هَواها عَلى أَنَّ الصُدودَ سَبيلُها
مُقيمٌ بِأَكنافِ الحَشا ما يَزولُها
وَإِن جَهَدَ الواشونَ في صَرمِ حَبلِها
وَأَبدَعَ في فَرطِ المَلامِ عَذولُها
وَمولَعَةٍ بِالهَجرِ يُقلى وَدودُها
وَيُقصى مُدانيها وَيُجفى وَصولُها
أَذالَ مَصوناتِ الدُموعِ اِهتِجارُها
وَلَولا الهَوى ما كانَ شَيءٌ يُذيلُها
وَما الوَجدُ إِلّا أَدمُعٌ مُستَهِلَّةٌ
إِذا ما مَراها الشَوقُ فاضَ هُمولُها
أَسيتُ فَأَعطَيتُ الصَبابَةَ حَقَّها
غَداةَ اِستَقَلَّت لِلفِراقِ حُمولُها
وَهَل هِيَ إِلّا لَوعَةٌ مُستَسِرَّةٌ
يُذيبُ الحَشا وَالقَلبَ وَجدًا غَليلُها
وَلَولا مَعالي أَحمَدَ بنِ مُحَمَّدٍ
لَأَضحَت دِيارُ الحَمدِ وَحشًا طُلولُها
فَتىً لَم يَمِل بِالنَفسِ مِنهُ عَنِ العُلا
إِلى غَيرِها شَيءٌ سِواها يُميلُها
يَرُدُّ بَني الآمالِ بيضًا وُجوهُهُم
بِنائِلِهِ جَمُّ العَطايا جَزيلُها
فَلَيسَ يُبالي مُستَميحُ نَوالِهِ
أَصابَ اللَيالي خِصبُها أَم مُحولُها
أَنافَ بِهِ بِسطامُهُ وَمُحَمَّدٌ
قِمامَ عُلًا يُعيِ المُلوكَ حُلولُها
لَهُ هِمَمٌ لا تَملَأُ الدَهرَ صَدرَهُ
يَضيقُ بِها عَرضُ البِلادِ وَطولُها
إِذا لاحَظَ الأَحداثَ عَن حَدِّ سُخطِهِ
تَضاءَلَ عِندَ اللَحظِ خَوفًا جَليلُها
لَقَد أُعطِيَت مِنهُ الرَعِيَّةُ فَوقَ ما
تَرَقَّت أَمانيها إِلَيهِ وَسولُها
نَفى الجَورَ بِالعَدلِ المُبينِ فَأَصبَحَت
مَعاهِدُهُ لَم يَبقَ إِلّا مُحيلُها
فَأَثرى بِهِ مِن بَعدِ بُؤسِ عَديمُها
وَعَزَّ بِهِ مِن بَعدِ خَوفٍ ذَليلُها
وَسارَعَ طَوعًا بِالخَراجِ أَبِيُّها
وَعادَ حَليمًا بَعدَ جَهلٍ جَهولُها
وَمازالَ مَيمونَ السِياسَةِ ناصِحًا
لَهُ شِيَمٌ زُهرٌ يَقِلُّ عَديلُها
يَنالُ بِحُسنِ الرِفقِ ما لَو يَرومُهُ
سِواهُ بِبيضِ الهِندِ خيفَ فُلولُها
لَهُ فِكَرٌ عِندَ الأُمورِ يُرينَهُ
عَواقِبُها في الصَدرِ حينَ يُجيلُها
تَتابَعُ مِنهُ كُلَّ يَومٍ فَضيلَةٌ
يَفوتُ اِرتِدادِ الطَرفِ سَبقًا عَجولُها
إِذا كَرَّها بِالبِرِّ مِنهُ أَعادَها
عَلى النَهجِ مَحمودَ السَجايا جَميلُها
لَهُ نَبعَةٌ في العِزِّ طالَت فُروعُها
وَطابَ ثَراها وَاطمَأَنَّت أُصولُها
وَلَو وُزِنَت أَركانُ رَضوى وَيَذبُلُ
وَقُدسٍ بِهِ في الحِلمِ خَفَّ ثَقيلُها
لَهُ سَطَواتٌ كُلَّ يَومٍ وَلَيلَةٍ
عَلى مُهَجِ الأَعداءِ لا تَستَقيلُها
إِذا جارَتِ الآمالُ عَن قَصدِها اِغتَدى
إِلَيها نَداهُ الجَزلُ وَهوَ دَليلُها
وَلَمّا شَأى في المَجدِ سَبقًا تَقَدَّمَت
لَهُ في مَداهُ غُرَّةٌ وَحُجولُها
سَليلُ المَعالي وَالفَخارِ وَإِنَّما
يَتيهُ وَيُزهي بِالمَعالي سَليلُها
فِداكَ أَبا العَبّاسِ مِن كُلِّ حادِثٍ
مِنَ الدَهرِ مَنزورُ العَطايا مَطولُها
فَكَم لَكَ في الأَموالِ مِن يَومِ وَقعَةٍ
طَويلَ مِنَ الأَهوالِ فيهِ عَويلُها
وَمِن صَولَةٍ في يَومِ بُؤسٍ عَلى العِدى
يُهالُ فُؤادُ الدَهرِ حينَ يَصولُها
إِلَيكَ سَرَت غُرُّ القَوافي كَأَنَّها
كَواكِبُ لَيلٍ غابَ عَنها أُفولُها
بَدائِعُ تَأبى أَن تَدينَ لِشاعِرٍ
سِوايَ إِذا ما رامَ يَومًا يَقولُها
تَزولُ اللَيالي وَالسُنونُ وَلا يُرى
عَلى العَهدِ طولَ الدَهرِ شَيءٌ يُزيلُها
يُهَيِّجُ إِطرابَ المُلوكِ اِستِماعُها
فَيَحمَدُ راويها وَيُحبى قَأولُها
0 تعليقات