليُكثِروا القَولَ في عَيبي وَتَهجيني

وَقَد بَرِئتُ إِلى العَريضِ مِن فِكَرٍ
مُبيرَةٍ وَلِسانٍ غَيرِ مَضمونِ

وَلَستُ مُنبَرِيًا بِالجَهلِ أَجعَلُهُ
صِناعَةً ما وَجَدتُ الحِلمَ يَكفيني

إِنّي وَإِن كُنتُ مَرهوبًا لِعادِيَةٍ
أَرمي عَدُوّي بِها في الفَرطِ وَالحينِ

لَذو وَفاءٍ لِأَهلِ الوُدِّ مُدَّخَرٍ
عِندي وَغَيبٍ عَلى الإِخوانِ مَأمونِ

هَلِ اِبنُ حَمدونَ مَردودٌ إِلى كَرَمٍ
عَهِدتُهُ مَرَّةً عِندَ اِبنِ حَمدونِ

أَخٌ شَكَرتُ لَهُ نُعمى أَخي ثِقَةٍ
زَكَت لَدَيَّ وَمَنّا غَيرَ مَمنونِ

طافَ الوُشاةُ بِهِ بَعدي وَغَيَّرَهُ
مَعاشِرٌ كُلُّهُم بِالسوءِ يَعنيني

أَصبَحتُ أَرفَعُهُ حَمدًا وَيَخفِضُني
ذَمًّا وَأَمدَحُهُ طَورًا وَيَهجوني

وَعادَ مُحتَفِلًا بِالسوءِ يَهدِمُني
وَكانَ مِن قَبلُ بِالإِحسانِ يَبنيني

تَدعو اللِئامَ إِلى شَتمي وَمَنقَصَتي
بِئسَ الحِباءُ عَلى مَدحيكَ تَحبوني

أَينَ الوِدادُ الَّذي قَد كُنتَ تَمنَحُني
أَينَ الصَفاءُ الَّذي قَد كُنتَ تُصفيني

إِن كانَ ذَنبٌ فَأَهلُ الصَفحِ أَنتَ وَإِن
لَم آتِ ذَنبًا فَفيمَ اللَومُ يَعروني

بَني زُراراءَ ما أَزرى بِكُم حَسَبٌ
دونٌ وَما الحَسَبُ العادِيُّ بِالدونِ

تِلكَ الأَعاجِمُ تَنميكُم أَوائِلُها
إِلى الذَوائِبِ مِنها وَالعَرانينِ

فَخرُ الدَهاقينِ مَأثورٌ وَفَخرُكُمُ
مِن قَبلُ دَهقَنَ آباءَ الدَهاقينِ

إِنّي أَعُدُّكُمُ رَهطي وَأَجعَلُكُم
أَحَقَّ بِالصَونِ مِن عِرضي وَمِن ديني

إرسال تعليق

0 تعليقات