مرثية رجل تافه لـ صلاح عبد الصبور

مرثية رجل تافه
مضت حياته.. كما مضت
ذليلة موطَّأة
كأنها تراب مقبرة
وكان موته الغريب باهتا مباغتا
منتظَرا، مباغتا
الميتة المكررة
كان بلا أهل، بلا صِحاب
فلم يشارك صاحبا - حين الصبا - لهوَ الصبا
ليحفظ الوداد في الشباب
طان وحيدا نازفا كعابر السحاب
وشائعا كما الذباب
وكنتُ أعرفه
أراه كلما رسا بيَ الصباح في بحيرة العذاب
أجمع في الجراب
بضع لقيمات تناثرت على شطوطها التراب
ألقى بها الصبيان للدجاج والكلاب
وكنت إن تركتُ لقمة أنفتُ أن ألمُّها
يلقطها، يمسحها في كمِّهِ
يبوسها
يأكلها
في عالم كالعالم الذي نعيش فيه
تعشى عيون التافهين عن وساخة الطعام و الشراب
وتسألونني: أكان صاحبي؟
وكيف صحبةٌ تقوم بين راحلَيْن؟
إذن لماذا حينما نعى الناعي إليَّ نعيَهُ
بكيتهُ
وزارني حزني الغريب ليلتين
ثم رثيتهُ ..!

إرسال تعليق

0 تعليقات