إذا الريح هبت من ربى العلم السعدي لـ عنترة بن شداد

إِذا الريحُ هَبَّت مِن رُبى العَلَمَ السَعدي
طَفا بَردُها حَرَّ الصَبابَةِ وَالوَجدِ

وَذَكَّرَني قَومًا حَفِظتُ عُهودَهُم
فَما عَرِفوا قَدري وَلا حَفِظوا عَهدي

وَلَولا فَتاةٌ في الخِيامِ مُقيمَةٌ
لَما اِختَرتُ قُربَ الدارِ يَومًا عَلى البُعدِ

مُهَفهَفَةٌ وَالسِحرُ مِن لَحَظاتِه
إِذا كَلَّمَت مَيتًا يَقومُ مِنَ اللَحدِ

أَشارَت إِلَيها الشَمسُ عِندَ غُروبِه
تَقولُ إِذا اِسوَدَّ الدُجى فَاِطلِعي بَعدي

وَقالَ لَها البَدرُ المُنيرُ أَلا اِسفِري
فَإِنَّكِ مِثلي في الكَمالِ وَفي السَعدِ

فَوَلَّت حَياءً ثُمَّ أَرخَت لِثامَه
وَقَد نَثَرَت مِن خَدِّها رَطِبَ الوَردِ

وَسَلَّت حُسامًا مِن سَواجي جُفونِه
كَسَيفِ أَبيها القاطِعِ المُرهَفِ الحَدِّ

تُقاتِلُ عَيناها بِهِ وَهوَ مُغمَدٌ
وَمِن عَجَبٍ أَن يَقطَعَ السيفُ في الغِمدِ

مُرَنَّحَةُ الأَعطافِ مَهضومَةُ الحَش
مُنَعَّمَةُ الأَطرافِ مائِسَةُ القَدِّ

يَبيتُ فُتاتُ المِسكِ تَحتَ لِثامِه
فَيَزدادُ مِن أَنفاسِها أَرَجُ النَدِّ

وَيَطلَعُ ضَوءُ الصُبحِ تَحتَ جَبينِه
فَيَغشاهُ لَيلٌ مِن دُجى شَعرِها الجَعدِ

وَبَينَ ثَناياها إِذا ما تَبَسَّمَت
مُديرُ مُدامٍ يَمزُجُ الراحَ بِالشَهدِ

شَكا نَحرُها مِن عَقدِها مُتَظَلِّم
فَواحَرَبا مِن ذَلِكَ النَحرِ وَالعِقدِ

فَهَل تَسمَحُ الأَيّامُ يا اِبنَةَ مالِكٍ
بِوَصلٍ يُداوي القَلبَ مِن أَلَمِ الصَدِّ

سَأَحلُمُ عَن قَومي وَلَو سَفَكوا دَمي
وَأَجرَعُ فيكِ الصَبرَ دونَ المَلا وَحدي

وَحَقِّكِ أَشجاني التَباعُدُ بَعدَكُم
فَهَل أَنتُمُ أَشجاكُمُ البُعدُ مِن بَعدي

حَذِرتُ مِنَ البَينِ المُفَرِّقِ بَينَن
وَقَد كانَ ظَنّي لا أُفارِقُكُم جَهدي

فَإِن عايَنَت عَيني المَطايا وَرَكبُه
فَرَشتُ لَدى أَخفافِها صَفحَةَ الخَدِّ

إرسال تعليق

0 تعليقات