سيدي والظنون فيك جميلة لـ ابن خلدون

سيدي والظنون فيك جميلة
وأياديك بالأماني كفيله

لا تحل عن جميل رأيك إني
ما لي اليوم غير رأيك حيله

واصطنعني كما اصطنعت بإسدا
ء يد من شفاعة أو وسيله

لا تضعني فلست منك مضيعًا
ذمة الحب والأيادي الجميله

وأجرني فالخطب عض بناب
بيه وأجرى إلى حماي خيوله

ولو أني دعا بنصري داع
كنت لي خير معشر وفصيله

أنه أمري إلى الذي جعل الل
ه أمور الدنيا له مكفوله

وأراه في ملكه الآية الك
برى فولاه ثم كان مديله

أشهدته عناية الله في التم
حيص أن كان عونه ومنيله

العزيز السلطان والملك الظا
هر فخر الدنيا وعز القبيله

ومجير الإسلام من كل خطب
كاد زلزال بأسه أن يزيله

ومديل العدو بالطعنة النجلا
ء تفري ماذيه ونصوله

وشكور لأنعم الله يفني
في رضاه غدوه وأصيله

وتلطف في وصف حالي وشكوى
خلتي يا صفيه وخليله

قل له والمقال يكرم من مث
لك في محفل العلا أن يقوله

يا خوند الملوك يا معدل الد
هر إذا عدل الزمان فصوله

لا تقصر في جبر كسرى فما زل
ت أرجيك للأيادي الطويلة

أنا جار لكم منعتم حماه
ونهجتم إلى المعالي سبيله

وغريب أنستموه على الوحش
ة والحزن بالرضى والسهوله

وجمعتم من شمله فقضى الل
ه فراقًا وما قضى مأموله

غاله الدهر في البنين وفي الأه
ل وما كان ظنه أن يغوله

ورمته النوى فقيدًا قد اجت
احت عليه فروعه وأصوله

فجذبتم بضبعه وأنلتم
كل ما شاءت العلا أن تنيله

ورفعتم من قدر قبل أن يش
كو إليكم عياءه وخموله

وفرضتم له حقيقة ود
حاش لله أن ترى مستحيله

همة ما عرفتها لسواكم
وأنا من خبرت دهري وجيله

والعدا نمقوا أحاديث إفك
كلها في طرائق معلوله

روجوا في شأني غرائب زور
نصبوها لأمرهم أحبوله

ورموا بالذي أرادوا من الب
هتان ظنًا بأنها مقبولة

زعموا أنني أتيت من الأقوا
ل ما لا يظن بي أن أقوله

كيف لي أغمط الحقوق وأني
شكر نعماكم علي الجزيله

كيف لي أنكر الأيادي التي تع
رفها الشمس والظلال الظليله

إن يكن ذا فقد برئت من الل
ه تعالى وخنت جهرًا رسوله

طوقونا أمر الكتاب فكانت
لقداح الظنون فينا مجيله

لا ورب الكتاب أنزله الل
ه على قلب من وعى تنزيله

ما رضينا بذاك فعلًا ولا جئ
ناه طوعًا ولا اقتفينا دليله

إنما سامنا الكتاب ظلوم
لا يرجى دفاعه بالحيله

سخط ناجز وحلم بطيء
وسلاح للوخز فينا صقيله

ودعوني ولست من منصب الح
كم ولا ساحبًا لديهم ذيوله

غير أني وشى بذكري واش
يتقصى أوتاره وذحوله

فكتبنا معولين على حل
مك تمحو الاصار عنا الثقيله

ما أشرنا به لزيد ولا عم
رو ولا عينوا لنا تفصيله

إنما يذكرون عمن وفيمن
مبهمات أحكامها منقوله

ويظنون أن ذاك على ما
أضمروا من شناعة أو رذيله

وهو ظن عن الصواب بعيد
وظلام لم يحسنوا تأويله

وجناب السلطان نزهه الله ع
ن العاب بالهدى والفضيله

وأجل الملوك قدرًا صفوح
يرتجي ذنب دهره ليقيله

فاقبلوا العذر إننا اليوم نرجو
بحياة السلطان منكم قبوله

وأعينوا على الزمان غريبًا
يشتكي جدب عيشه ومحوله

جاركم ضيفكم نزيل حماكم
لا يضيع الكريم يومًا نزيله

جددوا عنده رسوم رضاكم
فرسوم الكرام غير محيله

داركوه برحمة فلقد أم
ست عقود اصطباره محلوله

وانحلوه جبرًا فليس يرجي
غير إحسانكم لهذي النحيله

يا حميد الآثار في الدهر يا
ألطنبغا يا روض العلا ومقيله

كيف بالخانقاه ينقل عني
لا لذنب أو جنحة منقوله

بل تقلدتها شغورًا بمرسو
م شريف وخلعة مسدوله

ولقد كنت آملًا لسواها
وسواها بوعده أن ينيله

وتوثقت للزمان عليها
بعقود ما خلتها محلوله

أبلغن قصتي فمثلك من يق
صد فعل الحسنى بمن ينتمي له

واغنموا من مثوبتي ودعائي
قربة عند ربكم مقبوله

واصحب العز ظافرًا بالأماني
واترك العصبة العدا مفلوله

واعتمل في سعادة الملك الظا
هر أن تمحو الأذى وتزيله

وتعيد الدنيا لأحسن شمل
حين تضحي بسعده مشموله

واطلب النصر من سعادته يص
حبك دابًا في الظعن والحيلوله

وارتقب ما يحله بالأعادي
في جمادى أو زد عليه قليله

وخذوه فألًا بحسن قبول
صدق الله في الزمان مقوله

فلقد كان يحسن الفال عند ال
مصطفى دائمًا ويرضى جميله

إرسال تعليق

0 تعليقات