أَأَفاقَ صَبٌّ مِن هَوىً فَأُفيقا
أَم خانَ عَهدًا أَم أَطاعَ شَفيقا
إِنَّ السُلُوَّ كَما تَقولُ لَراحَةُ
لَو راحَ قَلبي لِلسُلُوِّ مُطيقا
هَذا العَقيقُ وَفيهِ مَرأىً مونِقٌ
لِلعَينِ لَو كانَ العَقيقُ عَقيقا
أَشَقيقَةَ العَلَمَينِ هَل مِن نَظرَةٍ
فَتَبُلَّ قَلبًا لِلغَليلِ شَقيقا
وَسَمَتكِ أَردِيَةُ السَماءِ بِديمَةٍ
تُحيي رَجاءً أَو تَرِدُّ عَشيقا
وَلَئِن تَناوَلَ مِن بَشاشَتِكِ البِلى
طَرفًا وَأَوحَشَ أُنسَكِ المَوموقا
فَلَرُبَّ يَومٍ قَد غَنينا نَجتَلي
مَغناكِ بِالرَشَإِ الأَنيقِ أَنيقا
عَلَّ البَخيلَةَ أَن تَجودَ بِها النَوى
وَالدارَ تَجمَعُ شائِقًا وَمَشوقا
كَذِبَ العَواذِلُ أَنتَ أَقتَلُ لَحظَةً
وَأَغَضُّ أَطرافًا وَأَعذَبُ ريقا
ماذا عَلَيكِ لَوِ اِقتَرَبتِ بِمَوعِدٍ
يَشفي الجَوى وَسَقَيتِنا تَرنيقا
غَدَتِ الجَزيرَةُ في جَنابِ مُحَمَّدٍ
رَيّا الجَنابِ مَغارِبًا وَشُروقا
بَرَقَت مَخايِلُهُ لَها وَتَخَرَّقَت
فيها عَزالى جودِهِ تَخريقا
صَفَحَت لَهُ عَنها السِنونُ وَواجَهَت
أَطرافُها وَجهَ الزَمانِ طَليقا
رَفَعَ الأَميرُ أَبو سَعيدٍ ذِكرَها
وَأَقامَ فيها لِلمَكارِمِ سوقا
يَستَمطِرونَ يَدا يَفيضُ نَوالُها
فَيُغَرِّقُ المَحرومَ وَالمَرزوقا
يَقِظٌ إِذا اِعتَرَضَ الخُطوبَ بِرَأيِهِ
تَرَكَ الجَليلَ مِنَ الخُطوبِ دَقيقا
هَلّا سَأَلتَ مُحَمَّدًا بِمُحَمَّدٍ
تَجِدِ الخَبيرَ الصادِقَ المَصدوقا
وَسَلِ الشُراةَ فَإِنَّهُم أَشقى بِهِ
مِن أَهلِ موقانَ الأَوائِلِ موقا
كُنّا نُكَفِّرُ مِن أُمَيَّةَ عُصبَةً
طَلَبوا الخِلافَةَ فَجرَةً وَفُسوقا
وَنَلومُ طَلحَةَ وَالزُبَيرَ كِلَيهِما
وَنُعَنِّفُ الصِدّيقَ وَالفاروقا
وَهُمُ قُرَيشُ الأَبطَحَينِ إِذا اِنتَمَوا
طابوا أُصولًا فيهِمُ وَعُروقا
وَنَقولُ تَيمٌ قَرَّبَت وَعَدِيُّها
أَمرًا بَعيدًا حَيثُ كانَ سَحيقا
حَطّى غَدَت جُشَمُ بنِ بَكرٍ تَبتَغي
إِرثَ النَبِيِّ وَتَدَّعيهِ حُقوقا
جاؤوا بِراعيهِم لِيَتَّخِذوا بِهِ
عَمدًا إِلى قَطعِ الطَريقِ طَريقا
طَرَحوا عَباءَتَهُ وَأَلقَوا فَوقَهُ
ثَوبَ الخِلافَةِ مُشرَبًا راوُوقا
عَقَدوا عِمامَتَهُ بِرَأسِ قَناتِهِ
وَرَأَوهُ بِرّا فَاِستَهالَ عُقوقَ
وَأَقامَ يُنفِذُ في الجَزيرَةِ حُكمُهُ
وَيَظُنُّ وَعدَ الكاذِبينَ صَدوقا
حَتّى إِذا ما الحَيَّةُ الذَكَرُ اِنكَفا
مِن أَرزَنٍ حَنِقًا يَمُجُّ حَريقا
غَضبانَ يَلقى الشَمسَ مِنهُ بِهامَةٍ
تُغشي العُيونَ تَأَلُّقًا وَبَريقا
أَوفى عَلَيهِ فَظَنَّ مِن دَهَشٍ بِهِ
البَرَّ بَحرًا وَالفَضاءَ مَضيقا
غَدَرَت أَمانيهِ بِهِ وَتَمَزَّقَت
عَنهُ غَيابَةُ سُكرِهِ تَمزيقا
طَلَعَت جِيادُكَ مِن رُبا الجودِيِّ قَد
حُمِّلنَ مِن دُفَعِ المَنونِ وَسوقا
يَطلُبنَ ثَأرَ إِلَهي عِندَ عِصابَةٍ
خَلَعوا الإِمامَ وَخالَفوا التَوفيقا
يَرمونَ خالِقَهُم بِأَقبَحِ فِعلِهِم
وَيُحَرِّفونَ كِتابَهُ المَنسوقا
فَدَعا فَريقًا مِن سُيوفِكَ حَتفُهُم
وَشَدَدتَ في عُقَدِ الحَديدِ فَريقا
وَمَضى اِبنُ عَمرٍو قَد أَساءَ بِعُمرِهِ
ظَنًّا يُنَزِّقُ مُهرَهُ تَنزيقا
رَكِبَت جَوانِحُهُ قَوادِمَ روعِهِ
يَخذِفنَهُ خَذفَ المَريرِ الفوقا
فَاِجتازَ دِجلَةَ خائِضًا وَكَأَنَّها
قَعبٌ عَلى بابِ الكُحَيلِ أُريقا
لَو خاضَها عِمليقُ أَو عُوجٌ إِذًا
ما جَوَّزَت عُوجًا وَلا عِمليقا
لَولا اِضطِرابُ الخَوفِ في أَحشائِهِ
رَسَبَ العُبابُ بِهِ فَماتَ غَريقَ
خاضَ الحُتوفَ مِنَ الحُتوفِ مُعانِقًا
زَجِلًا كَفِهرِ المَنجَنيقِ عَتيقا
يَجتابُ حَرَّةَ سَهلِها وَوَعورَها
وَالطيرَهانِ مَرادُهُ وَدُقوقا
لَو نَفَّسَتهُ الخَيلُ لَفتَةَ ناظِرٍ
مَلَأَ البِلادَ زَلازِلًا وَفُتوقا
لَثَنى صُدورَ السُمرِ تَكشِفُ كُربَةً
وَلَوى رُؤوسَ الخَيلِ تَفرُجُ ضيقا
وَلَبَكَّرَت بَكرٌ وَراحَت تَغلِبٌ
في نَصرِ دَعوَتِهِ إِلَيهِ طُروقا
حَتّى يَعودَ الذِئبُ لَيثًا ضَيغَمًا
وَالغُصنُ ساقًا وَالأَرارَةُ نيقا
هَيهاتَ مارَسَ قُلقُلًا مُتَيَقِّظًا
قَلِقًا إِذا سَكَنَ البَليدُ رَشيقا
مُستَسلِفًا جَعَلَ الغَبوقَ صَبوحَهُ
وَمَرى صَبوحَ غَدٍ فَكانَ غَبوقا
لِلَّهِ رَكضُكَ إِذ يُبادِرُكَ المَدى
وَمُبِرُّ سَبقِكَ إِذ أَتى مَسبوقا
جاذَبتَهُ فُضُلَ الحَياةِ فَأَفلَتَت
مِن كَفِّهِ قَمَنًا بِذاكَ حَقيقا
فَرَدَدتَ مُهجَتَهُ وَقَد كَرَعَ الرَدى
لِيَحُفَّ مِنها مَنهَلًا مَطروقا
لَبِسَ الحَديدَ خَلاخِلًا وَأَساوِرًا
فَكَفَينَهُ التَسويرَ وَالتَطويقا
بِالتَلِّ تَلِّ رَبيعَ بَينَ مَواضِعٍ
مازالَ دينُ اللَهِ فيها يوقى
ساتَيدَما وَسُيوفُنا في هَضبِهِ
يَفرى إِياسُ بِها الطُلى وَالسوقا
حَتّى تَناوَلَ تاجَ قَيصَرَ مُذهَبًا
بِدَمٍ وَفَرَّقَ جَمعُهُ تَفريقا
وَالجازِرينَ وَهَتمِ إِبراهيمَ في
ثِنيَيهِما تِلكَ الثَنايا الروقا
قَتَلَ الدَعِيَّ اِبنَ الدَعِيِّ بِضَربَةٍ
خَلسٍ وَحَرَّقَ جَيشَهُ تَحريقا
وَالزابِ إِذ حانَت أُمَيَّةُ فَاِغتَدَت
تُزجي لَنا جَعِيَّها الزِنديقا
كَشَفوا بِتَلِّ كُشافَ أَروِقَةَ الدُجى
عَن عارِضٍ مَلَأَ السَماءَ بُروقا
نِلناهُمُ قَبلَ الشُروقِ بِأَذرُعٍ
يَهزُرنَ في كَبِدِ الظَلامِ شُروقا
حَتّى تَرَكنا الهامَ تَندُبُ مِنهُمُ
هامًا بِبَطنِ الزابِيَينِ فَليقا
يا تَغلِبَ اِبنَةَ وائِلٍ حَتّى مَتى
تَرِدونَ كُفرًا موبِقًا وَمُروِقا
تَتَجاوَبونَ بِدَعوَةٍ مَخذولَةٍ
دَعوى الحَميرِ إِذا أَرَدنَ نَهيقا
وَلَقَد نَظَرنا في الكِتابِ فَلَم نَجِد
لِمَقالِكُم في آيِهِ تَحقيقا
أَو ما عَلِمتُم أَنَّ سَيفَ مُحَمَّدِ
أَمسى عَذابًا بِالطُغاةِ مُحيقا
لا تَنتَضوهُ بِأَن تَروموا خُطَّةً
عَسراءَ تُعيِ الطالِبينَ لُحوقا
لا تَحسَبَنَّ الناسَ إِن صَفَرَت بِهِم
رُعيانُكُم بِهمًا أَطاعَ وَنوقا
خَلّوا الخِلافَةَ إِنَّدونَ مَنالِها
قَدَرًا بِأَخذِ الظالِمينَ خَليقا
قَد رَدَّها زَيدُ بنُ حِصنٍ بَعدَما
رَدّوا إِلَيهِ رِداءَها مَشقوقا
وَرِجالُ طَيِّءِ مُصلِتونَ أَمامَهُ
وَرَقًا هُناكَ مِنَ الحَديدِ رَقيقا
بِالنَهرَوانِ وَعاقَدوهُ فَأَكَّدوا
عَقدًا لَهُ بَينَ القُلوبِ وَثيقا
لَم يَرضَها لَمّا اِجتَلاها صَعبَةً
لَم تَرضَهُ خِدنًا لَها وَرَفيقا
لَو واصَلَت أَحَدًا سِوى أَصحابِها
مِنهُم لَكانَ لَها أَخًا وَصَديقا
0 تعليقات