ليل بذي الأثل عناني تطاوله لـ البحتري

لَيلٌ بِذي الأَثلِ عَنّاني تَطاوُلُهُ
أَرى بِهِ مُقبِلًا قِرنًا أُنازِلُهُ

وَقَد أَبيتُ وَفي باعِ الدُجى قِصَرٌ
بِزائِرٍ قَرُبَت أُنسًا مَخائِلُهُ

إِذ لا وَسيلَةَ لِلواشي يَمُتُّ بِها
مَعَ الصِبا وَهوَ غَضّاتٌ وَسائِلُهُ

أَواخِرُ العَيشِ أَخبارٌ مُكَرَّرَةٌ
وَأَقرَبُ العَيشِ مِن لَهوٍ أَوائِلُهُ

يَفنى الشَبابُ إِذا ما تَمَّ تَكمِلَةً
وَالشَيءُ يَرجِعُهُ نَقصًا تَكامُلُهُ

وَيُعقِبُ المَرءَ بُرءً مِن صَبابَتِهِ
تَجَرُّمُ العامِ يَأتي ثُمَّ قابِلُهُ

إِن فَرَّ مِن عَنَتِ الأَيّامِ حازِمُها
فَالحَزمُ فَرُّكَ مِمَّن لا تُقاتِلُهُ

فَإِن أَرابَ صَديقي في الوِدادِ فَكَم
أَمسَيتُ أَحذَرُ ما أَصبَحتُ آمُلُهُ

يَكفيكَ مِن عُدَّةٍ لِدَهرِ تَجعَلُها
ذُخرًا سَماحُ أَبي بَكرٍ وَنائِلُهُ

يَبيتُ مِن بَينِهِم وَهوَ المَحوزُ لَهُ
عالي الفَعالِ وَلِلحُسّادِ سافِلُهُ

قَد أَفرَدوهُ بِما يَختارُ مِن حَسَنٍ
فَما لَهُ فيهِمُ نِدٌّ يُساجِلُهُ

إِن نَحنُ جِئناهُ لَم تَكسُد بِضاعَتُنا
وَلَم يَحُل دونَ ما جِئنا نُحاوِلُهُ

مَتى تَأَمَّلتَهُ فَالعُرفُ مِن يَدِهِ
إِلى العُفاةِ قَويمُ النَهجِ سابِلُهُ

مُحَمَّلًا كُلَّ يَومٍ مِن نَوائِبِهِم
ثِقلًا يُزاوِلُ مِنهُ ما يُزاوِلُهُ

لَم نَعدُ بَغدادَ لَولا حَظُّنا مَعَهُ
وَلَم نُرِد واسِطًا لَولا نَوافِلُهُ

يَعرى مِنَ المالِ أَفضالًا وَنُلبِسُهُ
وَشيًا مِنَ المَدحِ لَم تُخلِق مَباذِلُهُ

نُريهِ كَيفَ نَسيمُ الشُكرِ مُحتَضَرًا
أَكنافُهُ وَيُرينا كَيفَ نامُلُهُ

دَعِ الَّذي فاتَتِ العَلياءَ بَسطَتُهُ
يَموتُ غَيظًا وَنَل ما أَنتَ نائِلُهُ

تَعلو بِبَيتِكَ مَروُ الشاهِجانِ وَقَد
يُزادُ فَضلًا بِفَضلِ البَيتِ آهِلُهُ

ما أَحسَنَ الغَيثَ إِلّا ما حَكاكَ بِهِ
تَهتانُهُ وَاِقتَفاهُ مِنكَ وابِلُهُ

وَلَيسَ لِلبَدرِ إِلّا ما حُبيتَ بِبِ
أَن يَستَنيرَ وَأَن تَعلو مَنازِلُهُ

إرسال تعليق

0 تعليقات